رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النظام الداخلى للبرلمان


- إن القواعد التى تشكل النظام الداخلى للبرلمان وكيفية مباشرة أعضائه لوظائفهم وانعكاسات كل ذلك على السلطات الأخرى وحقوق المواطنين، يكون لها من الأهمية القصوى بما يكون معه الحرص على أن تأتى هذه القواعد نموذجاً للمهنية والتوافق مع الدستور، وحرصها على المساواة وحرية التعبير، وضمان التكامل والتعاون بين البرلمان وسائر سلطات ومؤسسات الدولة، ولأن النظام الداخلى للبرلمان ينظم سير مؤسسة دستورية ذات أهمية خاصة فى النظام السياسى للدولة فإن له تأثيرات سياسية كبرى، حتى إن بعض الفقهاء الدستوريين الكلاسيكيين اعتبروه بسبب ذلك: «دستوراً بشكل آخر أو امتداداً وتفسيراً للدستور »، إذ إنه بطبيعته الدستورية يجاوز البعد التنظيمى ويفوقه، فما ينتظم به علاقات البرلمان بالسلطة التنفيذية لا يمكن أن يكون مجرد قرارات تنظيمية بالمعنى التقليدى، وإنما تكون ذات طبيعة دستورية .

ولذلك وبالرغم من النص فى معظم الدساتير على ضرورة أن تستقل البرلمانات بوضع لوائحها الداخلية، ومنها دستور مصر 2014 فى المادة 118، وذلك ترسيخاً لمبدأ فصل السلطات، فإن كثيراً من هذه الدساتير قد قيدت هذه السيادة وهذا الاستقلال بوجوب إخضاع اللائحة لمراقبة دستوريتها، ومن الأمثلة الصريحة دستور 1958 فى فرنسا فقد ورد فى نص المادة 61 منه على أنه : «يجب أن تحال إلى المجلس الدستورى القوانين الأساسية قبل صدورها، وكذلك النظام الداخلى لمجلسى البرلمان قبل بدء نفاذها»، والرقابة على دستورية اللوائح البرلمانية طبقاً لهذا النص هى : رقابة وجوبية تباشر عليها قبل تطبيقها ولا يجوز تطبيقها قبل الفصل فى دستوريتها .

والرجوع إلى القضاء الدستورى فى شأن اللوائح البرلمانية يضمن : صون حقوق البرلمانيين فى مواجهة الحكومة، كما أنه يمنع محاولة البرلمانيين تخويل أنفسهم مزايا حرمهم الدستور منها، أو تقرير اختصاص لهم يجاوز الحدود التى أذن الدستور لهم بها كتوسيعهم من اختصاص لجان التحقيق والمراقبة البرلمانية، ومن أهم ما تحققه المراجعة الدستورية للنظام الداخلى لمجلس النواب قبل تطبيقها، هو ضمان ألا تتعارض قواعدها مع حرية التعبير عن الرأى والفكر لجميع الأعضاء، ومع تنوع الاتجاهات والانتماءات السياسية والحزبية داخل البرلمان، فإن هذا التنوع حتى مع وجود أغلبية برلمانية لاتجاه معين، لا ينتقص من الحق الطبيعى فى أن يكون للجميع، وعلى قدر المساواة، حق إبداء الرأى والمشاركة فى اللجان النوعية والخاصة داخل المجلس، وحق الاشتراك فى قيادة البرلمان ولجانه.