رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد سامي: الصليبيون هم من ابتدعوا جهاد النكاح.. وكتابي القادم عن المماليك (حوار)

أحمد سامي
أحمد سامي

صدر له كتابي عقول تزور التاريخ وخبايا العصور الوسطى، هو الباحث التاريخي أحمد سامي، والذي كشف الكثير في كتابه الأخير متناولا حقائق تاريخية أوردها بالمصادر عن الصليبيين والمسلمين الأوائل وغيرها.

التقت "الدستور" بالباحث أحمد سامي، وكان هذا الحوار..

ـ صدر لك عقول تزور التاريخ عام 2015، وخبايا العصور الوسطى عام 2020، فترة كبيرة جدا ما بين الكتاب الاول والثاني.. ما هو السر؟

السر هو أن كتابي عقول تزور التاريخ لما صدر في 2015 لم يحقق ما كنت أرجوه من انتشار، ولهذا رأيت أن أتوقف قليلا وأعيد تفكيري في كتابة كتاب جديد يتناول قضايا تاريخية بشكل موسع أستوفي فيه المعلومات التاريخية من مصادرها الكثيرة، وهذا ما جعل الفترة تطول حتى خرج كتابي الثاني خبايا العصور الوسطى من دار نون للنشر.

ـ قلت أن الصليبيين هم أول من ابتدعوا جهاد النكاح.. كيف هذا؟

بالفعل الصليبيين هم أول من ابتدعوا جهاد النكاح، وهذه التهمة التي يحاول الغرب أن يلصقها بتاريخ المسلمين حقدا وكرها لحضارتنا العظيمة وتشويها لها، فقد ذكر المؤرخ ابن العماد الأصفهاني، وأيضا المؤرخ أبو شامة المقدسي وكانا معاصرين للحملات الصليبية أنه في حصار مدينة عكا من قبل الصليبيين في الحملة الصليبية الثالثة سنة 585ه-587ه1189م-1192م أنه قد وصلت مركب وكان بها حوالي 300 امرأة فرنجية جميلة اجتمعن من جزر البحر، وكان قصدهن تسهيل أنفسهن لجنود الفرنج، ويعتبرن هذا النوع من النكاح من التقرب إلى الله وأنه من أفضل القربات، وقد نظر لهم المسلمين على أنه قلة دين ونخوة فلو كان هذا النوع من الزنا معروفا في تاريخنا ما استنكروه المؤرخين المسلمين.

ـ قلت أن هناك أهرام هدمت في عصر صلاح الدين الأيوبي لاستخدام أحجارها في أبنية أخرى، وذكرت قصة كسر أنف أبو الهول.. كيف كانت نظرة صلاح الدين للآثار المصرية خصوصا وأنه اتهم بمحاولة هدم الأهرام؟

بداية لابد من توضيح نقطة مهمة حول القيمة التاريخية والاقتصادية للآثار في ذلك العصر، فلم تكن لهذه الآثار هذه القيمة التاريخية لدى أهل هذا الزمان مثل ما لها اليوم، فقد كان ينظر اليها على أنها من بقايا الأولين وعلى سبيل الاعتبار والعظة، وأما عن مسألة استخدام صلاح الدين لحجارة الأهرام في البناء، فقد ذكر المقريزي أن بهاء الدين قراقوش قد استخدم بالفعل حجارة الأهرام ولكن الأهرام الصغيرة التي كانت مهدمة بالفعل، فقد بنى من هذه الحجارة أعظم عمائر القاهرة وهي قلعة الجبل المعروفة بقلعة صلاح الدين، وقناطر الجيزة التي كانت أعجوبة معمارية في وقتها، وأيضا بنى منها سور القاهرة، وهكذا نرى أن تهمة هدم الأهرام من قبل السلطان الناصر صلاح الدين لا أساس لها من الصحة.

ـ ذكرت الكثير من الدسائس والمؤامرات التي حفل بها كل عصر.. بم تفسر هذا؟

بلغت الدولة الإسلامية في ذلك الوقت من القوة المادية والعسكرية ما جعل الغرب يهاب أن يواجهها مباشرة، ولهذا لجأت الى دس الدسائس وعمل المؤامرات من خلال استقطاب من تراه أهلا لتنفيذ خططها في تدمير الدولة الإسلامية من الداخل، وهذا ما فعله الصليبيين عندما أتوا الى الشرق فقد تعانوا مع الأمراء المنشقين عن الخلافة العباسية وعن سلطنة السلاجقة فتعانوا معهم، وهذا سهل على الصليبيين النجاح في تحقيق أهدافهم وهو احتلال القدس وأجزاء كبيرة من بلاد الشام بل وحاولوا احتلال مصر أكثر من مرة.

ـ كتابك خبايا العصور الوسطى كان يضم خمس حقب زمنية منها الصليبيين والفاطميين والأيوبيين، لماذا لم يكن هناك كتاب لكل حقبة ؟

كتب التاريخ التي تتكلم عن كل حقبة تاريخية موجودة بالفعل، ولكني أحببت أن تكون كتابتي عن التاريخ مختلفة قليلا، فقد رأيت أن الكتابة عن قضايا مختلف عليها في كل حقبة تاريخية فيه جذبا أكثر لقراء ومحبي التاريخ، ومن خلال مناقشة هذه القضايا يمكن أن أجعل القراء يحبوا التاريخ والبحث فيه أكثر، وبالتالي ينمى لدى القارئ مهارة القراءة والنقد بنفسه فيصعب خداعه أوتشويه تاريخه.

ـ ظهر فن "خيال الظل" للطبقة الحاكمة فقط، وبعدها انتشر ليصبح وبالًا على الطبقة الحاكمة ساخرا ومستهزئا بالحكام.. كيف تفسر هذا؟

يمكن تفسير انتشار فن خيال الظل بين عامة الشعب بعد أن كان مقتصرا على الطبقة الحاكمة وعلية القوم في عهد الفاطميين بمصر، أن السلاطين الأيوبيين والمماليك لم يهتموا كثيرا بهذا الفن بسبب الحروب ضد الصليبيين والتتار بعد ذلك، فقد كان جل همهم منصبا في هذا الاتجاه ولهذا لم يجد أصحاب هذا الفن سوى جماهير العامة من الشعب المصري يتوجهون إليه بفنهم، وقد لاقى هذا الفن رواجا عظيما لدى العامة من خلال مشاهدة عروضه التي تتسم بالسخرية اللاذعة من كل صور الفساد في المجتع بداية من رأس الحكم الى الأمراء والولاة، ولهذا قام بعض السلاطين من معاقبة أصحاب خيال الظل مثل السلطان المملوكي الظاهر جقمق الذي قام في سنة 855ه من حرق دمى خيال الظل كلها وأخذ عليهم العهد بعدم إقامة مسرحيات خيال الظل مرة أخرى، وهذا بالتأكيد بسبب سخرية هذه المسرحيات ونقدهم لسلبيات عصره.

ـ هل تحتاج مناهجنا الدراسية في رأيك إلى إعادة قراءة للتاريخ وتغيير لما يتم تدريسه للطلاب في المراحل المختلفة؟

بالتأكيد تحتاج مناهجنا الدراسية لإعادة قراءة وترتيب للمواد التاريخية التي تدرس في مدارسنا، فما يدرس للطلاب في كافة مراحل التعاليم معلومات بسيطة جدا الهدف منها هو الحفظ فقط وليس الإستفادة من أحداث التاريخ وفهمه على وجهه الصحيح، ولهذا يكره الطلاب مادة التاريخ ويرونها مادة غير شيقة أو ممتعة.

ـ ما هو رأيك في الدراما التاريخية وهل يمكن النظر إليها باعتبارها مرجع ؟

لا يمكن اعتبار الدراما التاريخية مرجع تاريخي بأي حال من الأحوال، فالعمل الدرامي الغرض منه هو عرض قصة تاريخية بطريقة الحبكة الدرامية، وليس الهدف منها عرض توثقي للتاريخ بشكل صحيح، ولهذا نرى تغيير لكثير من الأحداث التاريخية أو عرضها بشكل مخالف لما هو مكتوب في كتب التاريخ، ولهذا لابد أن نرى الدراما التاريخية على أنها عمل درامي مستوحى من أحداث تاريخية وليس مرجع تاريخي يرجع إليه لمعرفة التاريخ الصحيح.

ـ ما هي الكتب التي ينصح بها أحمد سامي للقراءة في التاريخ؟

هناك الكثير من كتب التاريخ وهي مختلفة باختلاف الحقب التاريخية التي تتناولها، فعلى القارئ أولا أن يعرف ماذا يريد أن يقرأ في التاريخ، ولكن أنصح من يرغب في قراءة تاريخ المغرب والأندلس أن يقرأ كتب الدكتور حسين مؤنس رحمه الله، وكتب الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور رحمه في العصور الوسطى، والدكتور قاسم عبده قاسم في تاريخ الحروب الصليبية، فهي ممتازة لكل من يريد أن يبدأ بالقراءة في التاريخ الإسلامي.

ـ ما هو المشروع الجديد الذي يعمل عليه أحمد سامي؟

حاليا هناك مشروع مع دار نون للنشر لم انته منه بعد يتناول تاريخ المماليك، ولكنه جزء خاص من تاريخهم أحاول أن أتناوله بشكل مبسط، وأرجو من الله أن ينال إعجاب القراء ويفيدهم.