رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عذبته فكتب لها «صافيني مرة».. حكاية لحن وصفه محمد الموجي بـ«الشؤم»

محمد الموجي
محمد الموجي

كنت أجتاز أزمة عاطفية شديدة، كنت أحب فتاة اتخذت من اللعب بالقلوب هواية، وقد كان قلبي أكبر لعبة في حياتها، كانت تعتبر الدلال أول مؤهلات العاشقة البارعة، كان دلالها يعذبني فأخفي عذابي ويقتلني، فأبتسم وفي القلب ما فيه، وكان صديقي المؤلف سمير محجوب يعرف القصة، وأوحت إليه قصتي بأغنية جميلة تقول كلماتها "صافيني مرة.. وجافيني مرة، ولا تنسانيش.. كدا بالمرة"، بهذه الكلمات بدأ محمد الموجي يحكي عن قصة أغنية صافيني مرة والتي شدا بها الفنان عبد الحليم حافظ.

وأضاف الموجي: "واهتزت أوتار قلبي وأنا أسمع، وقلت له "سألحنها"، فقد ألفها من أجلي، وإن لم يقل ذلك في حينه، وكنت وقتها أقود فرقة موسيقية متواضعة في ملهى البوسفور، وكنت أجلس في المقهى حتى يحين دور الفرقة، وسمعت موسيقى الجاز الصاخبة، التي تعزفها فرقة أخرى، وجلست والورقة أمامي، ومطلع اللحن بين شفتي أدندن به في تلك الليلة حتى انتهيت من وضع اللحن.

وجاء سمير ليسمع اللحن، وبعد انتهاء الفرقة سرنا من ميدان المحطة إلى العباسية، وهو يستمع كالحالم، وحين انتهيت منه وجدته يردد الكوبلية الأول، وينتهي هو فأبدأ أنا في الدندنة، والنسيم من حولنا والمارة في الطريق لا يعكرون صفونا، وحين وصلنا إلى بيتي كان اللحن قد تم.

وتابع الموجي: "نمت وأنا أحلم بباقي الأغنية واستيقظت في الحادية عشرة وكنت على موعد مع البنت التي تلعب بقلبي، ويبدو أن فكرة الذهاب إليها أوحت بشيء، جلست في الترام بين ركاب الدرجة الثانية الذين لا يكفون عن الحديث، وانتهى الكوبلية الثاني في الترام".

وأردف: "فكرت أن أقدم اللحن لمطرب كبير في تلك الآونة، ووافق المطرب على أن أذهب إليه في موعد محدد، وذهبت وقلبي يرقص، وجل المطرب يستمع وقرات رأيه على وجهه ولكنه أراد التأكيد فقال: "لا يا أستاذ.. أنا عاوز لحن وده كلام فارغ".

واستكمل حكايته قائلا: خرجت من بيته ومضت على هذا الحادث عدة شهور، حين قابلت عبد الحليم حافظ وكان مطربًا جديدًا صاعدًا، وسمع مني اللحن وقال: "ده لحن عظيم"، وجاءني عبد الحليم ذات يوم ليقول: "أنا حغني صافيني مرة"، قلت له: "لقد كانت هذه رغبتي منذ البداية"، قال: "انسى الذي مضى، وسنسجل الأغنية الأسبوع المقبل"، وسمعت صافيني مرة بصوت عبد الحليم، وكان في صوته التوسل الذي أريده، والقوة التي أحلم بها، والرقة التي تتركك حالمًا بعد أن ينتهي من اللحن.

وأشار: "سجلنا اللحن، وقدمناه إلى الإذاعة، وانتظرنا إذاعته طويلًا حتى نفد صبري، فقلت لنفسي: "إنه لحن مشئوم"، ولكني كنت أشتاق إليه، وكلما قابلت عبد الحليم طلبت منه أن يغنيه، ثم جاءت حفلات التحرير في حديقة الاندلس، ووقف عبد الحليم أمام الميكروفون ليغني للجمهور، وكانت الحفلة مذاعة".

واختتم قائلا: "كنت وراء عبد الحليم أقود الفرقة الموسيقية، وهمست في أذنه والموسيقيون يصلحون الأوتار: "عبد الحليم.. صافيني مرة"، فرد: "كدا على طول قبل ما الناس تسمعها مذاعة؟"، فقلت له:" دي فرصة"، فقال: "لكن"، فقاطعته: "ملكنش.. الموسيقيين حايشتغلوا صافيني مرة"، ونجح اللحن ونجح عبد الحليم"، كما ذكر محمد الموجي على صفحات مجلة الكواكب.