رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إن الذكرى تنفع المؤمنين «1-2»


بمناسبة التعديل الوزارى الأخير الذى نأمل أن يكون فى صالح مصر وحقوق الإنسان، فإننى أذكر السابقين والقادمين بأبيات الشعر الجميلة المعبرة لأبى البقاء الرندى حين يقول: لكل شىء إذا ما تم نقصان... فلا يُغر بطيب العيش إنسان.

هى الأمور كما شاهدتها دول.. من سره زمن ساءته أزمان.

أستغرق بصفة تكاد تكون مستمرة فى أحوال وأوضاع العالم العربى والإسلامى وخصوصاً مصر، بحكم المولد والنشأة والذكريات التى تفوق سعة أكبر المجلدات.

تعلمنا فى الصغر قول مصطفى كامل فى الوطنية ومحبة الوطن «لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً» قالها مصطفى كامل ومصر تحت الاحتلال الإنجليزى والملكية الفاسدة.. قول مصطفى كامل هذا يذكرنى بقول ابن باديس فى الجزائر: شعب الجزائر مسلم.. وإلى العروبة ينتسب.. ويذكرنى كذلك بقول أمير الشعراء شوقى: بلادى وإن جارت علىًّ عزيزة.. وأهلى وإن ضنوا علىًّ كرام تعلمت هذا فى النشأة، وتعلمت كذلك قول حسن البنا، وهو يؤكد علىّ حب الوطن حينما يقول: «وهكذا ترى أيها الأخ المسلم أننا مع غلاة الوطنية فى حب الوطن». كل هذه الأقوال، تدور فى فلك أو أرجاء أو نفحات قوله صلى الله عليه وسلم، وهو يهاجر من مكة الى المدينة، دون أن يهجرها أو ينساها أو يعمل ضدها، « والله إنك ِلأحب بلاد الله إلىَّ، ولو أن أهلك أخرجونى ما خرجت.» بلاد الله كلها حبيبة إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأحبها إلى نفسه وقلبه وروحه، مكة المكرمة التى ولد فيها ونشأ بين جبالها وهضابها ووديانها، ومقدساتها وحرمها، وله فيها ذكريات عزيزة، وأيام شباب وكفاح لا تٌنسى.

من هذا المنطلق، أدرك أن محط اهتمامى الأول والأكبر، هو مصر، ثم العالم العربى ثم العالم الإسلامى، ثم الإنسانية كلها، إذ إن الانسان يحب الخير لأخيه الإنسان مهما كانت عقيدته أو دينه أو لونه أو عنصره أو جنسه أو توجهه السياسى والحزبى. وهذا سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه وأرضاه يقول: « الناس صنفان، أخ لك فى الدين ونظير لك فى الخلق».

ويحاول من يراقب، ولديه قدرة على الإصلاح أو تصويب المنكر أن يصلح وأن يغير وفق المصلحة العامة والقواعد الأصولية والفقهية، الكلية منها والجزئية، وفى مقدمتها: «لا ضرر ولا ضرار».. وذلك فى ضوء قوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان».. أى أن هذا هو أقل درجات الإنكار، أما التغيير باليد فيكون للحاكم أو المسئول.. ولو أن الإسلاميين علموا وآمنوا بذلك لكانوا نماذج مضيئة وهم على قمة العدل والرحمة والمساواة والسماحة والرحمة والتقدم.

الإصلاح والتغيير لا يكون أبدا باستخدام القوة أو العنف أو إرهاب الآخر، حتى لو كان الطرفان الدولة والمواطن، بل إن الطريق إلى الإصلاح واضح وميسر، «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».. ولذلك القول القرآنى رؤى واستراتيجيات وسياسات وآليات ووسائل مشروعة، فالهدف النبيل لا نصل إليه إلا بوسائل مشروعة، لأن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان صواباً، أى مشروعاً ولا ينتج عنه ضرر أو فساد أكبر من القائم أو المراد إصلاحه.

ومما أريد أن أذكر به هنا أولويات العلاج، لأن الأزمات والكوارث كثيرة والشاعر يقول: لو كان هما واحدًا لأتقيته.. ولكنه هم وثان وثالث.

يأتى فى مقدمة التحديات فى مصر اليوم، الإرهاب وكيفية علاجه ومواجهته، وقد تعددت المؤتمرات والندوات والمواجهات ولا يزال الإرهاب على قيد الحياة وهو يحمل الموت والدمار. علاج الإرهاب باستراتيجية شاملة يكون أساساً لعلاج الأزمات والتحديات الأخرى، وفى ظنى أن الإرهاب الذى انتصر فى العراق وسوريا وليبيا والصومال وغيرها، حال دون علاج لبقية الأزمات والتحديات والكوارث الأخرى، ولا تزال تلك البلاد تعيش فى دائرة مفرغة. وللحديث صلة فى الأسبوع المقبل، وقد نجح المؤتمر الاقتصادى العالمى رغم كثرة تلك التحديات والأزمات. . والله الموفق