رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التحالف المشبوه.. والموقف المفقود


... هل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية التى تدور فى فلكها، حريصةٌ أو معنيةٌ بالدين الإسلامى ورفع لوائه ونشر دعوته وإقامة دولته؟ وهل نظن أنها يمكن أن تساند - على أساسٍ عقائدى - دولةً فى العالم غير الكيان الصهيونى؟ وهل نظن أن علاقاتها بسائر الدول ومواقفها تجاه كل الشعوب تقوم على المبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية؟ وهل نرى لها على مدى تاريخها إخلاصاً لنظام حكمٍ اصطنعته أو لحاكمٍ استعملته؟ وهل نقبل تدخلها السافر الممجوج فى كل شئون الحياة الدولية تحت زعم أنها حامية الحمى وراعية الحرية والعدالة؟ ومع التسليم بأنها دولة عظمى بمنطق القوة وليس بمرجعية الحضارة، فهل يسوغ لنا أن نثق ثقة مطلقة فى أى تصرفٍ لها تجاه أى من القضايا الدولية، وقد ثبت للعالم ازدواجية المعايير التى تأخذ بها وتناقض مواقفها تجاه الأحداث المتماثلة؟ وهل يسوغ لأمة العرب أن تنسى تجاربها المريرة عبر التاريخ مع الإمبراطوريات الغربية التى ما أرادت إلا تفتيتاً لكيانها وطمساً لهويتها وسلباً لثرواتها؟.إن الإجابة بالنفى عن تلك الأسئلة، هى مقدمة حديثى اليوم عن ذلك التحالف الذى شكلته الولايات المتحدة الأمريكية خارج إطار الشرعية الدوليةلمحاربة ما يسمى بالإرهاب الداعشى. وبالبناء عليها فإننى اتفق أولاً مع كل المحللين السياسيين الذين يرون أن الهدف الحقيقى من ذلك التحالف المشبوه هو ضرب الشقيقة سوريا وإسقاط نظامها وتفتيت وحدتها، بعد الفشل فى تحقيق ذلك عن طريق الفصائل المسلحة العميلة المسماة بـ«المعارضة السورية»، وذلك كله فى إطار مؤامرة الشرق أوسط الجديد التى تستهدف الأرض العربية بأكملها. وعيبٌ على أمة العرب أن تصدق المزاعم الأمريكية أو تؤازرها أو ترحب بها بأى شكلٍ من الأشكال، وهى تعلم الغرض الحقيقى الخبيث منها، كما أن دروس الماضى القريب مازالت شاخصةً أمامها، كضرب العراق تحت زعم تحرير الكويت ثم ضربها تحت زعم امتلاكها أسلحة الدمار الشامل ثم ضرب دولٍ عربيةٍ أخرى تحت زعم ثورات الربيع، وإذا كان عدد تنظيم داعش الإرهابى حسب التقديرات العسكرية لا يتجاوز 20 ألف شخص من جنسيات متعددة، فهى قوةٌ - بغض النظر عن أسباب وكيفية نشأتها - يمكن القضاء عليها إقليمياً إذا خلصت النوايا وتوحدت الرؤية والجهود العربية، بل إن النظريات والتجارب الأمنية تؤكد أن القضاء على الإرهاب لا يتحقق إلا بقدرة الأوطان التى نبت أو تواجد فيها، وبالتالى يبقى الدور الخارجى لمن أراد المساعدة مقصوراً على مساندة الأنظمة المعنية بمكافحة الإرهاب ومعاداة تلك الداعمة له، وبشرط وضع تعريفٍ محدد للإرهاب يتفق عليه المجتمع الدولى.إننى أعتقد أن ذلك التحالف الشيطانى يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومى العربى ، ففضلاً عن المخاطر التى يمكن أن تلحق بالدولة المصرية فى حال سقوط سوريا لا قدر الله، فإن مجرد قيام ذلك التحالف واستمراره دون معارضة من العرب والدول المحبة للسلام، إنما يقنن وضعه ويسبغ عليه شرعية الأمر الواقع رغم عدم مشروعيته القانونية، وبالتالى يمكن أن تمتد عملياته بهذا الغطاء إلى كل الأرض العربية لفرض مخطط التقسيم، تحت زعم محاربة الإرهاب فى كل مكان. فهل ينتبه القادة العرب ويتحدون على موقف أراه مفقوداً حتى الآن؟ حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

لواء بالمعاش