رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جامعـة عِـلـْـم .. وثمرة امتنان


لإيمان القاهرة عاصمة العلم والعلماء بعظمة وقيمة «العِـلْم» وأنه هو المفتاح الحقيقى لكل المجتمعات نحو التقدم والازدهار والرفاهية، وهو بوابة الولوج إلى آفاق عالم المعرفة والابتكار والتدبُّر والاكتشاف، كانت الدعوة الحضارية بتأسيس جامعة فى سيناء باسم الملك عبد الله بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية الراحل «رحمة الله عليه».
لترد كيد الكائدين من جيوش الظلاميين المتربصين بأوطاننا العربية وتريد للبشرية أن تسبح فى بحار من الدماء لايحكمها إلا منطق السلطة والمال، دون الالتفات إلى عامل النجاح الفاعل والرئيسى وهو وجود الأخلاق، وتقديم الرد العملى الإيجابى لمن وقفوا إلى جانب مصر فى مواجهة الإرهاب وعناصره، تلك العناصرالتى تريد العودة بنا إلى مجاهل القرون الوسطى.. فتعطى مصر بهذا المثل والقدوة التى يجب أن تحتذى لكل شعوب العالم، فتعلى قيمة العلم والعلماء وفى الوقت نفسه تضرب المثل الرائع فى الأخلاق العليا نحو رد الجميل لأعظم الأصدقاء .. ولتؤكد قول الشاعر:

بالعلم والأخلاق يبنى الناس ملكهمُ .. لم يُـبن ملكُ ُ على جهل ٍ وإقلال.

وجاء قرار القيادة السياسية المصرية بالدعوة إلى إقامة جامعة عملاقة بتمويل مصرى 100% لتصبح بمثابة منارة للعلم والعلماء فى تلك البقعة المقدسة من الأرض المصرية «فى منطقة جبل الجلالة بسيناء، على أعلى قمة للجبل 700 متر».. لتحيى مجد الآباء والأجداد الذين حرصوا على إعلاء واحترام قيمة العلم لسعادة الإنسان، والعمل على تربية النشء بإعلاء قيمة العقل والفكر ليفتح كل مجالات الرفاهية للبشر على أرضنا العربية، وما أروعها من ثمـرة من ثمرات الإمتنان تقدمها مصر: رئيسًا وشعبًا تكريمًا للعاهل الراحل وشعبه الكريم، واحتراما لكل من ساهم وشارك فى مساندتها فى حربها الشرسة ضد كل الأفكار الرجعية المتخلفة، التى تتخذ من الشعارات الدينية ستارًا لتحقيق مآربها وأطماعها فى الخريطة العربية التى تعانى من مخلفات فكرالاستعمار القديم بكل صنوفه وأشكاله، وهى بهذا تقدم الدليل العملى بإنشاء الجامعة، لتقوم بدورها بدراسة البيئة فى صحراء سيناء التى عانت الكثير من الإهمال والتخلف على مدى أحقاب، وتفتح أبواب العلم والاجتهاد والدراسة الجادة لأبناء القبائل التى تحمى بوابة مصر الشرقية، وهذه الجامعة ستكون قبلة لطالبى العلم من كل حدب ٍوصوب .. كتوطئة لإعمار سيناء وفتح مجالات عمل جديدة بها للشباب، وستكون بمثابة حائط صد وخط دفاع تمنيناه على مدى أعوام كثيرة .. لحماية سيناء كجزء لايتجزأ من مصرنا المحروسة، الذين يريدون أن ينتزعوها من أحضاننا لتكون وكرًا لأعمالهم الشيطانية التخريبية .. ناهيك عن أنها ستكون ساحة لانعقاد الكثير من المؤتمرات العلمية التى من شأنها فتح باب الدراسات للنهوض بهذه البقعة المهمة من الوطن وسكانها ونواة لتعمير سيناء طالما طالبنا به وطمحنا اليه، وبهذا لن تكون مقصورة على هذا التكريم المرجو فحسب بل سينسحب دورها إلى حماية الأمن القومى المصرى، إلى جانب كونها لمسة وفاء تجاه بلد شقيق ساندنا كثيرًا على جميع الأصعدة.. فلن ننسى مواقف الملك الداعمة ولا مقولته الشهيرة التى أطلقها مدوية فى وقت ٍ عصيب مرت به مصر مفادها أن أمن مصر من أمن السعودية.

وختامًا.. لا نملك إلا أن نبعث بخالص التهانى القلبية على هذه الخطوة العملاقة.. لتكون بمثابة رد بالغ الأهمية والخطورة لكل عناصر الإرهاب، وهو الرد الذى يجب أن يفهمه دعاة الظلامية لنقول لهم: نحن نبنى الحضارات ولا نهدمها، ونكرم الإنسان ونسلحه بالعلم فى مواجهة من لا يفهمون معنى كلمة: وطن، وحتى يستريح الراحل الكريم فى قبره.

مركز اللغات والترجمة ـ أكاديمية الفنون