أزمة النخبة
منذ عام 2000 بدأت مصر تدخل منظومة العولمة، وكانت حكومة د. عاطف عبيد هى عنوان الغرق فى حالة العولمة، وبدأ المجتمع المصرى يفتح عيونه على العالم تحت مسميات عصر السماوات المفتوحة، ومع انفتاحنا غير المدروس على العالم بدأت حياتنا الحزبية تنفتح على تيارات الفكر الغربى أيضاً بشكل غير مدروس.
اندفع فى هذا التوقيت كثير من الأصدقاء من أبناء النخبة المصرية ممن كانوا جزءاً معتبراً من الحركة الطلابية فى السبعينيات، وكانوا يعبرون عن الأفكار القومية من منطلقات بعضها ليبرالى والآخر يسارى، للعمل ضمن منظومة المجتمع الدولى الذى عمل بشكل مخطط لتفكيك النخبة المصرية أيديولوجياً وفكرياً حتى باتت كثير من النخب التى كانت قادرة على ممارسة العمل السياسى من منطلق أيديولوجى مصرى النكهة إلى حقوقى مهمته الأولى التعبير عن موجة دولية تسعى لفرض نفسها على الوطن وتستهدف الغاء خصوصيته السياسية وحتى الاجتماعية والاقتصادية ليسهل لها تنفيذ مخططها، فالتمويلات الخارجية لعبت دوراً كبيراً فى تدمير بنية الحالة النخبوية المصرية، وشاركت بشكل كبير فى إفساد الحياة السياسية.الواقع يقول إن الأربعة عشر عاماً الماضية التى سمحت فيها مصر للمجتمع الغربى بأن يصنع النخبة المصرية، أدى- إلى جانب ممارسات سياسية سابقة- إلى تفريغ الحالة الحزبية المصرية من كوادرها الحقيقية، فطبقة «التكنوقراط» تحولت إلى مجرد صدى للفكر الغربى العالمى، وباتت تتعامل رأساً مع المراكز الحقوقية والمجالس المتخصصة المعتمدة على التمويل الأجنبى، وبات الناشط العمالى يسعى إلى إنشاء نقابة مستقلة استجلاباً للتمويل، وتحول العمل النقابى إلى نشاط حقوقى، وتحول البعض من ممارس للفعل السياسى إلى مجرد مرآة للمجتمع المدنى الغربى العالمى الذى بدأ فى تحويل حالة النخبة المصرية فى كل المجالات إلى عمل مفرَّغ من المضمون، ويراعى مصلحة الأجنبى أكثر مما يراعى المصلحة الوطنية!
إن التمويل الاجنبى هو إحدى» ظواهر التحول إلى العولمة بغير هوية، نعم إننا بلد عاش بلا هوية سياسية منذ العام 2000 تحديداً وحتى 30 يونيو 2013، وخلال هذه الفترة كنا بلداً يتخبط فى فضاء دول لها أجندات خاصة بها ويفقد إرادته بشكل تدريجى، إن إعادة إنتاج النخبة المصرية على أسس الهوية المصرية الوطنية والمؤمنة بالله هو جزء من عملية إنقاذ مراكز القرار الوطنى من الانهيار الذى أصابها خلال عقود تلاعبت بها السلطة تارة والدولار تارة أخرى.
■ رئيس حزب الجيل الديمقراطى