رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وعدت يا يوم انتصار أكتوبر«١»


من لم يشهد يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣ فلن يدرك تماماً ما أتحدث عنه من شعور طاغٍ بالسعادة والانتصار والفخر بهذا اليوم العظيم فى تاريخ مصر، إنه شعور استعيده وأتذكره تماماً كأنه حدث بالأمس القريب، كأنه لم يمض عليه ٤٢ عاما بالتمام والكمال، إننى أتمنى أن يحس الشباب الذين لم يعاصروا هذه الحرب بأهميتها فى تاريخ مصر وفى الصراع العربى الإسرائيلى وفى معرفة دور القوات المسلحة العظيم فى استرجاع أرض سيناء والانتصار على العدو الإسرائيلى الذى كان قد احتل أرضها فى حرب يونيو ١٩٦٧، والتضحيات التى قدمها خير أجناد الأرض، والشهداء الذين عبروا وروت دماؤهم أرضنا الطاهرة، فهم من أعادوا لنا الكرامة والأرض بفضل تضحياتهم،وأيضا البطولات التى قاموا بها والتى تستحق أن تروى وأن نحكيها مرات ومرات ليتعلم منها الشباب الولاء وحب الوطن.

إنه يوم استعاد فيه الوطن الإحساس بالكرامة، وعبر فيه الجيش المصرى الحاجز الترابى الرهيب الذى بنته إسرائيل وجعلت منه فزاعة للمصريين، أو خط بارليف المنيع كما كانوا يطلقون عليه، كنا فى اليوم العاشر من شهر رمضان الكريم وبدأت لحظة الصفر فى الساعة الثانية ظهرا تماماً، تقدم خير أجناد الأرض لاسترداد الأرض المحتلة من وطننا،تقدموا بشجاعة وبمهارة وبإجادة استخدام أحدث ماتوصلت له عقولهم من أفكار مبدعة ومن أجهزة ومعدات تكنولوجية توافرت لديهم، تقدموا بقلوب يملؤها الإيمان والعزم وسط تكبيرات وصلت إلى عنان السماء،الله أكبر الله أكبر، وأصبحت حرب أكتوبر تدرس فى الأكاديميات العالمية، وأخطأت كل حسابات إسرائيل حول الجيش المصرى وتفوق رجاله وعتاده.

إن هذا الجيش لابد أن نفخر ونعتز به، أقول هذا لأننى أنتمى لجيل عاصر انتصار أكتوبر العظيم بعد أن ذقنا مرارة نكسة ٥ يونيو ١٩٦٧،وما لحقها من صلف وغرور إسرائيلى على كل مستويات التعامل، عاصرنا تهجير الأهالى والأسر المصرية من مدن مصرية مثل بورسعيد والسويس والإسماعيلية،وعاصرنا شهداء ذهبوا ضحية ضرب الطائرات المصرية فى مواقعها فى ليلة النكسة، وحين كنا نسافر إلى الخارج كنا نحس بالصلف والغرور فى كل مكان، وكنا نحس بأننا لابد أن نسترد كرامة مصر بتاريخها العريق والذى استعصى على كل معتد أو غازٍ لأرضها، فالأرض بالنسبة للمصرى الذى يحب وطنه هى العرض وهى الكرامة وهى مكان الميلاد، هى أشرف أرض وأعرق تاريخ وأول حضارة، إننى أجد نفسى اليوم أستعيد تلك اللحظات المشرفة المضيئة بانتصار أكتوبر، وأجد نفسى فى حالة غضب ممن يهاجمون الجيش المصرى وممن يتآمرون عليه لإضعاف الوطن وإضعاف الروح المعنوية للشعب المصرى الذى يمثل له الجيش السند والحماية والإنقاذ من محاولات تفتيت الوطن ومخططات تقسيمه،إن الجيش المصرى فيه رجال أعادوا لنا الأرض وضحوا بحياتهم لتعود لمصر مكانتها وكرامتها، إن رجال الجيش المصرى كان لهم زوجات وأبناء تركوهم ليستعيدوا الأرض المصرية فى سيناء،أنا شخصيا أفتخر بأننى أنتمى لعائلة فيها بطل من أبطال حرب أكتوبر المجيدة هو خالى اللواء محمد فريد حجاج،وهو خبير استراتيجى متميز ويشار له بالبنان،فلقد شارك فى ٣ حروب مصرية هى اليمن ويونيو وانتصار أكتوبر المجيد عن طيب خاطر، ورأى المخاطر والموت عدة مرات لكنه أكمل كل مهامه بنجاح وبشرف وبشجاعة، إننى أدعو له الآن بالشفاء من أزمة صحية خطيرة يمر بها، أدعو له كما أدعو لكل رجال قواتنا المسلحة الذين يعملون على حماية الوطن والقضاء على الإرهاب، وأدعو لكل شهيد أن يدخله الله فسيح جناته، وأدعو كل مصرى وطنى وكل مصرية وطنية بأن يظل سندا وداعما للجيش المصرى فى حربنا ضد الإرهاب والتى قد تطول لسنوات.

وللحديث بقية.