رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفضيلة


يعرف أرسطو الفضيلة بأنها: الحالة الأخلاقية التى تجعل الإنسان خيّراً فاضلاً يعرف كيف يؤدى العمل الأفضل، والفضيلة عند أرسطو على نوعين : فضيلة عقلية وفضيلة خُلقية، فالفضيلة العقلية تتكون بالتعليم الدائم والممارسة التى لا تنقطع، أما الفضيلة الخلقية فإنها تنشأ من العادة والممارسة أيضاً، يقرر أرسطو أن الفضيلة الأخلاقية : تتعلق باللذة والألم لأن اللذة تدفعنا إلى الشر بينما الخوف من الألم هو الذى يمنعنا من فعل الخير، ويستشهد أرسطو فى هذا المجال بأفلاطون الذى يقول: إن علينا أن نوجه تربيتنا منذ الطفولة ونحددها تجاه اللذات والآلام، وأفلاطون قد عالج هذه الفضيلة مفصلاً فى كتبه الجمهورية، وطيماوس، وفيدون، ويقرر أرسطو أيضاً: إن ملكات النفس لا تفسد إلا باللذة والآلام، ثم يقول إن الفضيلة هى فى تصريف سلوكنا على الوجه الأحسن حيال اللذات والآلام، والرذيلة عكس ذلك . والرجل الفاضل يتجه دائماً : إلى ثلاثة مطلوبات وهى الخير، والنافع، والملائم، والشر يعمل عكس ذلك، كما يستشهد أرسطو بهرقليطس الذى يقول : إن قهر اللذة أصعب من قهر الغضب - والفضيلة عند أرسطو هى : الوسط بين رذيلتين الإفراط والتفريط، وإن الرجل الفاضل هو: ذلك الذى يعتمد الوسط دائماً فى أفعاله، والسبب الذى يجعل من الصعوبة أن يكون الإنسان فاضلاً هو أن الوسط صعب الإدراك، وليس من السهل أن يضبط الإنسان نفسه عند هيجان العواطف أو وقت شدة الانفعالات وبنفس الوقت فمن السهل أن يستسلم الإنسان إلى الغضب، هناك اذن إلتزام خلقى يجب أن نتبعه وذلك بأن لا نحيد فى تصرفنا إلى جهة الأكثر ولا إلى جهة الأقل، فإن الأوساط فى الأمور هى وحدها التى تجلب المدح، وعلى الإنسان الذى يريد أن يصيب الوسط ويكون رجلاً خيراً أن يلزم دائماً تقويم نفسه عندما يجدها تميل إلى الإفراط أو التفريط، وإن الصعوبة التى تجعل الإنسان فاضلاً هى السبب فى مثار إعجابنا واحترامنا لذلك الإنسان الفاضل .

- والفضيلة لا تتم إلا مع جماعة لأن الإنسان لا يكفى ذاته فى تكميل ذاته بل لابد للإنسان من معاونة الآخرين، ولهذا لابد أن يعاشر الناس بالمودة والصفاء، ويحبهم حباً صادقاً حتى تتم له السعادة الإنسانية، ولهذا نرى مسكويه: يعيب على الزهاد الذين يبتعدون عن المجتمع ويعيشون فى المغارات أو فى الصوامع أو يسيحون فى البلدان فهو يقول : إن هؤلاء المنقطعين عن العشرة الإنسانية لا تحصل لهم الفضائل، لأن الفضائل كالعفة والشجاعة والسخاء والعدالة تظهر متى عاش الإنسان فى مجتمع وخالط الآخرين حياتهم .