رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبناء عاملين

مصطفى فتحي صقر
مصطفى فتحي صقر

"ما المانع في أن يكون أبناء القضاة والمستشارين وكلاء نيابة؟، وما العيب في أن يصبح أبناء ضباط الشرطة والجيش ضباطا؟"...بهذه العبارات النارية، سدد "أحمد"، بكالوريوس هندسة، لكمة قوية، في وجه زميله "محمد"، بكالوريوس تجارة..بعد أن اشتد الجدال بينهما،في أحد المقاهي الشعبية، حول قضية" ابن القاضي قاض..وابن الفلاح فلاح". لم تلق أفكار أحمد صدوراً متسعة، وقلوبا منشرحة، بل رأت ألسنة طويلة، واتهامات ثقيلة..ووقعت آراء أحمد علي الحضور كالصاعقة..هنا استشاط "محمد" غيظا،وقال لأحمد في سخرية:"يعني أنت ياعم أحمد عايز ابن القاضي يبقي قاض.. وابن الفلاح يبقي فلاح"..فرد عليه : لم أقصد ذلك يا صديقي، وأرجوك لاتلوي عنق الكلمات، حتي لاتثير الشبهات. فسأله أسامة، لاعب ناشئ في نادي المحلة، وأحد الجالسين علي المقهي، وقد دخل معهم في الحوار، بعد أن علا صوت محمد مستنكرا كلام أحمد...طيب، قصدك إيه يا هندسة؟ فقال أحمد: إن الشعب المصري قد رسخ قاعدة في التعيين في الوظائف، وهي " أبناء العاملين"..فمثلا أي مسابقة عمل يتم قبول أبناء العاملين أولا، سواء كان ذلك في السكك الحديدية، أو مرفق المياه ، البنوك، أو التريبة والتعليم..إلخ..فلماذا إذاً نعترض علي نفس القاعدة في سلك القضاء والشرطة؟..المصريون صنعوا الصنم، وعبدوه..ثم الآن يشكون ويتألمون!!
هنا سكت أسامة، وطأطأ رأسه، وقال: فهمتك يا أحمد..نعم أنت تقصد أننا جميعا نفعل نفس الشيء لكننا ننكره علي فئة معينة..فرد أحمد: تماماً يا أسامة.. هذا هو الواقع..وأنا لا أعفي الحكومة من التقصير..فأخطاؤها لاتحصي أيضا..إننا يا أسامة نعاني من الشيزوفرينيا" التناقض"...وهذا في كل شيء..نخرج من المسجد ندخن السيجار، ونغتاب الناس وقد نسب ونشتم طفلا صغيرا يسير في الطرقات..ثم نقول كنا بنصلي، ونمسك المسبحة لنختم الصلاة.
في تلك اللحظة، تحول المقهي من مجرد مكان يلتقي في الأصدقاء،للهو واللعب ومشاهدة المباريات، إلي صالون ثقافي..وبدأ كل واحد يبدي رأيه..ولسان حال صاحب المقهي: ما بلاش سياسة يا إخوانا..إحنا مش ناقصين. عاد محمد ليطرح سؤالا جديدا: وهل يا أسامة يحدث ذلك عندكم في الأندية؟ ضحك أسامة وقال : الكوسة للركب في كل مكان يا محمد...تدخل صاحب المقهي في الحوار لينهيه وقال لهم: عندي حل جبار لهذه المشكلة؟ فردوا جميعا في صوت واحد...قول عليه الله يسترك..فقال أن نشاهد التليفزيون أفضل من الكلام والجدال..فوافق الجميع وما إن صوبوا أنظارهم تجاه التليفزيون حتي فوجئ الجميع بصدمة، تطل عليهم من الشاشة، وهي نجاح أبناء بعض النواب السابقين، في مجلس الشعب..فصرخ محمد بصوت عال: إحنا آسفين ياريس..كان عندك حق في توريث الحكم لجمال!!!