رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل محاربة الإرهاب تبرر الأخطاء؟


ليس عندى ذرة شك ولا حرج، فى أن تكون الأولوية الأولى فى استراتيجيات مصر اليوم، هى فى ضرورة مواجهة الإرهاب، والتغلب عليه، وقبره حيثما كان، والسعى الجاد فى تجفيف منابعه، سواء أكانت خارجية أم داخلية، مادية أم بشرية أم إعلامية أو غيرها. هذا معناه المحافظة على الوطن ووحدته وأمنه واستقراره، وهو فى الوقت نفسه محافظة على راحة المواطنين

 ويعنى ذلك أيضاً الوقوف ضد محاولات التقسيم أو التفتيت أو زيادة الصراع، أو الوقوع فى مخططات خبيثة، أو إنجرار مصر إلى حالة من الحالات التى حزنت الأمة عليها ولا تزال، وهى سوريا والعراق واليمن والصومال وليبيا، التى لم يعد فيها دولة ولا نظام، وهى حالة غريبة حدت ببعضهم من أهالى تلك الديار، أن يحزن على أيام صدام حسين وأيام القذافى، رغم الديكتاتورية والتسلط والفساد والظلم والجنان أحياناً.

محاربة الإرهاب يجب أن يكون لها استراتيجيتها، وينبغى استنفار الشعب كله – كل من موقعه - لأداء دوره جيداً مما يؤدى للنجاح فى هذه المهمة. هذا لا يعنى أن الفلاح سيترك موقعه، ولا العامل فى المصنع ليلتحق بهذه الحرب، إلا إذا كان مطلوباً بعينه، لأن كلاً منا يشارك من موقعه وبالقدرالمطلوب فيه الإسهام بعد مقتل شيماء رحمها الله تعالى، ورحم جميع موتانا، ثارت أسئلة كثيرة فى الشارع المصرى، منها ما يتعلق مرة أخرى بقانون التظاهر، وأداء الشرطة والأمن ووزارة الداخلية، ويشمل الحديث أيضاً ميادين حقوق الإنسان.

هذا يدفعنى – كما يدفع الآخرين – إلى دوام التفكير فى الإصلاح، ومعالجة الأخطاء والسلبيات الموجودة، لأن سياسة الهرب من الأخطاء، أو التنكر لها أو إنكارها لن يعالجها، ويمكن تحديد بعض النقاط المهمة بهذا الصدد:

أولها: ضرورة تنقية أو تعديل القوانين والإجراءات واللوائح التى تخالف الدستور الذى ارتضاه الشعب، وكان ذلك الدستور أول استحقاقات خارطة الطريق التى ذهبت بجزء من الصورة المسيئة، التى حاول البعض إلصاقها بمصر فى وقت من أصعب الأوقات بعد ثورة 30 يونيو، التى ظنوها انقلاباً وما هى بانقلاب، بل ثورة من أبرز الثورات التى كانوا يحسبونها قبل وقوعها زوبعة فى فنجان.

ثانياً: خطورة الأخطاء على المستوى الداخلى والخارجى. إن الأخطاء التى يهرب منها مرتكبوها، تطير إلى شتى أنحاء العالم قبل هروبهم، فنحن نمر بمرحلة تقنية ومعلوماتية عالية الدقة، وبعض دول العالم حتى التى تبدو صديقة لمصر، تنتهز وقوع أى أخطاء لتتصدر الملف المصرى خاصة فى ميدان حقوق الإنسان، وفى دوائر دراسة ومراجعة هذا الميدان وبالأخص فى جنيف فى إطار الأمم المتحدة ونحن فى مصر فى غنى عن كل ذلك حتى لا يجد المدافعون عن مصر حرجاً أكبر. ولا تأكل من حسنات النظام.ثالثا: تكرار الأخطاء أحياناً يكون مبرراً للإرهابيين والمتطرفين والمتشددين، ويكون سبباً أو ذريعة لتجنيد المزيد من العناصر المخربة.

رابعاً: لماذا يبقى المسئول الذى تتكرر أخطاؤه فى موقعه رغم أن تعداد السكان فى مصر يتجاوز الـ «85» مليون نسمة؟ إن الكفاءات المصرية الراقية لا يوجد لها مثيل فى البيئات المماثلة، رغم الصعوبات التى اكتنفت ولا تزال، عملية التعليم والتربية والإعداد، بل واستطاعت كفاءات مصرية متميزة، أن تحقق نجاحات عالمية واسعة. ولا يستعصى على القيادة السياسية بصفة خاصة أن تجرب العديد من كفاءات مصر، حتى تستقر على القيادة التخطيطية والتنفيذية المناسبة، التى تأخذ بيد مصر للخروج من الإرهاب أولاً، ومن الضعف فى نفس الوقت، وليس هناك أى تعارض بينهما، ومن بعض أوجه التخلف المشين، ومن الضرورى أن يكون لدينا مؤسسات وطنية تقيس التقدم بدقة وموضوعية، وحتى نسعى إلى تحقيق الخطط التى يتم الاتفاق عليها، بعيداً عن أى مجاملات، فالمجاملات تشد الوطن إلى الوراء، وعلاج السلبيات قبل أن تستفحل يعين فى التقدم، والخروج من مآزق التخلف وحتى لا يمر الزمن سنة وراء آخرى، دون إنجازات بارزة. والله الموفق