رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تمكين المرأة المصرية من التوصيات إلى التنفيذ « 3»


القضايا كثيرة ولكنها تنتظر توافر الإرادة السياسية لجميع المعنيين فى جميع الوزارات لتفعيل وتنفيذ التوصيات والقرارات. آن الأوان لتحويل الأقوال إلى أفعال.

هل هناك مشهد أكثر حزناً من رؤية أم تحتضن أبناءها، وجدة تحتضن أحفادها، فى طريق الهروب من مناطق الصراعات والحروب؟ يعيشون تحت قسوة الظروف من الحر والقيظ والبرد والمطر والجوع والعطش والقتل والمرض؟ هل هناك مشهد أكثر قسوة وعاراً وذلاً من مشهد سبى النساء وبيعهن فى سوق النخاسة واغتصابهن فى مناطق الكوارث التى تسيطر عليها جماعات تتخذ من الدين ستاراً لتحقيق مصالحها، تقتل وتذبح وتحرق وتدمر التراث الثقافى والحضارى للبشرية؟ إنه القهر والظلم والعنف الذى يقع على المرأة فى كل مكان فى العالم. نستكمل اليوم ما جاء على لسان السيدة جوستين ممبازى خبيرة النوع والشئون القانونية، عن تجربة رواندا. «كان لابد من توحيد الصفوف، ليس من أجل نصرة أحد على حساب أحد، ولكن لنصرة قضايا محاربة الفساد وقضايا الحرية والديمقراطية والمساواة بين الجنسين. بدأنا العمل من أجل الدستور على مدى سبع سنوات، لأننا أردنا دستوراً رواندياً يعبر عن كل فئات الشعب: الطفل والمرأة والرجل. وألزمنا الحكومة بالاتفاقيات الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية. ووصل تمثيل المرأة فى البرلمان إلى نحو ثلثى الأعضاء (64%). وحققت المرأة بنضالاتها المستمرة مكاسب منها تجريم العنف الذى يقوم على أساس النوع والحق فى الميراث من أبيها ومن زوجها، وتقلد جميع المناصب، والتواجد فى الإدارات العليا بما لا يقل عن 30%، وانضمام النساء إلى الشرطة والجيش، مع دعم الإعلام للحركة النسائية وبث ثقافة التسامح والتصالح والتنمية».

إن تجربة المرأة فى رواندا تستحق التحية وتنير الطريق للمرأة فى كل بلدان العالم من خلال تنسيقية للنساء ارتفعت فوق المصالح الذاتية من أجل بناء الوطن. ولننتقل إلى تجربة من الوطن العربى فى المغرب. تناولت تلك التجربة الدروس المستفادة من القطاع الخاص. تحدثت الأستاذة فوزية المكناسى رئيسة وكالة بريسما الإعلامية بدولة المغرب فأكدت أن تمكين المرأة فى مجتمعاتنا العربية يبدأ بتقوية وضعها الاقتصادى، وأن مساهمتها فى النشاط الإنتاجى للمجتمع يسهم فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى، ويزيد من إمكانية دفاع المرأة عن كرامتها وكرامة أسرتها. قالت السيدة فوزية: “لقد بدأت تجربتى عام 1990 من ربع قرن، بمحاولة الحصول على ترخيص لشركة للإعلام والنشر، وإذا بالرفض من جانب المسئولين، لأن هذا المجال كما قالوا مقصوراً على الرجال! ولكنى ناضلت حتى تمكنت من إنشاء الشركة، وكنت أول امرأة تدير مجلة نسائية مغربية. ثم كانت المحطة الثانية رفض عضويتى فى نقابة الناشرين، فقمت بإنشاء أول نقابة حرة مستقلة للناشرين. وتناولت قضايا النساء، خاصة الفقيرات، وهن كثيرات فى المغرب. وما زلنا نسعى لتمكين النساء اقتصادياً. تناولت توفير فرص عمل للمرأة مثلها مثل الرجل، وألا يقل أجر المرأة عن أجر الرجل عن نفس العمل، مع مساعدة المرأة على التوفيق بين متطلبات العمل وواجبات الأسرة وتربية أطفالها».

ركزت المناقشات أيضاً فى ورش العمل بالمنتدى فيما يخص مصر على التأكيد«على أهمية وجود المرأة فى اللجان التشريعية الخاصة بقوانين العمل والخدمة المدنية والتركيز على تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين والمواطنات دون تمييز، وعمل تسهيلات للمرأة داخل المنشآت والمصانع الموجود بها عدد كبير من النساء «سواء فى الحكومة أو القطاع الخاص» منها إنشاء حضانات للأطفال فى نفس مبنى العمل، وذلك تنفيذاً للقوانين حتى لا تصبح حبراً على ورق، مع التأكيد على وجود وحدة مدنية من منظمات المجتمع الأهلى والمدنى غير الحكومية داخل الوزارات المختلفة من أجل العمل معاً للنهوض بالمجتمع، بالذات فى مجالات الصحة والتعليم.

كما تم التركيز على دور الإعلام فى ارتفاع وعى المجتمع بالنسبة لقضية المرأة وصورة المرأة فى الدراما والمسلسلات والسينما، مع المطالبة بسرعة إنشاء المجلس الوطنى للإعلام لوضع استراتيجية إعلامية وميثاق شرف إعلامى. كما تناول المنتدى الاهتمام بقضية تربية النشء منذ الصغر على الانتماء والمعرفة.وركزت المناقشات أيضاً على أهمية عقد دورات تدريبية للمرأة فى مراكزالشباب تدعم مشاركتها فى العمل العام مثل الترشح للانتخابات البرلمانية والمحلية، وتمكينهن من التعبير عن أنفسهن، وتفعيل دور نوادى المرأة داخل وزارتى الثقافة والشباب. وطالب المتناقشون المؤسسات الدينية الرسمية بالتصدى لكل ما يقدم من فتاوى تهاجم المرأة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتحط من قدرها، وتدعى أن مكانها المنزل ودورها هو الإنجاب وطاعة ولى أمرها من الأب إلى الزوج إلى الابن!

أشار عدد كبير من المتحدثين إلى أهمية امتداد العمل بالنهوض بالمرأة إلى جميع المحافظات، خاصة المحافظات الحدودية. وهناك تجربة جرت فى مرسى مطروح للاهتمام بدور المرأة فى المساهمة فى الحفاظ على الحرف البيئية التى تمثل التراث المتميز للمنطقة، والذى يجب العناية به، لأن تلك الحرف إذا تركت فإنها فى سبيلها إلى الاندثار.

القضايا كثيرة ولكنها تنتظر توافر الإرادة السياسية لجميع المعنيين فى جميع الوزارات لتفعيل وتنفيذ التوصيات والقرارات. آن الأوان لتحويل الأقوال إلى أفعال.