رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاصفة الحزم.. ضرورة استراتيجية


مشاركة مصر فى عملية عاصفة الحزم، تعد البداية الحقيقية والفعلية للقوات العربية المشتركة، بالإضافة إلى أن مشاركة مصر فى عاصفة الحزم هى تطبيق لما قاله الرئيس السيسى مسافة السكة عندما يتعرض أمن الخليج للخطر وملامح الأمة العربية القوية القادرة على مواجهة المخاطر قد بدأت تتشكل وسيبقى مضيق باب المندب عربيًا، كما سيبقى البحر الأحمر هو بحر العرب.

إن الأهم هو أن تنتج الضربة العربية بقاء اليمن موحدًا وعدم السماح بامتداد أى نفوذ خارجى إلى داخل اليمن بهدف ضرب وحدته أو تفكيك مؤسسات الدولة اليمنية وعلينا أن تذكر دائمًا أن أمريكا تستهدف إشاعة الفوضى فى المنطقة، وتنفيذ الشرق الأوسط الكبير وتفكيك مقومات الأمة العربية، باستخدام وكلاء إقليميين وهما إيران الفارسية وتركيا العثمانية، ولا شك أن العرب الأن قادرون على ردع كل من تسول له نفسه المساس بالأمن القومى العربى المشترك.

تركيا كانت تقدم نفسها على أنها قائد إقليمى.. واليوم فإن وجود مصر وباكستان ينهيان فرص وجود الدور الذى تسعى إليه.. فتركيا كانت تراهن على عدم قدرة مصر على تنفيذ وعودها «مسافة السكة» واليوم بعد المشاركة المصرية فى الحالة اليمنية انتهت حسابات تركية فى الإقليم.. والآن باتت تركيا فى مواجهة ليس مع الدور المصرى فقط وإنما مع القفزة الباكستانية الكبرى إلى قلب معادلة الإقليم. الأمر نفسه بالنسبة لإيران التى خرجت تصريحات قادتها قبل أيام بأن إيران باتت إمبراطورية عاصمتها بغداد، وكأن العراق الشقيق واليمن السعيد وسوريا الصامدة باتت لعبة فى يد النفوذ الإيرانى الذى يصرح علناً بأن له إمبراطورية فارسية، وقبل ذلك كانت تصريحات قائد القوات البحرية الإيرانية بأن نفوذ إيران سيمتد من مضيق باب هرمز وحتى باب المندب وصولاً إلى مضيق جبل طارق، ربما خشى الإيرانيون أن يذكروا قناة السويس حتى لا يعد ذلك استفزازًا صريحًا لمصر، لكن الحقيقة الواضحة هى أن إيران كانت تسعى وبشكل دائم للسيطرة على كل مقدرات الأمة العربية. إن مصر شاركت فى عملية عاصفة الحزم بحسابات أمن قومى مصرى خالصة التى هى جزء من الأمن القومى العربى بل وعموده الفقرى، يأتى فى مقدمتها حماية مضيق باب المندب الذى يساوى قناة السويس فإذا تم غلق أو تهديد التوازن العسكرى فيه فإن ذلك ينهى أهمية قناة السويس كمعبر دولى.. وكذلك فإن التهديدات التى تواجهها مصر خارجيًا وداخلياً فى ليبيا والسودان وشرق المتوسط وإثيوبيا.. فكلها متعلقة بالقوى التى نواجهها الآن فى الإقليم وفى اليمن تحديداً القضية وببساطة أن الأقليم كله يستعيد توازنه الاستراتيجيى.. ومصر جزء من هذا الإقليم.. أمننا الداخلى مرتبط بملفات الإقليم.. فالسودان باتت اﻵن خارج التعاون اللصيق بإيران وتركيا التى تناصبنا العداء وتواجهنا داخليًا وخارجيًا والتى ضعفت حساباتها الإقليمية، فوجود مصر فى مضيق باب المندب أمر مهم وحيوى للأمن القومى المصرى ليس فقط من أجل حماية شواطئ اليمن وحرية الملاحة فى قناة السويس ولكن لأن إيران لها موضع قدم فى أريتريا.. إن اﻷمة العربية استيقظت من سباتها العميق ونرجو لها أن تستمر فى اليقظة لتواجه كل المخاطر المحيطة بها.