رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الواعظات من باحات المساجد إلى استديوهات الإعلام لتجديد الخطاب الديني

جريدة الدستور

عقب الانتهاء من صلاة المغرب بمسجد صلاح الدين الكائن بمنطقة المنيل، يصعب على المُصليات الخروج من باحة المسجد بعد أن يفرغنّ من صلاتهن، لا يحول دون ذلك شيئًا لكن چُلَ ما يمنعهن هُو الاستماع إلى درس الفقه التي تلقيه " سما عبد الله" الواعظة في المدرسة العلمية التي أنشأتها وزارة الأوقاف لهذا المسجد منذ بداية العام الحالي، تأتي السبت من كل أسبوع بصفة مستمرة.

انضمت محررة الدستور إلى محاضرتها حيث التف حولها عدد من فتيات كليات القصر العيني وقاطنات حي المنيل لطرح التساؤلات في المسائل الدينية والأمور المتعلقة بفقه المرأة، حيث تستحي فئة كبيرة من السيدات من فتح نقاش فيها على الملأ أو على علماء دين من الرجال ولا سيما في القضايا الخاصة بالنكاح والعلاقة الزوجية.

ما ينطبق على سيدات المنيل يسري على شريحة عريضة من السيدات لكن يفتقرن للتوجيه والعلم من قبل سيدة تفهم مشكلاتهن محافظةً على ستر الخجل الذي يغلف أسئلتهن، إن كانت "سما" حظيت ببعض الشهرة بين المترددات على المسجد بصفة مستمرة، إلا أنها تفقد للكثير من المهارات التي تؤهلها إلى إلقاء رسالتها على نطاق أوسع كي تفيد أكبر عدد ممكن.

الدور الذي تلعبه الواعظات في تحسين الخطاب الديني بات ملحوظًا ومؤثرًا رغم أن عددهن ليس بكثير مقارنة بعدد نظائرهن من علماء الدين والأئمة، لذا قررت الأوقاف إثقال مهارتهن وتمكينهن من أدوات اتصال للوصول لأكبر عدد من المتلقيات.

انطلاقًا من هذا، أعلن، الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، عن نية الوزارة لتوقيع اتفاق مع كلية الإعلام جامعة القاهرة اتفاقًا لتدريب الواعظات بالكلية لتنمية مهاراتهن الإعلامية على أيدي الأساتذة المتخصصين بالكلية ومن خلال استديوهات الكلية وإمكاناتها الحديثة والعصرية.

وعلى الجانب الآخر، أكدت الدكتورة هويدا مصطفى، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة لـ" الدستور" أن البرتوكول لم يتم توقيعه رسميًا بعد، لكن الفكرة تلاقي ترحيبًا من إدارة الكلية، وعليه سيتم توفير كافة الإمكانيات اللازمة لمحاضرة الواعظات وتدريبهن.

ويتضمن ذلك أساتذة كلية الإعلام واستديوهات الصوت والتصوير وغيرها من البنية التحتنية للكلية في سبيل إخراج جيل واعٍ من الواعظات قادرات على التواصل مع الجماهير بشكل مهندم يحافظ على المحتوى الوجداني والروحاني للرسالة الدينية التي يحملونها، الحديث لا يزال لـ"مصطفى"

وتتابع: المرأة حين تبحث عن معلومة في قضية دينية وحياتية تخصها إن لم تجد مصدر آمن للحصول على المعلومة، فإنها تلجأ إما لمصادر غير موثوق منها أو تنفر من السؤال والبحث حفاظًا على خصوصيتها وحيائها.

ولاقت فكرة توقيع هذا البروتوكول ترحيبًا واسعًا من أعضاء هيئة تدريس الجامعة ومن بينهم كان الدكتور محمد المرسي أستاذ ورئيس قسم الاذاعة بالكلية، والذي رأى في الأمر خطوة إيجابية نحو إثقال قدرات الواعظة بمهارات التواصل حتى وإن كان عملها مقتصرًا على نوع واحد منه وهو الاتصال المباشر وجهًا لوجه مع المتلقيات، لكنها بعد تدريب أكاديمي ستصبح قادرة على إيصال رسالتها بشكل واعي ودقيق مراعية خصائص الجمهور المواجه لها، فإذا كان درسها لفئة ذات مستوى اجتماعي مرتفع وثقافي يختلف كثيرًا إذا كانت المتلقية من فئة مختلفة.

وأكمل " المرسي" أن التدريب داخل كلية الإعلام ليس مقتصرًا على التعاليم النظرية والمناهج الأكاديمية، فإذا تبين في أحد الواعظات بزوغ موهبة الالقاء سيتم تدريبها على الجلوس أمام الكاميرا وحمل الميكروفون حتى تصل رسالتها لأكبر عدد من الجماهير.

كما يشمل ذلك تدريبها على محاضرة أي نوع من الجمهور بما يناسبه حتى إن اقتصر الدرس على متلقي واحد، فالرسالة ينبغي أن تكون مكثفة بها قدر كافي من الوعي والإدراك واحترام عقل مستقبلها.

وقامت الدستور بجولة داخل معامل الإذاعة والتلفزيون بكلية الاعلام لرؤية مدى جاهزية المعامل لاستقبال الواعظات وتدريبهن، وجدنا معمل تلفزيوني مجهز على أعلى مستوى يشمل غرف خاصة بتسجيل الصور والتصوير التلفزيوني والفوتغرافيا، وكذلك المونتاج وقراءة النشرات والنصوص الاعلامية.

وقد جهزته قناة " سكاي نيوز عربية" على مستوى تقني عالي وسعة استعابية كبيرة كمنحة للجامعة يحمل اسم الدكتورة جيهان الرشتي، نظرًا لإسهماتها في دعم مسيرة الإعلام العربي وبصماتها في تخريج أفواج من طلاب الإعلام في العالم العربي ودولة الإمارات العربية، وكانت "الرشتي" من خريجي كلية الإعلام بالقاهرة.

أما الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بالكلية، يرى أن تدريب أكاديمي على وسائل الاتصال والتواصل لا ينبغي أن يكون مقتصرًا على الواعظات فقط، فالرسالة تكسب قوتها من الطريقة التي توجه بها أكثر من أهمية محتواها. لذا نجد كثيرًا من الساسة وقادة الرأي في الأوساط الثقافية المختلفة يفشلون في التأثير على الجمهور بسبب طريقتهم في الالقاء والتي غالبًا ما تعتمد على التسفيه من المتلقي أو الاقتناع داخليًا بأن ما يهمه هُو ما تحتويه مضمون الرسالة وليست طريقة طرحها.

"بزعل جدًا من وزير الأوقاف أما يكون هُو الإمام الوحيد لكل الخطب الرسمية" هكذا عبر" العالم" عن استيائه من وزير الأوقاف لتبوأه المنبر في كل الخطب الرسمية، حتى وإن كان هُو الأكثر علمًا وقدرة على الإلقاء فلدى الوزارة والأزهر آلاف العلماء والأئمة الدارسين لمنهج الإسلام الوسطي بشكل سليم يؤهلهم لتصحيح الخطاب الديني.

واختتم "العالم" قائلًا: وإن كانوا يفتقروا بعض المهارات فتدريب كهذا قادرًا على إعدادهم مما سيساعد في نشر الخطابة بافضل شكل وفِي كل ربع وحي ومدينة، لذا فهو يُثني على تدريب الأئمة على فنون الكتابة الصحفية ومواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة ومهارات التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي داخل منصات الهيئة الوطنية للإعلام وذلك من شائنة كساء الخطاب الديني والفقهي برداء أكثر عصرية وحداثة يؤهله للوصول للشباب الذي نفر من الدين بسبب شكل الرسالة حيث سيتمكنوا من تصميم صفحات التواصل الاجتماعي لمواجهة الصغار الى منصاتهم الجديدة.