رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عصام زكريا يكتب: في ختام مهرجان القاهرة السينمائي: سر الورد الذى قدمه رئيس لجنة التحكيم لـ«لبلبة»

عصام زكريا
عصام زكريا

اختتم مهرجان القاهرة ٤٢ أعماله بحفل توزيع الجوائز ليلة الخميس الماضى، فى دورة شهدت الكثير من الأفلام الجيدة، فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها صناعة السينما خلال ٢٠٢٠، وصعوبة العثور على أعمال جيدة، كما شهدت أيضًا بعض المشاكل التنظيمية التى لا يُسأل عنها فريق المبرمجين، ولكن الجهات والأشخاص المسئولون عن التنظيم، خاصة فيما يتعلق بعدم توافر قاعات كافية للعروض وعدم توافر التذاكر، فيما وصف بأنه دورة «السولد أوت»، ومن المدهش أن القاعات كانت تحتوى على عشرات المقاعد الشاغرة، فيما الناس لا تجد تذاكر فى الخارج. كما شابت الدورة بعض الفضائح والشائعات منها اتهام أحد المخرجين المشاركين فى المسابقة بالتحرش والاغتصاب، وهو منظر نراه لأول مرة فى مصر، مع أننا شاهدنا مثله فى أمريكا وأوروبا كثيرًا خلال السنوات الماضية.

حفيدة يوسف شاهين تفوز بجائزة أفضل فيلم
فى العام الماضى شارك فيلم «احكيلى» للمخرجة ماريان خورى فى المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة»، وهو فيلم وثائقى يتناول العلاقة بين المخرجة وأمها، شقيقة المخرج الراحل يوسف شاهين، والفيلم مروى كحوار بين المخرجة وابنتها.
من الطريف أن يشهد مهرجان القاهرة فى دورته الأخيرة فصلًا جديدًا من القصة، وعضوًا جديدًا من العائلة «الشاهينية» ينضم إلى مجال السينما، وهو سارة الشاذلى ابنة ماريان خورى، التى يمكن اعتبارها حفيدة ليوسف شاهين، ومن الطريف أن سارة مشغولة أيضًا بالحديث عن أمها، أو بالأدق، بعلاقة الأمهات والبنات.
شاركت سارة بفيلمها القصير «إيزابيل» فى مسابقة سينما الغد للأفلام القصيرة، وحصلت عنه على جائزة أفضل فيلم، لتثبت أن ابن الوز، أحيانًا، يكون عوامًا!
فى «إيزابيل» تسرد سارة الشاذلى قصتها دون حوار تقريبًا، الفيلم هو تدريب فى مدرسة سينما فى كوبا، وواضح أن الدرس هو كيفية التعبير دون الاعتماد على الحوار والكلمات، ولا الأحداث الدرامية الكبيرة، كيف تعبر عن مشاعر شخصيتك وما يدور فى ذهنها وقلبها بالصورة فقط، وهذا هو ما تنجح فيه سارة الشاذلى، حتى لو بدا الفيلم غامضًا أو باردًا بعض الشىء. الفيلم يتتبع حياة طفلة صغيرة فى المدرسة، وفى البيت مع أمها، التى تتلقى مكالمة تليفونية لا نسمعها، ثم نراها تحزم حقائبها للسفر بعد ذلك، ثم نرى الفتاة فى اليوم التالى تقوم الأم بتوصيلها للمدرسة، والطفلة شاردة فى الفصل، ثم الطفلة فى البيت مجددًا مع خادمة لا نرى وجهها، نحن لا نعرف بالضبط ماذا يدور، ولا طبيعة علاقة الابنة بأمها، وينبغى علينا فقط أن نقرأ الفيلم من خلال وجه الطفلة والجو المحيط بها.
شاهدت فيلمًا آخر لسارة الشاذلى اسمه «الأم»، فهو تدريب آخر فى المدرسة نفسها، ينتمى للنوع التجريبى، تقوم فيه باللعب بالكلمات والصورة لتجسيد المشاعر المعقدة التى تشعر بها فتاة تجاه أمها.
ما يلفت الانتباه هو الطرق الحديثة فى تعليم السينما التى تعتمد على التدريبات العملية وعلى تقنيات التعبير بالصورة، وأيضًا على ترك الطلبة يعبرون عن قصصهم وشخصياتهم بحرية، مع التركيز على تناول موضوعات ذاتية.

ترشيحات «الدستور» تحصد الجوائز

فاز فيلم «الأعراف»، أو «التيه»، الذى كتبت عنه بالأمس، بثلاث جوائز كبرى: الهرم الذهبى لأفضل فيلم، أفضل إسهام فنى للتصوير، وجائزة لجنة تحكيم النقاد الدولية «الفيبريسى» كأفضل فيلم مشارك فى المسابقة الرسمية.
كذلك فاز الفيلم المكسيكى «٥٠ حوتًا أو حوتان يجتمعان على الشاطئ» للمخرج خورخى كوتشى، الذى كتبت عنه أمس الأول، بجائزة أفضل سيناريو، ومن الطريف أن المخرج فى كلمته المصورة التى أرسلها عقب فوزه قال إنه يأمل أن ينبه الفيلم الأهالى للاهتمام بأبنائهم والحذر من تأثير الإنترنت وألعاب الفيديو القاتلة.
وفاز الفيلم المصرى «عاش يا كابتن» للمخرجة مى زايد بعدة جوائز، كما توقعنا له منذ أيام، هى الهرم البرونزى كأفضل عمل أول، كما فاز بجائزة الجمهور، وجائزة «إيزيس» كأفضل فيلم عن المرأة التى يمنحها صندوق مشاريع المرأة وتختارها لجنة تحكيم خاصة.
كذلك فاز الفيلم الفلسطينى «غزة مونامور» للأخوين عرب وطرزان ناصر بتنويه خاص من لجنة التحكيم، كما فاز بجائزة أفضل فيلم عربى بالمشاركة مع الفيلم اللبنانى الوثائقى «نحن من هناك» إخراج وسام طانيوس.
وفاز فيلم «مؤتمر» الروسى بجائزتين هما جائزة لجنة التحكيم الخاصة للمخرج إيفان تفردوفسكى، وأفضل ممثلة لناتاليا بافلينكوفا، والفيلم يعتمد على فكرة ألمعية هى إعادة تمثيل ما جرى لبعض الناجين من الحادث الإرهابى البشع الذى جرى فى أحد مسارح موسكو الكبرى منذ عدة سنوات، وراح ضحيته عدد كبير من الناس، ولكن الفيلم يتوقف عند البروفات والأحاديث التى تدور بين الممثلين أنفسهم عن الشخصيات وما جرى لهم!
وفاز الفيلم البلغارى «دروس اللغة الألمانية» إخراج بافيل فيسناكوف بجائزة أفضل ممثل لجوليان فرجوف، والحقيقة أنه فيلم بسيط، يروى قصة تقليدية حول رجل عنيف وسجين سابق تضيق به السبل، حيث لا يجد عملًا، ولا يستطيع الاقتراب من أبنائه بسبب حكم حصلت عليه زوجته السابقة، فيقرر الهجرة لألمانيا ويبدأ فى وداع أمه وأبيه المنفصلين وزوجته السابقة وأبنائه، وخلال الساعات الأخيرة قبل السفر تتضح له حقيقة مشاعره والأخطاء التى وقع فيها فى الماضى، ويعيد تشكيل علاقته بالواقع من جديد، والفيلم يعتمد بالكامل على أداء الممثل الذى حمل العمل على كتفيه.

خلافات وورد بين لجنة التحكيم

يبدو أن خلافات نشأت بين أعضاء لجنة التحكيم حول الجوائز، وقد أشرت فى مقال سابق لطبيعة التفكير المختلفة، والفهم المختلف للسينما، بين أعضاء اللجنة، وقد أشار رئيس اللجنة، المخرج الروسى ألكسندر سوكورف، لهذا فى بداية كلمته، عندما أشار إلى أن النقاشات كانت حامية جدًا أحيانًا، واعتذر لبعض الأفلام الجيدة التى لم تفز وطلب من أصحابها ألا يستاءوا من عدم فوزهم، ويبدو أنه كان يحاول أيضًا الاعتذار من لبلبة عن الخلافات داخل اللجنة عندما قام بتقديم باقة زهور لها وكلمات رقيقة على الهواء.
أعراض هذه الاختلافات بدت على بعض الجوائز، مثل جائزة أفضل ممثلة التى ذهبت مناصفة لإلهام شاهين، وشهادة تقدير «غزة مونامور». وقد بدا فى كلمة سوكورف حول جائزة الفيلم الأخير التى قال فيها إن الشهادة تشجيع للسينما الفلسطينية، إما أنه لا يعرف شيئًا عن السينما الفلسطينية، أو أنه كان يبرر عدم اقتناعه بالفيلم.. لكن بشكل عام يمكن أن نقول إن النتائج جاءت موفقة إلى حد كبير.
ومن الملفت أن تفوز إلهام شاهين بالجائزة مناصفة، وهو نفس ما حدث فى مهرجان الإسكندرية الماضى عندما فازت كارول سماحة بجائزة أفضل ممثلة مناصفة مع ممثلة إسبانية، وكانت إيناس الدغيدى رئيسة لجنة التحكيم.
منذ زمن طويل اعتاد الفنانون المصريون على دعم بعضهم وأصدقائهم فى لجان التحكيم، وقد شهدتُ وقائع كثيرة على ذلك داخل وخارج مصر، وللأسف أحيانًا يكون هذا الدعم مبالغًا فيه وليس له ما يبرره فنيًا.