رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصور جنازة عبدالناصر: سمعت القاهرة تصرخ فى صوت واحد "الله يرحمك يا جمال"

مصور جنازة عبدالناصر
مصور جنازة عبدالناصر

ما زال الزعيم جمال عبدالناصر يحمل أثرًا خالدًا فى وجدان الأمة العربية لن يطويه الزمن أو تمحوه السنوات، بل تزيده قوة وبقاء، وليس أدل على عظمته من مشهد جنازته الخالد.
ومن بين الملايين الذين شاركوا فى جنازة «عبدالناصر» أحد رواد التصوير السينمائى فى البحرين خليفة شاهين، الذى شارك فى توثيق جنازة الزعيم، وجاء إلى مصر بعد عشرات السنوات ليلتقى عائلة «ناصر» ويهديهم أعماله التسجيلية التى وثقت واحدة من أهم اللحظات الفارقة فى تاريخ مصر.

وشهد اللقاء الذى جمع بين المصور البحرينى وجمال خالد جمال عبدالناصر، حفيد الزعيم، حديثًا وديًا تناول العديد من التفاصيل الخاصة حول العلاقات بين القاهرة والمنامة فى عهد «ناصر»، وزيارته مملكة البحرين عام ١٩٥٥.

«الدستور» حاورت المصور البحرينى، ليسرد تفاصيل مشاركته فى جنازة «ناصر»، وأبرز اللحظات التاريخية التى قام بتوثيقها فى تاريخ مصر.

■ متى بدأت تجربتك مع التصوير؟
- بدأت العمل كمصور فى عام ١٩٥٧، فى شركة نفط البحرين «بابكو»، فى قسم التصوير السينمائى، الذى كان يديره فريق إنجليزى، وبعد مرور ٦ أشهر سافرت فى بعثة لإنجلترا لدراسة التصوير الفوتوغرافى والسينمائى والإخراج، وأنهيت دراستى عام ١٩٦٤، وبدأت فى صناعة أفلام تسجيلية، من خلال وحدة الأفلام البحرينية، وأنتجت ٦٨ شريطًا، إضافة إلى ٢٠ فيلمًا وثائقيًا.
■ كيف شاركت فى جنازة عبدالناصر؟
- كنت ضمن الوفد البحرينى المشارك فى الجنازة، الذى ترأسه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، ملك البحرين آنذاك، وكان فى استقباله الرئيس الراحل أنور السادات، وتحركنا إلى مجلس قيادة الثورة عبر نهر النيل، لأن الطرق كانت مغلقة بالبشر، وحرصت على توثيق كل أحداث الجنازة، منذ انطلاقها من مجلس قيادة الثورة إلى مسجد جمال عبدالناصر، مرورًا بكوبرى قصر النيل.
على كوبرى قصر النيل، تمركزت فوق قاعدة الأسد الموجود بالزاوية الشمالية الغربية، وكان الزحام شديدًا جدًا، ووصلت إلى ذلك المكان بصعوبة بالغة، وكان معى المساعد الخاص.
■ ما أهم لحظة رأيتها خلال الجنازة؟
- عند خروج الجثمان من مجلس قيادة الثورة حتى وصوله إلى كوبرى قصر النيل، سمعت ما لم أسمع مثله فى حياتى، رأيت الشعب المصرى يهتف فى صوت واحد «الله يرحم جمال.. الله يرحم جمال».
■ هل رصدت أى تفاصيل تخص الرؤساء المشاركين؟
- حضر الجنازة عدد كبير من رؤساء الدول، رأيت أمير الكويت والرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، والرئيس السودانى آنذاك جعفر النميرى، الذى ألقى كلمة فى هذا اليوم، أشار خلالها إلى جهود الرئيس عبدالناصر، كما أثنى على استقبال الرئيس السادات له.
كان الحزن يعلو وجوه الجميع، فالكل كان يشعر بأن الأمة العربية فقدت زعيمًا لن يتكرر.
■ كيف أثر رحيل ناصر على البحرين؟
- الشعب البحرينى كله كان يشعر بحزن كبير، وتم تعليق الدراسة وإيقاف عمل الدوائر الحكومية فى البلاد، كما تم تنكيس الأعلام ثلاثة أيام حدادًا على وفاة الرئيس الراحل.
■ لماذا قررت تسليم شريط الجنازة لعائلة عبدالناصر بعد مرور كل هذه السنوات؟
- كان تسليم شريط الجنازة لأسرة الرئيس عبدالناصر حلمًا بالنسبة لى، كنت أرغب فى رؤية الزعيم فى وجوه أبنائه وأحفاده، وأعتبر ما فعلته تكريمًا لمسيرة هذا الرئيس الأسطورى، وجاء رد الفعل إيجابيًا من جانب أفراد العائلة.
أرى أن «جمال» كان زعيمًا يؤمن بالقيم الإنسانية ولن يأتى زعيم مثله، فهو تاج على رءوس كل العرب، ورفع رأس كل إنسان عربى وليس المصريين فقط.
■ كيف كان اللقاء بعائلته؟
- لقائى بهم بمثابة شىء كبير أنجزته فى حياتى كأنى قابلت الرئيس نفسه وأعطيته أعمالى هدية له، وعندما أرى أبناءه أمامى أتخيل كأنى أصافح الرئيس نفسه، وأهديه هذه الأعمال، وبالفعل حققت الأمل الذى تمنيته طوال هذه الفترة.
قلت لأسرة الزعيم الراحل إننى كنت أتمنى أن أجتمع مع الرئيس عبدالناصر، أو أصنع فيلمًا أحكى خلاله حياته العائلية والسياسية.
الحقيقة أننى إن استطعت أن ألتقيه شخصيًا، سأصافحه، وأقبل رأسه، وأقول له: «أشكرك».
■ ما الأحداث المهمة التى صورتها بخلاف جنازة عبدالناصر؟
- رافقت الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البحرين، فى ١٩٧٣، حينما كان ولى العهد، فى زيارة لمصر بعد الحرب وتحديدًا محافظة بورسعيد، برفقة الفريق سعدالدين الشاذلى، القائد العسكرى المصرى، وصورت آثار الحرب.
■ هل تمنيت تصوير حدث تاريخى مُعين؟
- كنت أتمنى تصوير لحظة استرداد المصريين سيناء، ولحظة عبور خط بارليف وانتصار الجيش المصرى على إسرائيل، ولكن بعد عام ١٩٧٤، توقفت عن مرافقة الزعماء إلى الخارج لأن تليفزيون البحرين بدأ العمل فى هذا الوقت.
■ تزور مصر بعد انقطاع دام سنوات طويلة.. ما الذى اختلف؟
- الشعب المصرى لا يتغير أبدًا، لا يزال طيبًا ومحبًا للناس، وهذا الأمر هو أهم ما يميز المصريين.