وديع مراد: أنا من نوادر الطرب العربي الأصيل.. والفنانون المصريون «قوت حياتنا» (حوار)
برز المطرب السوري وديع مراد على الساحة الغنائية في الوطن العربي مع مطلع العام 2000، ليحتل مساحة واسعة ويحقق نجاحا بالغًا خلال مسيرته الفنية التي قدم خلالها العديد من الأغاني والألبومات الناجحة أبرزها "قمر الزمان، السنين، لاتنحني، ساكت".
مرت مسيرة "مراد" الفنية بالعديد من المحطات بداية من الغناء في الملاهي الليلية إلى أن تعاقدت معه محطة إذاعية في لبنان، والتي أنتجت له عملًا ضم سبع أغان من بينها "حلوة الدني"، بعدها تعاقد مع "روتانا" للإنتاج الفني والتوزيع، عن طريق شركة مركزها في "لوس أنجلوس" تعرف بـ"تايك ميزوك"، وحُدّدت مدة العقد مع شركة الإنتاج بخمس سنوات، غير أنّه فُسخ بعد صدور عمل واحد وهو "عاشق مجنون".
وديع مراد تحدث لـ"الدستور"، عن بداية مسيرته الفنية، كما يكشف الأسباب وراء الغياب عن الساحة الغنائية في السنوات الأخيرة.
- أين كانت بدايات وديع مراد وكيف ظهر على الساحة الغنائية؟
بدايةً أودُ أن أعرف عن هويتي الشخصية لجمهوري العزيز إسمي "غارو مراد سفريان" الملقب فنيًا بوديع مراد، أرمني الأصل سوري الجنسية من مدينة القامشلي، في عمر السادسة عشر أنشأت مع أصدقائي فرقة موسيقية مصغرة للمشاركة ضمن فعاليات المدرسة التي كنت أتعلم فيها عام 1993، التحقت بخدمة العلم في مدينة حمص وأنهيت الخدمة عام 1995 خالل هذه الفترة تعرفت على فرقة موسيقية شرقية وتعاقدت معهم الحياء عدة مناسبات فنية، وكان كل ذلك خارج دوام الخدمة في صيف 1996 وبعد مرور سنة على إنهائي خدمة العلم، وتعاقدت مع أحد المطاعم التابعة لمنطقة سياحية تسمى مشتى الحلو، لمدة شهرين وتكرر العقد في صيف 1997 و1998.
ومن ثم انتقلت إلى لبنان في شتاء 1998 لاستمرار في مسيرتي الفنية بغيةً الوصول إلى طموحي للشهرة، وهنا تعرفت ُعلى "وديع أبو جودة" مدير إذاعة صوت الغد، اتفقنا في ما بيننا على أن ينتج لي أغان، وأن يتسلم إدارة أعمالي، ومن هنا كانت بداية انطلاقتي نحو الشهرة من خلال إنتاج أول أغنية بعنوان "حلوة الدنيا"، من كلمات الشاعر الكبير إلياس ناصر رحمه هللا، ومن محبتي لشخص "وديع أبو جودة"، أسميتُ نفسي فنيا على اسمه وبات "وديع مراد".
- هل يعتبر "إلياس ناصر" من أسباب نجاح بعض الأغاني التي قدمتها في بدايتك؟
أؤكد أن بدايات نجاحاتي كانت من خلال المواضيع الجميلة التي قدمها "إلياس ناصر"- رحمه الله- والتي حققت لي شهرة واسعة وساهمت في بناء شعبية كبيرة، أذكرمنها "حلوة الدنيا، ساكت، قمر الزمان، عاشق مجنون، وحياتك عندي"، والأخيرة ما زالت تعرض على كل الإذاعات العربية حتى يومنا هذا.
- ما تأثير "مجد الحسيني" على شخصية "وديع مراد" الفنية؟
ذكرتُ في حواري أنني من جذور أرمنية الأصل ولنا لغتنا وتراثنا الموسيقى الخاص بنا، ومن النادر جدًا أن يوجد في الساحة العربية شخصٌ من جذور أرمينية يتقنَ فن غناء الطرب العربي الأصيل، ففي سن الخامسة من عمري تأثرتُ بـ "مجد الحسيني"، من خلال عزفه على آلة الكيبورد في تقديمه معزوفة الأغنية "ليلة حب" للسيدة أم كلثوم، وطلبتُ من والدي أن يشتري لي "كيبورد" للتعلم عليه، فعل ذلك وبدأت بالتعلم على العزف وأول معزوفة لي كانت أغنية "ليلة حب" لـ أم كلثوم وأغنية "ع هدير البوسطة" لـ فيروز.
ادعيت 2018 أن فنانا مصريا سرق أغنية "الدنيا مصالح"، ما تفاصيل الواقعة؟
في بدايات العام 2017 كنت بصدد التحضير لأغنية جديدة بعنوان "الدنيا مصالح"، وهي من كلمات الشاعر اللبناني منير الزند وألحان ربيع عازوري، غنيتها خلال جلسة خاصة مع بعض الأصدقاء وأحببت تحميلها على طبيعتها على "اليوتيوب"، وهي على منصة الفيديوات منذ 23 من شهر أبريل 2017، حققت رواجا كبيرا خاصة في مصر وقد غناها الكثير من المغنيين في الكثير من الحفلات، كما هو واضح إذا أجريتم بحثا بسيطا على اليوتيوب، كنت فرحا وفخورا بنجاحها حتى قبيل تسجيلها رسميا في الأستوديو، بعدها في بدايات العام 2018، فوجئت بأحد المغنيين المصريين وقد سجلها في استوديو وصورها فيديو كليب ونشرها على اليوتيوب في الأول من يناير 2018، ولم يكتف بذلك، إنما وصفا بأغنيته الجديدة الخاصة، وغير اسم الشاعر والملحن ونسبها إلى غير أصحابها الحقيقيين.
حينها اتصلت بنقابة الفنانين في مصر بهدف إبلاغهم بما حدث لا أكثر ولا أقل، ولم أرغب بإثارة الموضوع كثيرا حتى لا أساهم بتسويق ذلك الشاب بطريقة غير مباشرة، والذي اتحفظ على ذكر اسمه، حتى اليوم أجهل من يقف وراء سرقة تلك الأغنية، هل هو المغني الشاب أم شركة الإنتاج التي أنتجتها له؟.
ما الأسباب وراء غياب وديع مراد عن الساحة الفنية لفترات طويلة؟
أسباب كثيرة وراء إطالالتي، لن أقول غيابي عن الساحة الغنائية وخاصة العربية، وقد تمنعت عن ذكرها لجميع وسائل الإعلام في الأعوام الماضية، لكن أعد جمهوري العزيز بأن أذكرأسباب غيابي في الوقت المناسب، والذي لم يكن غيابا كاملا، كنت دائما أحيي حفالت منوعة مختارة في الدول الأوروبية وأستراليا للجاليات العربية، وساهمت ظروف الدول العربية المؤلمة بتقليل نشاطي في الوطن العربي، إضافة للظروف الشخصية الأخرى كما ذكرت، على أمل أن أطلع الجمهور عليها كاملة في الوقت المناسب، وأود التذكير بأنني خلال هذه الفترة طرحت عدة أغنيات منفردة، منها "بنات العرب، الحب الغالي، حبيب الملايين، الدنيا مصالح، لحظة ضعف وغيرها"، كما أصدرت أغنيتين وصورتهما فيديوكليب هما "حلوة الحلوات، والمكاتيب".
- غنى وديع مراد الكثير من الألوان، حدثنا عنها
خلال مسيرتي غنيت الكثير من الألوان، ويجب على الفنان أن يتمكن من أداء معظمها وحتى اللهجات، كما لكل لون خصوصياته الفنية والإيقاعية، غنيت اللبناني "كالسيك ودبكة"، مصري "طرب وشعبي"، تونسي، خليجي، عراقي، أردني، فلسطيني،يوناني، أرميني، سرياني، آشوري، كردي، سوري "شعبي، سواحلي، مردلي وجزراوي"، القصيدة "الفصحى".
- أي لون يشبه شخصية وديع مراد، وأي عمل تعتبره الأقرب لقلبك؟
الألوان الكلاسيكية التي أحبني الجمهور من خلالها، وتلك الأعمال التي تلامس واقع المجتمع، أما أقربها إلى قلبي وكأنك تسأل "أب أي طفل تحب أكثر من بين أولادك، فإجابتي أن كلها جزء من شخصيتي الفنية ولكل أغنية نكهتها الخاصة في حياتي.
- هل ستقدم أعمال جديدة ومختلفة مثل ما قدمت سابقا؟
طبعا دائما أجتهد في مسيرتي الفنية لأقدم الأفضل والجديد، وأنا الآن بصدد التحضير لأغنيتين مختلفتين في اللون واللهجة، الأولى لون لل يعرفه الفن العربي إلا على نطاق ضيق من منطقة الجزيرة في سوريا، ويعرف باللون "الجزراوي" بعنوان "حالكي مو يتنسي"،والثانية فهي باللهجة المصرية، وأترك تفاصيلها مفاجأة لاحقا.
- كيف يختار وديع مراد أغانيه على مستوى الكلمة واللحن؟
أتبع سياسة النوعية وليس الكمية، وذلك يتطلب مني جهدًا كبيرًا من المسؤولية بانتقاء الكلمات والألحان التي تتناسب مع جميع الأعمار، كما أنني أبحث دائما على المواضيع الجديدة والهادفة مع الكلمة الجميلة، وألحان متميزة بعيدة عن التكرار أو الإيقاعات التي كثر تكرارها في معظم الأغاني الحديثة.
- هل أسلوب اختيار الأغاني وراء قلة الإنتاج أم هنالك أسباب أخرى؟
أسلوب اختيار الأغاني يكمن في شخصية وخبرة الفنان، وطبعا أسلوب الاختيار والبحث الدائم عن كل جديد ليس بالأمر السهل، يعرض علي دائما أغان قد تكون جميلة ولكنني أتأنى الأختار، كما قلت سابقا جمال الأغنية واللحن إن كانت تقليدية ومكررة المواضيع قد تكون سبب عدم تبنيها، إنما الإنتاج فموضوع آخر وله نقاشه الخاص.
- يوحي ذلك باعتبار الفنان وديع مراد نفسه مظلوما من بعض شركات الإنتاج.. ما أسباب ذلك؟
بعض شركات الإنتاج تتبع سياسة التمييز والأولوية بين فنان وآخر من نوعية الإنتاج وطريقة تسويق الأعمال في الساحة الفنية، وهذا الأسلوب رفضته في السابق مع إحدى الشركات التي كنت متعاقدًا معها، وكانت النتيجة أنني ألغيت العقد معها وعملت على فتح شركة إنتاج خاصة تديرأعمالي تحمِلُ شعار "WM" منذ 2004، والتي أنتجت أعمال أذكر منها ألبومي "ضاع الهوى، قمر الزمان".
- هل أثر تواجدك في البلدان الأوروبية على شعبيتكم في الوطن العربي؟
قد تكون تأثرت في مكان ما، ولكن من خلال ملاحظاتي لنسبة عرض أغاني على الإذاعات كافة ومتابعة فريق عملي على منصات شبكات التواصل الاجتماعي ومنها الكم الهائل لتسجيلات منزلية لأغنياتي يغنيها الجيل الجديد ويحملها على المنصات ومشاركتها، هي دليل بأن شعبيتي ما زالت مستمرة رغم الانقطاع، وحدث معي العام الماضي بأنني استضفت ببرنامج تلفزيوني في تونس، ولا يمكنني أن أصف لك مشاعري عندما غنيت أغان قديمة وكيف تفاعل معها الحضور في الاستوديو وغنوا معي وقد حفظوها كاملة مع العلم بأن أكثرية الجمهور كان من جيل الشباب الحديث، وللمناسبة، كنا نتحضر هذه السنة لمجموعة مشاريع على صعيد كامل الوطن العربي ولكن جائحة كورونا جمدت كل شيء حاليا.
- البعض إلى لآن لا زال يخلط بينك وبين الفنان جورج وسوف، كيف ترى هذا؟
قد يكون الله عز وجل أعطانا صوتين متشابهين نوعا ما، ولكنني أثبت هويتي الفنية منذ بداياتي وحاولت جاهدا حتى أصل لهذه الهوية، كثر حاولوا تقليد الفنان جورج وسوف بالصوت والأداء رغم أن طبيعة خامتهم الصوتية الحقيقية تختلف تماما، هذا تقليد ليس أكثر، أنا ولدت مع هذه الخامة وأحمد الله على هذا، أما أن يخلط بعض الناس بيني وبين "سلطان الطرب" فساعتبره وساما على صدري.
- كيف هي علاقتك مع باقي الفنانين الآخرين؟
علاقة ود ومحبة واحترام متبادل.
هل تعرض وديع مراد للظلم من قبل الصحافة العربية لصالح فنانين آخرين؟
لا أعتبر نفسي ظلمت، كانت الصحافة العربية دائما إلى جانبي مشكورة مع كل جديد أقدمه، إلا أنني اتبع سياسة خاصة مع الصحافة مفادها أنه إن لم يكن لدي جديد أقدمه للجمهور لا أرى ضرورة للظهور العالمي، أنا اتجنب نشر نشاطاتي الفنية كأحيى الفنان وديع مراد حفلة هنا وسهرة هناك، ولا أحبذ فكرة نشر خصوصيات الفنان للقراء أين تعشى وماذا لبس وأين سافر وهكذا.
- بمن تأثر وديع مراد من الفنانين المصريين؟
لا شك بأن مصر والفن المصري عامة مدرسة تعلمنا منها كلنا، منارة أضاءت ثقافة وموسيقى وكلمة وأصوات كانت جواهر ثمينة لحياة أي إنسان عربي وليس فقط الفنان، كيف تفسر تأثر طفل في الخامسة من عمره بمجد الحسيني مثال، إن لم يكن يشاهد ويستمع لكوكب الشرق أم كلثوم؟، إلا أنني لا اعتبر نفسي تأثرت فنيا بأحد ما وانطبعت شخصيتي الفنية به، لي شخصيتي الخاصة فنيا، ولكن الفنانون المصريون أضحوا كقوتنا اليومي، نحتاج لسماعهم لنستمر في الحياة.
- بعد كل هذه السنوات الطويلة جدا كيف تقيم مسيرتك الفنية في الوقت الحالي؟
الفن عمل دؤوب وإصرار ومدرسة نتعلم منها باستمرار، كآلة العود هي طريق الفن، كلما عتق حن صوته، مع مرور الوقت ينضج الفنان ويصقل موهبته أكثر وأكثر، أصبحت أكثر دقة وصرت أركز على خياراتي، مسيرة أفتخر بها بكل مراحلها بحلوها ومرها وأطمح دائما لتقديم الفضل.
