رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من قلب الحزن والغضب يولد الثقة والأمل


ألم يكن ذلك تحت عين ونظر نظام مبارك؟ أم أن مبارك كان حاكما لولاية شرم الشيخ فقط يدير منها مقادير رجال السلطة والمال والفساد، ويعقد فيها مؤتمرات المصالح الأمريكية والصهيونية على حساب مصرنا الحبيبة والوطن العربى كله.

ولحد امتى يا مصر نلبس ثوب السواد ونعلن الحداد؟ ولحد امتى يا مصر نحزن على أولادك وبناتك، شهداء قدموا أرواحهم ليكى فداء؟ ولحد امتى يامصر الإهمال والارتباك والارتعاش والترهل فى دواوين حكوماتك يحصد أرواح الأبرياء؟ ولحد امتى يامصر تستمر السياسات فى حكم البلاد ردود أفعال وليست رؤى واضحة وخطوات ثابتة وأفعالا؟

متى يا حكام يا مسئولين نكون جادين فى تكوين حكومة حرب على الإرهاب والفقر والتطرف؟ حكومة للتنمية، حكومة لبناء الإنسان جسدا وفكرا وثقافة وتعليما وسلوكا ودينا وقيما وأخلاقا؟ إنها الإرادة السياسية التى لم تتوفر بعد، فالجماعة الإرهابية التى اكتوى بعنفها الوطن منذ ثمانينيات القرن الماضى، والتى نمت وترعرعت طوال السنين داخل قرى مصر ونجوعها وعلى الحدود فى قلب سيناء الحبيبة، هذه الجماعات من المفروض أنها مرصودة من عين الأمن الحارس لمصر.

يقول البعض: لماذا تحاكمون مبارك ونظام مبارك، ونقول لهم، وهل سيناء كانت بعيدة عن عين نظام مبارك وهى خالية من التنمية، صحراء بلا زراعة ولا تنمية ولا تعليم، بل وبلا عدد من السكان يعتد به؟ هل كانت الأنفاق التى يتم حفرها يوميا بالآلاف لتهريب كل شىء وأى شىء، بدءا من الغذاء والوقود، حتى السلاح والمخدرات ومرور الإرهابيين من وإلى غزة، والمتطرفين الذين يتبعون تنظيم القاعدة «والآن تبايع بيت المقدس داعش لتعلن ولاية سيناء»!

ألم يكن ذلك تحت عين ونظر نظام مبارك؟ أم أن مبارك كان حاكما لولاية شرم الشيخ فقط يدير منها مقادير رجال السلطة والمال والفساد، ويعقد فيها مؤتمرات المصالح الأمريكية والصهيونية على حساب مصرنا الحبيبة والوطن العربى كله!

منذ استرداد سيناء الحبيبة، والتى عادت لنا منقوصة السيادة وفق اتفاقية «كامب دافيد»، ونسمع عن تعمير وتنمية سيناء! فى الوقت نفسه الذى بنيت فيه منتجعات الساحل الشمالى وبورتو مارينا وبورتو السخنة لقلة من علية القوم ينعمون وغالبية الشعب المصرى فى القبور والعشوائيات يعيشون! وفى الوقت نفسه بدلا من أن تصرف أموال البلاد على الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وسكن وعمل، وعلى المرافق من مياه الشرب والصرف الصحى والكهرباء والنقل والطرق والمواصلات، بدلا من كل ذلك يتم إهدار المال وبيع شركات القطاع العام بأبخس الأثمان، وطبعا فروق الثمن تحتوى على عمولة لمحاسيب السلطة ناهبى المال العام.

وتعلو نغمة تنمية وتعمير سيناء مع كل حكومة جديدة. الآن ينتبه القادة إلى البدء فى تنمية وتعمير سيناء، ويخصص له عشرة مليارات جنيه، للقضاء على الإرهاب، وللتنمية والتعمير. فهل من مجيب؟

إن الشعب المصرى يثق فى جيشه، فالجيش المصرى من أولاد كل بيت فى مصر من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها. الشعب المصرى والله ما قصّر واقفا متحملا صابرا صامدا فى وجه الإرهاب. الشعب المصرى لم ولن يلغى تفويض مكافحة الإرهاب الذى خرج من أجله فى 26 يوليو 2013. الشعب المصرى صادق فى وعده وعهده، ولكن هل كانت الحكومات المتعاقبة منذ ذلك الوقت صادقة فى تطبيق ذلك العهد؟ الجيش والشرطة هما فقط اللذان، وما زالا ينفذون العهد ويقدمون أرواحهم فداءً للوطن. الذى نحتاجه ياسادة هو حكومة الحرب على الإرهاب والفقر والفكر المتطرف والفساد. قلنا مرارا وتكرارا بناء الإنسان المصرى مثل بناء الجيش المصرى، التنمية الشاملة فى كل المجالات الصناعية والزراعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية أساس لمكافحة الإرهاب.

هل تم وضع خطة كاملة متكاملة بين الوزارات المعنية: الثقافة والتعليم والشباب والرياضة لمحاربة الفكر المتطرف، بتعليم يقوم على تعميق الانتماء الوطنى، وتنمية الثقافة والمهارات، ومؤسسات دينية تنشر الخطاب الدينى المعتدل المتسامح، ووزارة للشباب والرياضة تعمل على تنمية المهارات والمواهب الرياضية، ووزارة ثقافة تنشر الإبداع بكل أشكاله، وتصل به إلى أبعد كفر ونجع فيك يا مصر، وإعلام مستنير لإعادة منظومة الفكر والقيم والأخلاق.

إنها مهمة تتاح إلى كتائب من خيرة أبناء هذا الوطن تقودها حكومة مقاتلة فى كل مجال وكل مكان، تضع خططا شاملة وفق فترات زمنية محددة، لتحقيق ما نحلم به ونريد. نعم إننا نحتاج إلى كل من يملك الشجاعة والإرادة السياسية والفكر والإبداع فى مجال تخصصه. لا نحتاج إلى أياد مرتعشة ودواوين حكومية يعشش فيها الفساد. وفى جنباتها القوانين واللوائح البيروقراطية التى تؤخر ولا تقدم، والتى تمنح الامتيازات لكبار رجال الدولة وأصدقائهم.

لا تنمية مع الفساد، لا أمن مع انتهاك الحريات، لا عدالة اجتماعية مع حكومات الخصخصة والمستثمرين المحتكرين، لا استقلال إرادة وطنية دون تنمية القطاع العام وتطويره وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء والاحتياجات الأساسية.

لا كرامة إنسانية بدون توفير خدمات الصحة والتعليم والسكن، لا قضاء على الإرهاب دون تكاتف الكل معا، والعمل من أجل البناء والتقدم. يا رئيس الجمهورية، نقولها للمرة المئة بعد الألف، القضاء على الفساد وتنمية القطاع العام وإعادة بنائه وتطويره بالأيدى والأموال المصرية، هما سلاح محاربة الإرهاب.