رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد الطاهرى يكتب: حتى لا تتكرر أزمة خيرى رمضان

أحمد الطاهرى
أحمد الطاهرى

أكتب هذا المقال بتجرد تام، وأسعى لإخضاع سطوره إلى المنطق بهدف خدمة سياق واضح وهو المصلحة العامة التى لا تعرف إلا لغة النظام والقانون، وواقعيًا فرضت الأزمة القانونية التى أثارتها مقدمة الأستاذ خيرى رمضان فى برنامج «مصر النهارده»- التى لم يعرف مداها بعد حتى كتابة هذه الكلمات- عددًا من الأمور التى تستدعى التدارك والانتباه، حتى لا تتكرر مثل هذه الأزمة.
فى البداية، بات العمل الإعلامى والصحفى الآن فى مصر بحاجة إلى تعريفات واضحة لا تحتمل التأويل، تفصل بين الخطأ المهنى الجسيم، وما يمكن تصنيفه على أنه جريمة نشر.. قانون العقوبات يفصل فى الأمر بما يسمى وجود القصد الجنائى، ولكن الأمر يستدعى أيضًا حضور نص مهنى يلزم العاملين فى هذه الصناعة.
البُعد الآخر وهو أمر معمول به فى معظم دول العالم لكننا تكاسلنا عن تطبيقه فى مصر، وهو أن السياسات التحريرية للإصدارات الصحفية والتليفزيونية والإذاعية يجب أن تكون مكتوبة ومعلنة ومعروفة ومحددة تفصيليًا لكل العاملين فى كل مؤسسة إعلامية، بما فى ذلك المصطلحات المستخدمة، وكثيرًا ما يتم تضمينها فى أوراق تحت مسمى «قل ولا تقل» لأن المصطلح كاشف عن توجه كل إصدار، وهنا أستدعى توجيهًا فى محله من الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما كان يُجرى حوارًا تليفزيونيًا فى باريس، وقال المحاور عن الإرهابيين «مقاتلين» فقام الرئيس بتعديل المصطلح له مباشرة، وقال اسمهم «إرهابيين مش مقاتلين».. أما فى مصر، فالسياسات التحريرية شفهية.. وهذا الأمر لم يعد مناسبًا لحجم ومسئولية الصناعة الإعلامية فى مصر وطبيعة الدور المنوط بها.
سؤال آخر وعلينا أن نواجه به أنفسنا قبل أن يواجهنا به الرأى العام وهو: كم صحفيًا أو إعلاميًا مصريًا كلّف نفسه عناء قراءة وفهم قوانين التنظيم الإعلامى فى مصر؟ كم مالك مؤسسة إعلامية ألزم نفسه بهذا الأمر؟ كم مؤسسة اطمأنت إلى إدراك العاملين بها هذه القوانين؟.
المشهد العام يقول، إن قليلًا من كثير فعل هذا الأمر.. وإن من ألزم نفسه كان من باب العلم بالشىء.. بعض المؤسسات الإعلامية الدولية تختبر الإعلامى فى القانون المنظم لعملها بعد اجتيازه الاختبارات المهنية المعتادة.. علينا أن نستوعب هذه التجارب ونقوم بتطبيقها لأننا بحاجة إليها.
ونأتى عند العنصر الأهم وهو فقه المسئوليات فى العمل الإعلامى.. مسئولية مالك المؤسسة ومسئولية صانع المحتوى ومسئولية المذيع، هذا التحديد الواضح كافٍ لتغيير المحتوى الإعلامى المصرى، لأن كل طرف سيقف أمام مسئوليته وبالتالى لن يسوق الإعلان الإعلام.
كل ما ذكرته يُشكّل أبجديات فى علم يُدرّس اسمه «إدارة المؤسسات الإعلامية» أتمنى أن يجد طريقه فى صناعة إعلامية هى الأضخم، والأكثر تأثيرًا فى منطقتها كانت، ومازالت، تشكل أحد أسس القوة الشاملة للدولة المصرية التى تخوض الآن معركة مصير، وتُسطر تاريخًا جديدًا سيعيش لمئات وآلاف السنين.