رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة النوايا الطيبة!


بتوقيع قادة وممثلى دول مجلس التعاون الخليجى على البيان الختامى لـ«قمة العُلا»، انتهى اجتماع المجلس الأعلى، الذى ترأسه محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. وقيل إن ذلك الاجتماع ناقش ملفات التعاون الخليجى، وملف إيران وبرنامجها النووى، وتطبيع العلاقات بين دول الرباعى العربى، الداعية لمكافحة الإرهاب، ودويلة قطر، بعد مقاطعة، أو إجراءات تأديبية، استمرت ٤٢ شهرًا بالتمام والكمال.
المجلس الأعلى يعقد اجتماعًا سنويًا، لمناقشة التقدم الذى تم إحرازه بشأن التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء على المستويات الاقتصادية والتجارية والتعليمية والثقافية. ومع أن البحرين تترأس الدورة الحالية، الدورة رقم ٤١، إلا أن السعودية استضافت أمس، الثلاثاء، اجتماع المجلس الأعلى، الذى كان متوقعًا أن يشارك فيه قادة وزعماء الدول الست الأعضاء، لكنهم أرسلوا من ينوب عنهم، باستثناء الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة، الذى شارك بنفسه وقام، مشكورًا، بتثمين دور القيادة المصرية ودعمها لقضايا المنطقة.
مساء أمس الأول، الإثنين، أى قبل الاجتماع بساعات، أقلعت طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية من مطار الملكة علياء الدولى بالعاصمة الأردنية عمّان إلى الدوحة، وأظهرها موقع الطيران العالمى «فلايت رادار»، وهى تدخل الأجواء السعودية، بعد قرار إعادة فتح الحدود بين المملكة والدويلة، الذى رحبت به الخارجية الأمريكية، وقال المتحدث باسمها لقناة «الحرة» إن حل الخلاف الأوسع، بين الدول الأربع وقطر، سيكون فى مصلحة الولايات المتحدة.
المهم، هو أن الاجتماع انعقد، وتحدث محمد بن سلمان، فى كلمته، عن ضرورة توحيد الجهود للنهوض بالمنطقة ومواجهة التحديات التى تحيط بها، وخص بالذكر التهديدات التى يمثلها البرنامج النووى للنظام الإيرانى وبرنامجه للصواريخ الباليستية ومشاريعه التخريبية التى يتبناها، وما يقوم به وكلاؤه من أنشطة إرهابية وطائفية هدفها زعزعة الأمن والاستقرار فى المنطقة و... و... ولا نعرف كيف نزلت هذه الكلمات على تميم بن حمد، الذى قام فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، بإرسال وزير خارجيته لتقديم العزاء فى قاسم سليمانى، قائد «فيلق القدس» التابع للحرس الثورى الإيرانى، بعد قيام الولايات المتحدة بتصفيته فى العراق!.
لعلك تعرف، أيضًا، أن ثلاثى الشر، أو التحالف الإيرانى التركى القطرى، ما زال يواصل لعبه القذر ضد دول المنطقة، سواء عبر أذرعه الإعلامية أو عن طريق عملائه، أو باستخدام التنظيمات الإرهابية، التى يحتضنها ويدعمها بالمال والسلاح ويوفر لها الملاذات الآمنة. ومن بين النكات السوداء، أيضًا، أن الديوان الأميرى القطرى، زعم أن «حضرة صاحب السمو» تميم بن حمد آل ثانى، «أمير البلاد المفدى»، ترأس وفد دولة قطر المشارك فى الاجتماع، بينما قال الواقع إن الرئيس الفعلى لذلك الوفد كان جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكى، الذى قيل إن إدارته تريد أن يكون حل الأزمة القطرية هو إنجازها الأخير قبل مغادرتها البيت الأبيض!.
اتفاق، أو «بيان العُلا»، الذى تم توقيعه أمس، أكد على أهمية التضامن الخليجى والعربى والإسلامى، وتعزيز أواصر الود والتآخى بين دول المجلس وشعوبه، و... و... ولا نعتقد أن التوقيع القطرى على الاتفاق، أو البيان، سيكون أكثر قيمة من توقيعها على اتفاق الرياض سنة ٢٠١٣، وعلى الاتفاق التكميلى وآلياته التنفيذية سنة ٢٠١٤، وكلاهما ذهب مع الريح!.
منذ أيام، أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسى عن خالص تقديره ودعمه للجهود الكويتية الصادقة، لتحقيق المصالحة المنشودة، وكذلك الدور السعودى المقدر بالإنابة عن دول الرباعى العربى. لكنه أكد على ثوابت السياسة المصرية لتحقيق التعاون والبناء ودعم التضامن العربى كنهج استراتيجى راسخ، وشدّد على أهمية الالتزام بالنوايا الصادقة لتحقيق المصلحة المشتركة.
عن «النوايا»، أيضًا، تحدث بيان الخارجية المصرية، بعد توقيع سامح شكرى على «بيان العُلا». كما جدّد البيان التأكيد على حرص مصر الدائم على التضامُن بين دول الرباعى العربى، وتوجهها نحو تكاتف الصف، وإزالة أى شوائب بين الدول العربية الشقيقة، ومن أجل تعزيز العمل العربى المشترك فى مواجهة التحديات الجسام التى تشهدها المنطقة، انطلاقًا من علاقات قائمة على حُسن النوايا وعدم التدخُل فى الشئون الداخلية للدول العربية.
النوايا الطيبة لا تكفى وحدها، ويُقال إن الطريق إلى جهنم مفروش بها. وعليه، وحتى لا نذهب، مع الذاهبين إلى جنهم، عبر هذا الطريق، علينا أن نجيب عن أسئلة عديدة من عينة: هل ستتخلى قطر عن تحالفها مع إيران وتركيا؟ وهل ستتوقف عن دعم الإخوان والقاعدة وداعش والحوثيين وباقى التنظيمات الإرهابية؟ وهل ستوقف «الجزيرة»، وأخواتها وفروعها، حملاتها ضد دول الرباعى العربى؟ وإجمالًا، هل يمكن أن تمتنع العائلة الضالة، التى تحكم قطر بالوكالة، عن لعب الدور المرسوم لها، قبل الحصول على موافقة، أو إذن، الإدارة الأمريكية المقبلة؟!.