رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اهتمام إيرانى واسع بـ«الحشاشين»: مسلسل رائع ومشوق ويجب أن نشكر المصريين عليه

مسلسل الحشاشين
مسلسل الحشاشين

لاقى مسلسل «الحشاشين»، الذى عرض على فضائية «ON» ومنصة «Watch it»، فى موسم رمضان المنقضى، إشادات واسعة من قبل المتابعين والمشاهدين، ليس فى مصر أو المنطقة العربية وحدها، بل تعدت آثاره والآراء الإيجابية حوله إلى المشاهدين فى إيران، بعد ترجمته إلى اللغة الفارسية، وعرضه على بعض المنصات والمواقع المحلية هناك.

وحظى «الحشاشين»، الذى يعد الإنتاج الدرامى التاريخى الأضخم للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بمتابعات كثيرة وردود أفعال إيجابية من المواطنين الإيرانيين، الذين أشادوا بالمسلسل وصناعه وقصته وأبطاله، وبالفن المصرى عمومًا.

وحصد المسلسل إشادات عدة من نقاد ومدونين إيرانيين، والذين قارنوا بين الفن المصرى ونظيره الإيرانى، وأشادوا بتصوير المسلسل وديكوراته وقصته، وحياده فى تقديم شخصية الشاعر الإيرانى عمر الخيام.

نقاد ومدونون: قيمة فنية عالية الجودة.. ويستحق المتابعة

رغم الجدل الدائر فى الأوساط الإيرانية الرسمية وشبه الرسمية، على مدار الأيام الماضية، حول دقة التسلسل التاريخى لأحداث مسلسل «الحشاشين»، يوجد شبه إجماع هناك على ضخامة إنتاجه، ودقة اختيار مواقع التصوير، والأزياء، وغير ذلك من التفاصيل، التى جعلت العمل محل إشادة واسعة من قبل النقاد والمشاهدين فى إيران، على حد سواء.

وحسب تقرير للمركز المصرى للفكر والدراسات، نالت مشاهد «حلم الجنة»، التى يتم فيها تخدير مقاتلى الفرقة الباطنية وأتباع زعيمها حسن الصباح، قبل إرسالهم لتنفيذ عمليات الاغتيالات، النصيب الأكبر من حالة الجدل فى الأوساط الإيرانية.

وعلق «اليوتيوبر» الإيرانى محمد حسين رحيم بقوله: «المسلسل كان به بعض السرد غير الواقعى- من وجهة نظر الطائفة الإسماعيلية- ومن بينها، زراعة طائفة الحشاشين النبات المخدر الذى يحمل الاسم نفسه»، مشيرًا إلى أن هذه الآراء منقولة عن المستكشف الإيطالى ماركو بولو، ومبينًا أن كلمة «الحشاشين» كانت تُطلق على الأفراد الذين يبيعون الأدوية وليس المواد المخدرة.

كما علق «يوتيوبر» آخر يحمل اسم على رضا على المسلسل، متبنيًا وجهة النظر ذاتها، قائلًا: «بعض المخالفين لـ(الإسماعيليين) يعتقدون أن حسن الصباح، رئيس الفرقة الإسماعيلية، كان يعطى مخدر الحشيش لمريديه؛ حتى يجعلهم مطيعين وفدائيين».

وشهدت المواقع الإيرانية حديثًا صاخبًا عن الفرقة الإسماعيلية النزارية، مع عقد مقارنات ما بين التاريخ الإيرانى، وما ورد فى أحداث مسلسل «الحشاشين» من تفاصيل.

ونشر موقع «عصر إيران» تقريرًا بعنوان: «إلى أى مدى يعد مسلسل (الحشاشين) واقعيًا؟»، منتقدًا الإشارة إلى استخدام «الحشاشين» المواد المخدرة فى بعض مشاهد المسلسل، من أجل السيطرة على المحاربين وسلبهم الوعى، وتحويلهم إلى عناصر تنفيذ لا تجادل أو تتردد عن تنفيذ مهام القتل.

وبنبرة أكثر حدة، اعتبر موقع «نوانديش» الإيرانى أن المسلسل أحدث «حالة من الغضب فى الأوساط الإيرانية»، مشيرًا إلى أن العمل تمتع بحالة اهتمام بالغ فى إيران، رغم التباين التاريخى لتسلسل الأحداث الخاصة بحياة حسن الصباح، منذ عرض حلقات المسلسل الأولى مترجمة باللغة الفارسية، عبر موقع «أبارات» البديل لموقع «يوتيوب» فى إيران، وهو اتجاه نادر فى البلد الذى كان يميل سابقًا للاكتفاء بالإنتاج الدرامى الإيرانى، مع ترجمة بعض الأعمال الأوروبية أو التركية بشكل محدود.

وفقًا لتقرير المركز المصرى، فإن الشغف الإيرانى بمسلسل «الحشاشين» وحالة الترقب لتسلسل الأحداث يأتيان لتطرق المسلسل إلى أحداث تخص التاريخ الإيرانى والمذهب الشيعى، مع تسليط الضوء على مدن تاريخية إيرانية، مثل أصفهان وقم والرى، وهى الأماكن التى عاش بها بطل العمل الملحمى حسن الصباح، بجانب الاختلافات المذهبية، التى عززت بما لا يدع مجالًا للشك من الاهتمام بالمسلسل فى دوائر إيران الرسمية وشبه الرسمية، وفى أوساط النقاد والساسة، بل وعلى مستوى رجل الشارع البسيط، وجميع المتعاملين مع منصات التواصل الاجتماعى البديلة.

وفى المقابل، ورغم بعض الملاحظات التاريخية التى تم تسليط الضوء عليها عبر المنصات الإخبارية، فإن المواطن الإيرانى اختار أن يوجه انتقاداته للقائمين على الإنتاج الدرامى والسينمائى فى إيران، مطالبين بإنتاج عمل مماثل من حيث ضخامة الإنتاج وجودته، لإبراز وجهة النظر الإيرانية فى الأحداث.

وأكدوا- فى الوقت نفسه- وعبر منصات التواصل الاجتماعى، أن مسلسل «الحشاشين» يعد قيمة فنية عالية الجودة، ويستحق المتابعة بشكل مكثف.

كما حذر بعض مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى فى إيران الدولة من «ترك الساحة خالية لسرد التاريخ الإيرانى على لسان ويد غير الإيرانيين».

وقال أحد المستخدمين فى تعليق له على موقع «يوتيوب»: «عندما لا يتقبل نظامنا رواياتنا ولا يقوم بتجسيدها فنيًا، يصبح من المتوقع أن يقوم الآخرون بتغيير التاريخ لصالحهم. كم هى كثيرة قصصنا التى يمكن أن تتحول لأفلام ومسلسلات».

ومع ذلك، فقد أبرز كثير من مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى فى إيران إعجابهم بضخامة المسلسل واحترافيته العالية، داعين إلى مشاهدته، مؤكدين أن المسلسل لم يحمل أى وجهة نظر مخالفة من زاوية التاريخ، كما أنه لم يحمل أحداثًا غير حقيقية.

وكان من بين هؤلاء مستخدم يحمل اسم رييس على دلاورى، قال فى تعليقه على «الحشاشين»: «لقد رأيتُ ٨ حلقات من المسلسل، وإنصافًا للحق، لم أر أى عداوة مع التاريخ، فقد كان التصوير واللوكيشن رائعين، والمسلسل بشكل عام يستحق المشاهدة».

مشاهدون: صناعة جميلة قدمت جزءًا من تاريخنا بشكل محايد

الإقرار بملحمية الإنتاج والتصوير، رغم بعض الانتقادات لتسلسل الأحداث التاريخية، كان هو الأثر الذى خلفه مسلسل «الحشاشين» فى إيران، بعد عرض حلقاته على منصات التواصل الاجتماعى والمواقع البديلة لـ«يوتيوب» فى هذا البلد، الذى ينفتح قليلًا على الثقافات الأخرى، ويتطلب الدخول من خلاله إلى مواقع السوشيال ميديا ومنصات الفيديو اشتراطات خاصة وإجراءات معقدة.

وتعليقًا على المسلسل، كتبت مشاهدة إيرانية على موقع إحدى المنصات العارضة لمسلسل «الحشاشين» قائلة: «كنت أرغب دائمًا فى صنع فيلم عن تاريخ بلدنا.. لا يهمنى أين صنع، ما يهمنى أنه صنع بشكل جميل جدًا».

وكتب إيرانى آخر من متابعى المسلسل: «انظروا إلى بقية القصة، فيها توصيف داخلى وأحداث مشوقة». وقال ثالث: «بمجرد أن بدأ المصريون فى صنعه، كانت مشاهدة هذا المسلسل مفيدة للغاية، يجب أن نشكرهم عليه».

وأضاف: «قدمنا مسلسلًا سخيفًا اسمه (يوسف الصديق) بكل استخفاف، الآن يمكنك أيضًا السماح لهم بقراءة شعر الخيام باللغة العربية. لقد شاهدت ٢٠ حلقة. ومن المثير للاهتمام أن الخيام يقول فى كل مكان إننى شاعر فارسى».

وفى تعليق آخر، كتب أحد المتابعين الإيرانيين: «كان من المثير للاهتمام بالنسبة لى كيف تم تصوير عمر الخيام بشكل محايد ومثير للاهتمام».

وعن الجدل والنقاشات التى أثيرت حول مدى صحة الحقائق التاريخية فى مسلسل «الحشاشين»، قال مشاهد إيرانى: «لا يهمنى إذا كان المسلسل صحيحًا أم كاذبًا، لكن بصراحة، إنه جميل ويستحق المشاهدة».

وعن الاعتراضات حول استخدام العامية المصرية فى المسلسل بدلًا من العربية الفصحى، قال أحد المتابعين: «لن يكون جيدًا لو كان بكلمات عربية فصحى».

وبشكل عام، نال اختيار المسلسل للعامية المصرية لغة له استحسان كثير من المتابعين الإيرانيين، إذ قال أحدهم: «برافو.. اختيار ذكى وموفق فى البعد عن التقعر والفصحى، التى لم تستخدم يومًا فى أى من المدن والشوارع العربية، فلكل دولة لهجتها، ناهيك عن أحداث المسلسل فى أصفهان وغيرها، وبمجرد استخدام اللهجة العامية تم فتح الباب على مصراعيه أمام جموع المشاهدين وليس فئات معينة للمتابعة.. عن مسلسل الحشاشين نتحدث».

وأضاف صاحب التعليق: «الفصحى تصنع حاجزًا مع المشاهد ولا يراها من الجماهير العربية غير النخبة، والمسلسل الجيد هدفه أن يصل لكل مشاهد، حتى لو كان عن الواقع التاريخى، فكل منطقة فى تلك الأزمنة كانت تتحدث لغتها». وأضاف: «حتى الغرب لا يستخدم الإنجليزية القديمة التى كان يتم التحدث بها فى الملاحم، إلا لو كان مؤلفًا شكسبيريًا». وعلل استخدام بعض العرب الفصحى بقوله إنها تكون المنقذ لإنتاج بعض الدول ذات اللهجات غير المنتشرة.