رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهيئات القضائية.. الأمل المنشود فى إصلاح العدالة بالدستور الجديد


هذا المشروع يحارب لكونه ليس وليد فكرتهم فيتعين التجرد من الذاتية والتمسك بتحقيق الصالح العام وصالح شعب مصر لأن هناك ثورة قامت تعانى من ظلم وجور وتسلط ولن يرضى شعب مصر بعودة الظلم والتسلط والديكتاتورية.

عند مناقشة باب السلطة القضائية بالجمعية التأسيسية للدستور ثارت ضجة كبيرة وفتنة بين الهيئات القضائية منها إضافة اختصاصات للهيئات القضائية بغية تحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل فى القضايا لصالح المواطن فى إطار إصلاح منظومة العدالة لتتفق مع تطورات المجتمع المصرى واحتياجاته، وعند مناقشة هذا الباب فى الجمعية التأسيسية يطرح التساؤل نفسه لماذا كل هذه الضجة والجمعية التأسيسية هى صاحبة الحق والكلمة الأولى والأخيرة فى إنشاء وتعديل السلطات بوصفها أعلى سلطة فى الدولة الآن؟ هل هناك يد خفية تزرع الفتن بين الهيئات القضائية بالتصريحات النارية والتى من شأنها الاضرار بمرفق العدالة، فمن المعهود أن الهيئات القضائية فى مصر خمس هي: المحكمة الدستورية، العليا ومجلس الدولة والقضاء العادى والنيابة العامة وهيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية ومن المعلوم أن هذه الهيئات متساوية فى الحقوق والضمانات المالية وأن آلية التعيينات واحدة بينها والتنقلات بينهما وبين بعض وكذلك الترقيات، إلا أنه عند مناقشة وضع هيئة قضايا الدولة والذى يشرف بها كوكبة من أعظم وأكفأ رجال القانون فى مصر بل والوطن العربى ومعظمهم من الحاصلين على درجة الدكتوراه والماجستير بوصفها إحدى الهيئات القضائية وأقدمها جذورا وعراقة فى مصر والشرق الأوسط لوجودها منذ ما يقرب عن 140 عاما وبعد نزع اختصاصاتها منها وهى على سبيل المثال قسما الفتوى والتشريع وإلحاقهما بمجلس الدولة بعد ثورة يولية 1952 ونزع اختصاص التحقيق الإدارى مع موظفى الدولة منها وإلحاقه إلى هيئة النيابة الإدارية لم يتبق لها سوى الاختصاص بالدفاع عن الدولة «الوزارات والمحافظين» فقط، أما الهيئات العامة فأسند إلى الإدارات القانونية بالهيئات والمؤسسات العامة بالدولة مع الإشراف الفنى عليها بإسدارة التفتيش بوزارة العدل لذا اقترح السيد ناجى دربالة عضو التأسيسية بدمج السادة المستشارين بهيئة قضايا الدولة بالقضاء والنيابة العامة وكان هناك مقترح آخر بتحويل هيئة قضايا الدولة إلى نيابة مدنية تقوم بتحضير الدعاوى المدنية والتجارية تمهيدا للفصل فيها مبكرا ضمانة لسرعة الفصل فى القضايا وتحقيق حق العدالة الناجزة الذى يعد من حقوق الإنسان وتحقيقا للصالح العام ومباشرة الشئون القانونية بالجهات والمصالح الحكومية هذه القضايا الخاصة بمصالحهم ووزاراتهم بصفتهم الأقرب لها ولاقى هذا الاقتراح إعجاب أغلب أعضاء الجمعية التأسيسية وتم التصويت عليه داخل لجنة نظام الحكم بالموافقة على هذا المشروع المطبق بأغلب دول العالم منها الأوروبى والأمريكى والفرنسى ومنها الدول العربية وحقق نجاحا مبهرًا فى تحقيق سرعة العدالة الناجزة وتسمى بعلم الإدارة السيطرة القضائية المبكرة والقصيرة والناجزة للدعوى إلا أنه سرعان ما انتفض المستشار الغريانى - مدير الجمعية التأسيسية - والسيد القاضى ناجى دربالة رافضين ذلك وقاما بتكوين لجان مصغرة فلجان أخرى فى محاولة منهما لإجهاض هذا المشروع العظيم والأغرب ليست لديهم أى حجج قانونية أو واقعية منطقية للرفض إلا لكونها تشكل من أعضاء قضايا الدولة دون القضاء، ومن المعروف أن السيد حسام الغريانى والسيد ناجى دربالة كان يتعين عليهما الالتزام بمبدأ الحيدة فى إعداد دستور مصر بصفتيهما ممثلان للمصلحة العامة دون الانحياز لطرف القضاة على حساب زملائهم السادة مستشارى قضايا الدولة والتأثير فى أعضاء التأسيسية لرفض هذا المشروع القومى لإصلاح العدالة والتجرد من أى أهواء أو ميول شخصية، فلماذا هذه العنصرية؟ علما بأن السادة القضاة والسادة مستشارى قضايا الدولة تربطهم علاقات طيبة داخل الأسرة القضائية تقوم على الاحترام المتبادل بينهم ولن يستطيع أحد أن ينال من هذه العلاقات أبدا أو يثبط نموها وتزايدها أو يزرع الفتنة بين اقطاب العدالة فى مصر وقد يقف السادة مستشارو قضايا الدولة بجوار زملائهم بالقضاء والنيابة العامة ضد أى عدوان وكذلك العكس فعلاقات التضامن بينهما أزلية وستظل العلاقات وطيدة والأواصر ممتدة أبد الدهر ولن يتأخر أبدا السادة القضاة عن مساندة ومؤازرة زملائهم مستشارى قضايا الدولة وهم فى سبيل تحقيقهم للصالح العام ومشاركة زملائهم من الهيئات القضائية فى إدارة مرفق العدالة كما ينبغى.

وكما تعود الشعب المصرى على ثقته فى قضاء مصر بهيئاته وأيضا لن يتأخر قضاة مصر ويتخلوا ويتنصلوا عن واجب إشرافهم القضائى على الاستفتاء والانتخابات وسيشاركون زملاءهم بهيئة قضايا الدولة ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية فى الإشراف القضائى على جميع الاستفتاءات والانتخابات لمصلحة مصر وشعبها وسيفوتون الفرصة على كل من يحاول زرع الفتن والتفرقة بينهم وإعلاء الصالح العام على الصالح الخاص كما فعل زملاؤهم مستشارو قضايا الدولة عند مساومة المستشار الغريانى معهم بإعطائهم أكبر صلاحيات واختصاصات مقابل عدم إسناد النيابة المدنية لهم ، إلا أنهم أبوا بعزتهم وكرامتهم ولن تكون على حساب الصالح العام من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة فقضاة مصر لديهم من الفطنة ما يجعلهم يفوتون الفرصة على كل من يحاول زرع الفتن، كما أنه من المعلوم أن الجمعية التأسيسية تعمل للصالح العام دون أهواء أو ميول شخصية وعدم فرض الرأى على أعضاء الجمعية ومحاولة إجهاض أى مشروع قومى لكونه ليس وليد فكرتهم فعندما تم اقتراح هذا المشروع من الدكتور جمال جبريل ومعه أعضاء لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية.

■ مستشار بهيئة قضايا الدولة