رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التاريخ الأسود لـ«قسم الهرم».. قتل وسرقة الأحراز

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

من اختلاس الاحراز والإتاوات التي يفرضها أمناء الشرطة إلى التعذيب والقتل، لن ينجي المواطنين القاطنين بدائرة قسم الهرم من آلة التعذيب الممنهجة داخل قسم شرطة حماية الأهالي وتحول إلى مقبرة يخرجون منها محمولين على الأعناق.

ورغم التغييرات التي تجريها مديرية أمن الجيزة في الأعوام السابقة لإحكام السيطرة على القسم «سيئ السمعة»، لما يشوبه من مخالفات إلا أنه يظل مقبرة للمواطنين سواء المتهمين أو أهالي دائرة القسم.
وكشفت مصادر رفيعة المستوى بمديرية أمن الجيزة، عن تعدد مخالفات القسم إلا أن أبرزها والذي يعد مشكلة دائمة، هو عدم تقييد أرقام المحاضر في وقتها، مما قد يسبب "لخبطة" في إيجاد رقم المحضر المناسب وعدم إرسال المحاضر الخاصة بالجهات الإدارية كالحي وشركة الكهرباء والمياه في الوقت المناسب لها، وقد يتأخر لفترة تصل إلى عام حتى يحصل المتهم في القضية على حكم بانقضاء الدعوى.

وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن أكبر مشكلة تواجه قسم الهرم هي أمناء الشرطة، وما يصدر منهم من معاملات تجاه المواطنين، وأخذ أموال رشوة لإنهاء مصالحهم.

سرقة الأحراز
ففي العام الماضي برز قسم الهرم عندما أجرت النيابة العامة جردًا مفاجئًا لمخزن الأحراز بالقسم، والتي اكتشف خلالها عن فقدان كمية كبيرة من الأحراز، تبلغ قيمتها ملايين الجنيهات، وحينها فتحت النيابة تحقيقًا في الاختلاس، وقررت استدعاء 7 ضباط لاستجوابهم، إلا أن احتراق مخزن الأحراز بالنيابة ذهب بالقضية لمنحى آخر، فتم اتهام رئيس نيابة الهرم آنذاك بالتحريض على الجريمة، وأصدرت مؤخرا محكمة جنايات الجيزة حكمًا ببراءته من التهمة المنسوبة إليه.

انتشار الإيدز
في وقت متزامن اكتشفت النيابة إصابة محجوزين بقسم الهرم بمرض الإيدز، وعدم اتخاذ المأمور الإجراءات الاعتيادية في مثل تلك الحالات بعزلهم في حجز انفرادي، وتم فتح تحقيق أيضًا في المخالفة التي واجه خلالها عدد من ضباط القسم تهمة الإهمال في أداء العمل.

تعذيب وقتل شاب
ومؤخرًا سجل قسم الهرم رقمًا جديدًا في المخالفات والانتهاكات، عندما لقي مجند شاب مصرعه داخل ديوان القسم، ونقله الضباط إلى المستشفي مدعين إصابته بحالة إعياء أثناء مناقشته في اتهامه بقتل جدته العجوز، ليسقط جثة هامدة.
واتهمت أسرة المجني عليه الضباط بتعذيبه وقتله، ففتحت نيابة حوادث جنوب الجيزة، بإشراف المستشار حاتم فاضل المحامي العام الأول، تحقيقات موسعة أجرتها على مدار 14 يومًا، وأجرت خلالها معاينة تصويرية لديوان القسم، وحرزت كاميرات المراقبة.
وواجهت النيابة الضباط بأقوال أسرة الشاب القتيل بأنه تم احتجازه لأكثر من 20 يومًا داخل القسم، فأفاد الضباط بأن الشاب لقي مصرعه يوم ضبطه، ولم يتم احتجازه دون إخطار النيابة العامة.
وفي سبيل التأكد من المعلومة ناقش فريق النيابة، أثناء المعاينة التصويرية، المحبوسين داخل حجوزات قسم الهرم، وعرضوا صورة للمجني عليه فأكد بعضهم وجوده بالفعل برفقتهم داخل الحجز لفترة تخطت 20 يومًا، وقال أحدهم إن القتيل دخل برفقته إلى الحجز في أوائل شهر مارس واستمر لفترة.

وكشفت التحقيقات أن المجني عليه تم احتجازه من قبل الضباط المتهمين لمدة 28 يومًا دون إخطار النيابة العامة، وهو ما يعد احتجازًا دون وجه حق.
واستمعت النيابة، برئاسة المستشار عبد الحميد الجرف رئيس نيابة الحوادث، لأقوال 19 شاهدًا من أسرة المجني عليه، وأفراد الشرطة، والمحتجزين بقسم الهرم، فأكدوا جميعًا احتجاز المتهم داخل القسم، وتعرضه للضرب على يد الضباط.
وأجرت النيابة العامة تحقيقات موسعة في القضية، وأجرت مناظرة لجثة الشاب كشفت عن إصابات في عموم الجسم بكدمات وسحجات.
وقرر شقيق القتيل في أقواله إنه تم احتجازه برفقة المتوفى، وشاهد الضباط يضربونه ويعذبونه، وباستدعاء الضباط في جلسات متتالية انتهت التحقيقات إلى احتجاز المجنى عليه من قبل 3 ضباط دون وجه حق، لمناقشته بعد الاشتباه به كمتهم بقتل جدته وسرقة مصوغاتها الذهبية.
وأشارت تحقيقات حسام نصار، مدير نيابة حوادث جنوب الجيزة، إلى أن الضباط تعدوا بالضرب على الشاب واحتجزوه داخل القسم، دون إخطار النيابة العامة، حتى فارق الحياة متأثرًا بإصابته جراء ضربه.
واستدعت النيابة 6 ضباط، هم مفتش المباحث ووكيل الفرقة ورئيس المباحث و3 معاونين، وأجرت معهم تحقيقات مطولة، وتمت مواجهتهم بكاميرات المراقبة داخل القسم، وبأقوال عدد من المحجوزين الذين أكدوا احتجاز المجني عليه برفقتهم، فأنكروا الاتهامات المنسوبة إليهم.

وأكدوا أنهم أثناء مناقشتهم للمتوفي في جريمة قتل جدته أصيب بحالة إعياء، وسقط على الأرض متوفيًا، وبعرض نتائج التحقيقات على النائب العام المستشار نبيل صادق أمر بحبس 3 ضباط 4 أيام على ذمة التحقيقات، وإخلاء سبيل 3 آخرين، ووجه لهم اتهامات احتجاز بدون وجه حق وتعذيب بدني.
من جانبها، قالت مصادر إنه تم فتح تحقيقًا إداريًا موسعًا في الواقعة، وسيتم إجراء حركة تنقلات محدودة خلال الأيام المقبلة للضباط المتهمين.
وأشارت المصادر إلى أن تقرير الطب الشرعي هو الفيصل في سبب وفاة المجني عليه، وأنه لن يتم التستر على أي مخطئ.