رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خصوصية الهوية المصرية


يقول الدكتور ميلاد حنا فى كتابه «الأعمدة السبعة للشخصية المصرية»: لا أعلم على وجه الدقة متى وكيف بدأت، ومتى وكيف انتهت صياغة هذه الفكرة، وأغلب الظن أحسبها نبتة أو بذرة ظلت تختمر فى عقلى ووجدانى، ولكن اليقين لدى الآن هو أنها تمت فى داخلى منذ سنوات طويلة، عندما تبلورت أخيراً، تحمست لها وتصورتها فى صياغة تناسب العصر إذ ستظل الشخصية المصرية أو شخصية مصر موضع تحليل ودراسة وفهم متجدد لهذا الزخم من التاريخ والحضارات، وهذا الكتاب موجّه للعقل، وينمى الوطنية، التى ليست هى تاريخاً مشتركاً فحسب، لكنها مستقبل مشترك أيضاً، ويهدف للوحدة الوطنية .

ويؤكد الكتاب مدى اتساع وخصوصية مفهوم الهوية بالنسبة للشخصية المصرية، فهى هوية لها سبعة انتماءات أو أعمدة سبعة، أربعة منها انتماءات تاريخية هى : انتماء فرعونى، وآخر يونانى / رومانى، وبعده الانتماء القبطى، وآخره الإسلامى، وثلاث منها جغرافية هى : انتماء عربى، والثانى بحرمتوسطى، والأخير أفريقى، وإن تلك الأعمدة أو الانتماءات داخلة فى التركيبة الإنسانية لكل مصرى، وعلى الرغم من وجودها فى كل منّا، إلا أنها انتماءات أو أعمدة ليست متساوية فى الطول والمتانة، وإن اهتمام وتقدير كل منا لهذه الأعمدة داخل نفسه يختلف من إنسان لآخر حسب التركيبة الإنسانية والذاتية، بل لعلها تختلف فى الإنسان الواحد مع الزمن ومن حقبة لأخرى، ففى فترة الشباب يكون الحماس للوطن أو الدين أو القومية العربية وحدها دون غيرها، ومن ثم يكون الإنسان أحادى الانتماء فلديه الأشياء إما بيضاء أو سوداء، ومع تقدم السن والخبرة فى الحياة وتراكم الشعر الأبيض تنمو انتماءات أخرى، يرى الإنسان كثيراً من الأمور رمادية، وبدرجات متدرجة بين الأبيض والأسود .

ويخلص الدكتور ميلاد فى حديثه عن هوية الشخصية المصرية إلى قول : إن هذه الباقة الفريدة من الارتباطات / الانتماءات تعطى فرصاً هائلة لأى قائد أو حزب سياسى، لأن يسخرها كلها أو بعضها بمهارة وفن، وفق ظروف مصر والمنطقة والعالم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فالدول متعددة الانتماءات أكثر مرونة وتحملاً للصعاب والأزمات والصدمات، من تلك التى لم يخصها تاريخها وموقعها إلا بعدد هزيل من الانتماءات، ومن ثم أصبحت مصر بالفعل أكثر حيوية وفاعلية فى المنطقة ولها قدرة على الاستمرارية فى الحياة والوجود والمساهمة فى الحضارة الإنسانية على جميع المستويات، وأصبح الشعب المصرى قادراً دائماً على تحقيق المعجزات ومنها انتصار أكتوبر العظيم .