رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من أخطر القضايا المستجدة فى مصر


هناك فى مصر مؤخراً قضيتان تستحقان الاهتمام من بين مئات القضايا العالقة والتى تحتاج إلى علاج ناجع وحاسم .هذه القضايا هى :تصويت العسكريين، وسد النهضة فى أثيوبيا. أما بالنسبة للقضية الأولى وهى تصويت العسكريين، فقد أثار قرار المحكمة الدستورية

بشأن حق العسكريين فى التصويت عواصف كبيرة، كانت الدستورية تبدى ملاحظاتها على قانون انتخاب مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسشية، فإذا بها تثير قضية كبيرة وخطيرة لها ما بعدها، هى السماح لضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة بالتصويت فى الانتخابات.

قامت القيامة السياسية ولم تقعد حتى الآن، هناك من انتقد القرار بشكل لاذع، وهناك من رأى أنه حق وليس بواجب، إذ إن ضباط وأفراد الجيش والشرطة جزء من «كل» التى ينص عليها الدستور.

أما الذين عارضوا القرار فيرون مجموعة من النقاط السلبية فى عملية تصويت العسكريين لأنها تؤدى إلى انشغال العسكريين بالسياسة، وانقسام أفراد الجيش والشرطة سياسياً، وربما يزيد التوتر القائم والصراع بين الأحزاب التى تتسابق لكسب أصوات العسكريين بأى ثمن، وقد لايضمن الشعب عواقب سلامة العملية الانتخابية التى يؤمنها العسكريون. صحيح أن منع العسكريين من التصويت يبدو غير دستورى، ومن الواجب احترام الحقوق المنصوص عليها فى الدستور لكل المواطنين، لا فرق فى هذا بين مدنى وعسكرى . ولا يعنى ذلك القرار والحق إن كان واجباً أو غير واجب، أنه فى صالح الوطن أو وحدة المؤسسة العسكرية والشرطة، وأنه واجب النفاذ حتى لو طبقته بعض الدول الأخرى، فكل دولة لها ظروفها الخاصة بها، ولها أوضاعها التى تحتاج رعاية خاصة وتحتاج إلى روح الدستور المحدد تحديداً رقيقاً وروح القوانين التى يختلف الناس حولها خاصة فى المراحل الانتقالية التى تمربها البلاد وبعد ثورة حضارية عظيمة لم تكتمل لأسباب كثيرة.

لا ينبغى أن نتدخل فى القضاء، ولاينبغى لأى مواطن أن يفعل ذلك حتى لو كان الرئيس، إلا أولئك الذين لهم الحق فى الطعن على القوانين وخلافه، ولا ينبغى أن يسعى أحد للتأثير فى هذه الدائرة، ولكننى هنا أناقش النتيجة للقرار كما أتوقعها بعد القيام بتحليلها .

السياسة فى أى مكان وزمان، عادة ماتتعرض لضغوط ونكسات إلى جانب النجاحات، لأنها تتميز من بين ما تتميز به بالحزبية والاستقطاب، وأحياناً التعصب للأحزاب والأفراد والجماعات والحركات، ومع ذلك تسمى سياسة .

هذه هى القضية الأولى التى أرى أن أضرارها أكثر من نفعها المتوقع أو الحق الانتخابى الأصيل للمواطن، مهما كان عسكرياً أومدنياً وقد أعجبنى تصريحات للفريق السيسى يؤكد فيها أن القوات المسلحة المصرية لن تتسيس ولن تتحزب، ولن تنجر إلى أمور غير غايتها ومسئوليتها، ولن تكون إلا مؤسسة وطنية مسئولة عن أمن شعب مصر. هكذا فى ظنى يجب أن تظل الأجهزة الأمنية من الجيش والشرطة والمخابرات لمصر وأمن مصر وليست لنظام ولا حزب.

أما القضية الثانية، فهى سد النهضة فى إثيوبيا. وبصرف النظر عن الاتفاقيات الدولية المبرمة فى هذا الشأن بين مصر والسودان وإثيوبيا سواء فى العشرينيات أو الخمسينيات من القرن الماضى أو ماقبلهما، وبصرف النظر عن اليد الإسرائيلية الصهيونية التى تقف وراء ذلك، لتدمير ماتستطيع تدميره من العالم العربى وتحول دون تنميته، والمياه من أهم عناصر التنمية بل الحياة نفسها. وبصرف النظر عن تراجع دور مصر فى القارة الأفريقية، فإننى أعتقد أن الخرق قد إتسع على الراتق، ولكن لايحول دون النجاح إذا ملكنا أسبابه.

ولذلك كم كان الأستاذ حمدين صباحى موفقا وهو يؤكد أن هذه القضية قضية المياه، والسد فوق كل الاعتبارات والخلافات المذهبية والفكرية والحزبية والعقدية، بغض النظر عن كل تلك القضايا ومنها ماهو استراتيجى وحيوى.

فقد قرأت فى الصفحة الأولى من الأهرام يوم الأربعاء 29مايو 2013: قول عمر عامر، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية : إن ما أعلنت عنه إثيوبيا من قرار تحويل مجرى النيل الأزرق، لن يكون له تأثير سلبى فى كميات المياه التى تصل إلى مصر، مشيرا إلى أنه إجراء هندسى.

وصرح الدكتور بهاء الدين، وزير الموارد المائية والرى، بأن ما قامت به إثيوبيا مجرد إجراء هندسى بحت، يتم عند مواقع إنشاء السدود، وأن هناك عدة سيناريوهات جاهزة للتعامل مع جميع النتائج المتوقعة.

وقال سفير مصر فى أديس أبابا: إن بدء إثيوبيا تحويل مجرى النيل الأزرق لا يعنى قطع المياه، ولكن يعنى إفراغ الموقع المخطط تمهيداً لبناء السد.

كما وصف كمال حسن، السفير السودانى بالقاهرة ومندوبها بالجامعة العربية، قرار إثيوبيا بـالصادم. وأكد الدكتور محمود أبوزيد ،وزير الرى الأسبق، أن تحويل مجرى النيل الأزرق أمر طبيعى، ولكن الخطوة الأكثر خطورة هى بناء سد النهضة نفسه لما سوف يترتب عليه من آثار خطيرة.

أما رئيس تحرير الأهرام الأستاذ عبدالناصر سلامة فيقول فى الصفحة الأولى: «والحقيقة التى يجب أن نعترف بها هى أننا أمام أمر واقع بالفعل، أسهمت فيه قوى دولية بالدراسة والتمويل والتنفيذ، وأخرى إقليمية شقيقة وصديقة. أننا قد نكتشف أننا أمام مؤامرة واضحة المعالم». مؤكداً أن التصريحات الرسمية المطمئنة، قد تعارضت تماماً طوال الوقت مع آراء الخبراء فى تقييم آثار السد.

أما الدكتور وحيد عبد المجيد، فيرى أن إثيوبيا كانت تسعى لإقامة السد من قديم وأنها وجدت أن السلطة القائمة فى مصر ليست معنية كثيراً بمصالح الدولة المصرية والشعب المصرى، وأنها معنية أكثر بمصالح الجماعة التى تمثلها السلطة، وتركيزها على مشروع الأخونة أكثر من حماية الدولة نفسها، ويرى أن هذه الخطوة تعكس استهانة من جانب إثيوبيا بالسلطة القائمة فى مصر واعتقادها أنها لا تفعل شيئاً تجاه الأزمة.. لكِ الله يامصر، كيف تسير الأمور مع هذا التضارب !!!

والله الموفق