رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متى تتخلص بلادنا من الأخطار المحدقة«1-2»


تحيط ببلدان العالم العربى والإسلامى عموماً أخطار شديدة، منها ما هو حال أى عاجل الخطر، ومنها ما هو مثل السم، الذى يعمل ببطء فى الجسم حتى يقتله

بعض الأخطار حقيقية، وبعضها متوهم، مثل الظن بأننا لا نستطيع أن نخرج من هذه التحديات وأنها قدر. صحيح هى من قدرنا، ولكننا يجب أن نهرب من القدر إلى قدر أفضل أو أجمل، ولا نستسلم إلا بعد أن تعيينا الحيل.

من الأخطار الملحة والأكيدة «خطر الداعشية» خاصة عندما تتسع جغرافيا فيصعب محاصرتها، وإذا كانت «داعش» قد استطاعت، بفشل كثير من الأنظمة والحكام وتسلطهم وتجبرهم بل وإجرامهم خصوصاً فى سوريا والعراق، استطاعت، أن تستولى على مساحة كبيرة من الأرض تنطلق منها لنشر الخراب والتدمير، وذلك استفادة من أخطاء الحكام على مدى سنوات طويلة، فإنها بكل تأكيد تزداد خطراً وتدميراً، عندما تنتشر فى بعض البلدان الأفريقية مثل نيجيريا لطبيعتها الجغرافية، وجهلها بالإسلام الصحيح، خصوصاً بعد بيعة «بوكوحرام» لـ«داعش»، وبعد حصولهم على مزيد من العمق الاستراتيجى.

يستطيع الفنانون أن يغنوا ابرازا للخطر: من شيكو إلى البغدادى، يا قلبى لا تحزن. ضمن استراتيجية دور الأدب والثقافة والفن فى محاربة الإرهاب.. شيكو هنا هو أبو بكر شيكو، زعيم بوكوحرام الذى بايع مؤخراً، أبا بكر البغدادى، وليتهما يقرآن سيرة سيدنا أبو بكر الصديق الذى يحملان اسمه، ولا يمارسان شيئا من أخلاقه العظيمة وسماحته التى تغنى بها التراث، تلك الأخلاق زانت التراث الإسلامى، وذكره القرآن فى قوله تعالى «ثَانِى اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا»، ومن الأخطار المحدقة بالأمة والتى تستجيب لها فئات وجماعات معينة باسم الدين، فتنة الطائفية، سواء أكانت بين مسلمين أوغيرهم من المواطنين من أصحاب الأديان الأخرى، وقد سعى الدستور المصرى الجديد الى تمهيد التربية فى مصر للتخلص من أسباب هذه الفتنة، فحقق بذلك المساواة الكاملة بين المواطنين، وهناك اليوم فتنة الطائفية المذهبية بين السنة والشيعة، وهى من أخطر الفتن التى قد تتحول إلى صراع أو حروب فى المنطقة لا يستفيد منها إلا الغرب وإسرائيل، وهناك من وراء هذه الفتنة مخططات وأموال وقنوات تلفاز وصحف وجرائد وغيرها من أدوات الإعلام الهدامة.

وقد فطن اثنان من كبار العلماء المعاصرين رحمهما الله تعالى إلى خطورة هذه الفتنة، أحدهما الشيخ محمد الغزالى الذى كتب فى صفحة 33 من كتيبه بعنوان «مع الله» يقول عن هذه الفتنة «هناك خلافات علمية، ومذهبية، حفرت فجوات عميقة بين المسلمين،وقطعتهم فى الأرض أمماً متدابرة،وهم فى واقع أمرهم وطبيعة دينهم أمة واحدة».

والدارس لهذه الخلافات يتكشّف له على عجل أنها افتعلت افتعالاً، وبولغ فى استبقاء آثارها وتفتيق جراحاتها، بل فى نقل حزازات شخصية،أو نزعات قبلية إلى ميدان العقيدة والتشريع، وذاك ما لا يجوز بقاؤه إن جاز ابتداؤه. وكلما زادت حصيلة العلم الدينى،وتوفرت مواد الدراسة الصحيحة انكمشت الخلافات،واتحدت الأمة الإسلامية منهجاً وهدفاً». ويستمر الشيخ الغزالى فى كلامه القيم ذلك فى الكتاب فيقول: «ولذلك نحن نرى التقريب بين هذه المذاهب فرضاً لابد من أدائه، وأخذ الأجيال الجديدة به، كما نرى ضرورة إحسان النظر فى دراسة التاريخ الاسلامى،وتنقيته من الشوائب التى تعكر صفاءه».أما العالم الآخر فهو الدكتور محمد رشاد سالم- أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر ثم بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض- والذى كتب فى صفحة 94 من مقدمته لكتاب: «منهاج السنة النبوية فى نقض كلام الشيعة القدرية»، الجزء الأول لابن تيميه رحمه الله تعالى، وهو يحققه، كتب كلاماً نفيساً، رغم أن البيئة لم تكن تحتمل ما كتبه.. وللحديث صلة، والله الموفق