رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراما تاريخية لكنها بأحداث مغلوطة«١-٢»


أتابع نقدى للدراما الرمضانية الذى بدأته منذ بداية الشهر الكريم. وأنتقل لمسلسلين يقدمان جانبا من تاريخ مصر. أحدهما للقرن التاسع عشر وهو «سرايا عابدين»، والثانى فى القرن العشرين هو «صديق العمر» وأتطرق إليه غداً.

أبدا بمسلسل «سرايا عابدين» الذى منذ اللحظات الأولى منه نجد أنفسنا أمام إنتاج عربى ضخم يبدو عليه أنه تم الإنفاق عليه ببذخ شديد، فهو يضم نخبة كبيرة من الأبطال والممثلين الذين تم جمعهم، وكان يصعب اشتراكهم معا لأن بعضهم يقوم ببطولة أعمال أخرى فى نفس الشهر، ويبدو الإنفاق الضخم منذ الوهلة الأولى، سواء فى الملابس أو الديكورات، وإن كانت بعض الديكورات قد تم تقديمها بخلفية مضافة بالكمبيوتر بوضع صورتين فوق بعضهما، ولدى عدة ملحوظات أساسية على هذا المسلسل الذى سبقته حملة إعلانية ضخمة قبل عرضه، أولها ؛ أن هذا المسلسل جانبه الصواب فى تلخيص حياة حاكم مصرى مرموق، بادر بنقل مصر إلى العصر الحديث، وعرف عصره بالإنجازات الكبيرة فى مختلف المجالات، كما أنه كان رائدا فى الإصلاح فى مجالات حيوية غيرت وجه مصر إلى الأفضل، ومنها الإصلاح النيابى والإصلاح التعليمى والثقافى والإدارى والقضائى والعمرانى، وحتى اليوم لا ننسى أنه الذى أنهى حفر قناة السويس. وأقام لذلك احتفالا عالميا ، وبنى دار الأوبرا الخديوية. وأضاء الشوارع، وأدخل استخدام البرق والبريد، وطور السكك الحديدية، كما أنه الذى أسس مجلس الشورى، فأتاح للشعب اختيار ممثليه لأول مرة فى مصر، كما وضع تنظيمًا إداريًا للبلاد أنشأ خلاله مجالس محلية منتخبة، كما بنى إنشاءات كبرى ومهمة؛ مثل كوبرى قصر النيل وقصر عابدين، وهذا قليل مما فعله وأنجزه، ولكن رغم ذلك نجد أن الأحداث حتى الآن تركزت فى إظهار قصر ملكى يغوص فى المكائد بين ساكنيه والفساد والقتل والانحرافات من الكل، وبدا أن هذا الخديوى الذى أحدث نقلة نوعية فى الحياة فى مصر غارقا فى الملذات والتنقل من امرأة إلى أمرأة اخرى، ولا يشغل تفكيره سوى العلاقات النسائية وشهواته الجنسية.إن كاتبة المسلسل كويتية وليست مصرية، مما أفقدها النكهة المصرية والعادات الاجتماعية وأسلوب الحياة الذى يتميز به البيت المصرى، فأحسننا أننا أقرب لمشاهد ومناخ يقترب من جو مسلسل «حريم السلطان» التركى، الذى لقى نجاحا كبيرا لدى عرضه فى العالم العربى وأقبل المشاهد عليه بنهم لما احتواه من احداث ومؤامرات وتشويق داخل البلاط الملكى للسلطان التركى سليم ونسائه وجواريه وتوسعاته، بل إن مسلسل «سرايا عابدين» استلهم بعض مشاهد وكثيرًا من مناخ حريم السلطان مما جعل المشاهد يحس أنه مقتبس من أجواء مكائد القصر للسلطان سليم.ثالثا؛ أن المسلسل يحتوى على معلومات مغلوطة من وحى الخيال، ولم تذكر فى كتب التاريخ مما أحدث إحساسا بأن المسلسل قدم معلومات غير صحيحة، مما يعد تجاوزا محوريا فى حق تاريخ مصر، وكان يجب الاستعانة بأحد المؤرخين توخيا للدقة المطلوبة لدى التعرض لحقبة تاريخية مهمة وليست ببعيدة، ،فلقد تولى الخديوى إسماعيل حكم مصر من ١٨٦٣ وحتى ١٨٧٩، ثم عزلته إنجلترا عن العرش، وهو خامس حكام مصر من الأسرة العلوية ومعروف عهده بأنه عهد الإصلاحات. وللحديث بقية