رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سميحة المانسترلى: الاستثمار فى تقديم فن حقيقى يحافظ على بنية المجتمع والهوية

سميحة المانسترلي
سميحة المانسترلي

تحدثت الكاتبة سميحة المانسترلي عن الدراما ودورها في كسب معركة الوعي والانتماء، قائلة إن البعض قد يتساءل هل الدراما وحدها المسئولة عن نشر الوعي والحث على الانتماء؟ كلنا نعلم أننا في خضم حرب ضروس، اعتمدت على الإنترنت والتقنيات الحديثة، فالحروب تعتمد على أدوات أساسية، وعناصر لا تتغير مهما تغير الزمن، منها بالتأكيد الأسلحة التقليدية والتى تتطور مع معطيات العصور، أيضًا الهجوم والمباغته وغير ذلك من عناصر قتال.

 

وأضافت لـ"الدستور": لكن كان وسيظل هناك عنصر تمهيدي خطير وهو دراسة المناخ والأرض المراد غزوها، ودراسة نفسية الشعب ومدى ثقته في قيادته وحاكمه، ولاء الجنود للقيادات وثقتهم العظيمة بهم، ومدى تمسكهم بالدفاع والتضحية في سبيل الحفاظ على أرضهم، زرع جواسيس لجمع بيانات عن ما يتوفر من فائض غذائي إذا ما دخلوا حربًا، وحساب قدرتهم على الصمود أمام حرب العطش أو التجويع، بناء على هذه الإحصائيات يبدأ المهاجم في وضع خطته، والتى تكون أول مرحلة فيها– أهم مرحلة وأخطرها- هي استخدام الشائعات والتلاعب بعقول ونفسية المجتمعات المراد تدميرها، ببث الفتن بدهاء وخلخلة المجتمع وهو ما يسمي بالدور الإعلامي الذي يتحكم فيه اليوم الإنترنت والذكاء الاصطناعي، ثم معركة التشكيك وكسر المعنويات، ونشر الإحباط، ومحاولات التسلل لوجدان الشعوب لتفقد إيمانها بقوتها وتاريخها، والثقة بقيادتها، وأن الغد ليس لهم، وهنا يأتي دور تمكين الضعفاء والفسدة من المناصب الهامة عن طريق مخالب لهم للتحكم واستبعاد النخب التى تمتلك الوعي الحقيقي، والمفكر المهموم بقضايا الوطن، لأنهم يمتلكون القدرة على التوجيه الحقيقي للانتماء من خلال الكلمة والفكرة والإبداع الفني والثقافي، ونشر الوعي الإنساني والمجتمعي الوطني.

 

وعن دور الدراما قالت: هل المقصود هنا القوة الناعمة كما نعرفها بكل عناصرها؟، نعم بالطبع، ولكننا اليوم وفي هذه المرحلة الحرجة التى نمر بها– بعد اختراق كيانات كثيرة ممن حولنا- علينا التمسك بالعنصر الأكثر قدرة على التأثير، وهو عنصر الفن والدراما، حيث نلمس تحولًا مؤسفًا فعليًا فيما يقدم من تفاهات، وبث كل ما ينتج عنه تسطيح للعقول وإسقاط القيم وتخبط المعارف والمفاهيم، خاصة مع انتشار المنصات بلا تحكم، وقدرة على الرقابة أو المنع، وهي معركة شرسة وقد تبدو غير متكافئة ظاهريًا، لكننا قادرون على هزيمة الفكر بالفكر، فهي معادلة واضحة.

 

واستكملت: فلو استطعت أن تنشر فكرك من خلال إنتاج قوي كما حدث مع بعض المسلسلات الرمضانية والدراما هذا العام، مثل "الحشاشين" و"جودر" و"دون سابق إنذار" و"صلة رحم" وغيرها مما حققت نجاحات محترمة أفرزت جيلًا جديدًا من المبدعين الشباب من ممثلين وسيناريست ومؤلفين ومخرجين وغيرهم، لقد احترموا فكر المشاهد بتقديم قضايا هامة تحث المواطن على البحث والسؤال والتفكير، وتحريك العقول الراكدة، والتى مسحت من خلال تغذيتها بما يسمى برامج والدراما "ترفيهية" لا تقدم سوى فكر سلبى وتفاهات لسنوات عديدة.

 

 

الدراما الحقيقية والقوى الناعمة

 

واستكملت: "أمامنا أمل كبير أتمنى أن يتبعه تخلص من نوعيات إنتاج رديئة أو موجهة حتى يتم تراجع لفئات مدعي الفن والطرب الهابط، الموجه لمحو هويتنا الأصيلة من لغة مشوهة وقيم ساقطة وأفكار تدعو لانهيار المجتمعات، من خلال موجات تنشر التفاهة واللامنطقية، وينتج عنه تخلف عقلي- تأثيراته أخطر من الإدمان على الجيل الحالي- أيضًا سيتبعه تراجع لمدعي الإبداع من شعراء، ولأقلام خاوية الفكر والمفاهيم الصحيحة، والذين توغلوا داخل القوة الناعمة في غفلة منا".

واختتمت "المانسترلي" حديثها عن الدراما، قائلة إن الاستثمار في تقديم فن حقيقي يحافظ على بنية المجتمع والهوية الأصيلة هو بمثابة حائط صد منيع غير قابل للاختراق، الأدب والفنون والإبداع طرق سهلة محبوبة وممهدة لتغذية "وجدان" المجتمع، حينها تمتلك الدولة دفاعين ظهيرين لبعضهما البعض، فتضاعف قوى الدولة، حيث تكون القوى الناعمة المتلاحمة بمثابة صاروخ "يربك" مخطط أي عدو مهما كانت قوته، بينما الفنون والدراما الفاسدة الموجهة، المحبطة التافهة هي– والعياذ بالله- رصاصات موجهة لعقولنا ولفكر أولادنا، فوراء كل انتصار بداية وعي عظيم.. فلا تقبل أن تكون "رقم" يزيد عدد مشاهدات تهزم فكرك وتتلاعب بعقل أولادك، جهاز التحكم تحت يدك والقرار ملكك، لا تكن أداة في يد عدوك وشارك في نشر الوعي، تحيا مصر وحفظ الله الوطن.