رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنور عبدالمغيث: «جودر» نقطة فارقة فى تاريخ الدراما الشعبية وتقديم جزء ثانٍ له قريبًا

أنور عبدالمغيث
أنور عبدالمغيث

يقولون «الجواب بيبان من عنوانه»، فقبل أيام من شهر رمضان المعظم، وبمجرد الإعلان عن طرح عمل درامى للكاتب أنور عبدالمغيث خلال الموسم، استبشر الجميع خيرًا، فالرجل نبتة حسنة أزهرت فى تربة المسرح المصرى، فما بالك إن كان سيتصدى لكتابة عمل مأخوذ عن روائع «ألف ليلة وليلة»، مثل مسلسل «جودر».

ولم يخيب أنور عبدالمغيث التوقعات، فالجميع الآن يشيد باحترافية كتابته لـ«جودر»، وحسن معالجته الدرامية للحكاية التراثية، وتمكنه فى إدارة وصناعة الحوار والأحداث بسلاسة، وبشكل نجح فى جذب الجمهور وتشويقه لمتابعة الأحداث أولًا بأول.

وفى حواره مع «الدستور»، كشف أنور عبدالمغيث، عن كواليس كتابته هذا العمل المشوق، وكيف نجح فى صياغة الفكرة وتطويع الأحداث بشكل معاصر، وغير ذلك من التفاصيل.

■ بداية.. ما الذى حمسك لكتابة المسلسل بعد غياب سنوات طويلة عن تقديم هذه النوعية فى الدراما المصرية؟

- الغياب الذى تتحدثين عنه هو السبب الرئيسى، لتقديم قصة جودر بن عمر المصرى، إحدى حكايات «ألف ليلة وليلة»، كما أننى منذ سنوات طويلة، وأنا أرى أن الجمهور بحاجة إلى العودة إلى زمن الأساطير، فهذه النوعية لا تنتهى ولا تموت أبدًا؛ إضافة إلى أننى أُفضل هذه النوعية من الدراما الشعبية الأسطورية، التى تناقش وترصد العديد من القضايا فى جو فانتازى من خلال البطل «جودر»، وبطريقة استثنائية، نظرًا لاختلاف الأجيال والتغيرات والتطور الكبير الذى طرأ على المجتمع.

■ لماذا اخترت حكاية «جودر» تحديدًا من بين حكايات «ألف ليلة وليلة» وعالجتها دراميًا؟

- نظرت لحكايات «ألف ليلة وليلة» وتعمقت فيها، وأعتبرها نصًا بلا قاع، نصًا واسع المدى، وكان الهدف الأساسى بالنسبة لى تقديم عمل أبنى من خلاله رؤية البطل الشعبى.

ووجدت نص «جودر» حدوتة تناسب كل العصور والأزمنة، ومنذ وضع الخطوط الأساسية، كنت مقتنعًا تمامًا أن «جودر» مشروع ضخم قائم على البناء الخيالى، يأخذ المشاهد فى رحلة تبعده عن ضغوطات الحياة اليومية الروتينية، وتقدم له معالم وصورًا جمالية مبهرة، فهذا النوع كما قلت لا يموت ولا ينتهى ويعزف على الهموم الإنسانية الأساسية، وحلم الإنسان أن يتجاوز محدودية الواقع المعيشى، إلى أفق الخيال الذى يشعر فيه بنوع من التفاعل مع القوى الكونية، وربطه بطريقة معاصرة، ويناقش من خلالها عدة قضايا.

■ ما أبرز القضايا التى وضعتها أمامك وقررت مناقشتها؟

- «ألف ليلة وليلة» نص له خصوصية واعتبار فى بناء الشخصية العربية، وفى بناء تاريخ الثقافة العربية، نص ملىء بالقضايا فى وقته ويواجه بأدواته، والمعالجة هنا تكمن فى التطوير والصياغة ومناقشة القضايا فى الوقت المعاصر، وحكاية «جودر» تحديدًا ترصد العديد من القضايا فى جو فانتازى من خلال البطل «جودر»، بطريقة استثنائية نظرًا لاختلاف الأجيال والتغيرات، والتطور الكبير الذى يطرأ على المجتمع.

والحلقات المقبلة ستكشف ذلك، لأن النص به عدة خطوط، أحدها يرصد دور البطل الشعبى الذى يدخل فى صراعات كثيرة، من أجل تحقيق أهدافه، ويعيش لحظات ضعف وقوة، إضافة إلى خط آخر له علاقة بمناقشة قضايا السلاح والقوى النووية وامتلاك سلاح العلم، إلى حيازة ٤ كنوز خطيرة من خلال الحكيم الشمردل، وكل واحدة من الأربعة كفيلة بتغيير وجه العالم، وخط آخر مثلًا يعيد النظر فى نظرة الثقافة العربية للمرأة ودور المرأة المحورى فى الكون.

■ كيف وجدت ردود الأفعال منذ انطلاق أولى الحلقات؟

- ردود الأفعال مبهرة كما توقعت منذ كتابة الحدوتة، وكان أمرًا أساسيًا بالنسبة لى أن نناشد ونجذب جميع الأعمار والفئات المجتمعية المختلفة، وبالأخص شباب «السوشيال ميديا»، فكان الأهم بالنسبة لى خلال التحضير للمشروع أن تكون لدينا قدرة جاذبة لهؤلاء الشباب، لينفعل بقضايا إنسانية واجتماعية ومعرفية، وحرصت على أن تكون المادة جاذبة وتستفز المشاهد للمتابعة، وقد كان والحمد لله منذ عرض «التريلر» الخاص بالمسلسل، ومع انطلاق أولى الحلقات، انهالت المكالمات والرسائل والتعليقات على مواقع التواصل من الجمهور والأصدقاء والأقارب، للتهنئة بنجاحه، والتساؤلات عن تفاصيل الأحداث، ووجدت الجميع متشوقًا ومتلهفًا، وهذا أمر مبشر جدًا، وأتوقع أنه سيكون نقطة فارقة فى تاريخ الدراما الشعبية، خاصة أننا نقدم نصًا أدبيًا شعبيًا لا يموت ويظل عشاقه موجودين ومتلهفين لمتابعة الأحداث بكثرة، لذا أراهن على طريقة التناول الممزوجة بالشغف والغموض، فهى التى ستُحدث فارقًا خلال الحلقات المقبلة.

■ هل كنت تتوقع ذلك حقًا؟

- كنت مستبشرًا خيرًا بالحدوتة، وبالكوكبة المميزة التى تحمل على عاتقها مسئولية العمل، وعلى رأسهم النجم ياسر جلال، الذى كنت أضعه أمام عينىّ، منذ كتابة الخطوط العريضة، فقد رأيته بطل الحكاية منذ كتابة النقاط الأساسية، وأعتبره نجمًا استثنائيًا، إضافة إلى وجود الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بالتعاون مع أضخم شركتى إنتاج «أروما» و«ميديا هب»، حيث تم تسخير كل الإمكانات للخروج بالعمل فى أبهى صورة وجودة عالمية.

■ ماذا عن تفاصيل التجهيز منذ البداية مع شركتى «أروما» و«ميديا هب»؟

- كنت أجهز للعمل منذ فترة طويلة، وأحلم بتقديمه على أرض الواقع، وكنت فى فرنسا، ومنذ التحضيرات وحتى الانتهاء تمامًا من الكتابة، كنت أتواصل مع النجم ياسر جلال، وتربطنا علاقة صداقة منذ سنوات طويلة، وتعاونا من قبل معًا فى عدة أعمال، باعتباره نجمى المفضل، وفى الحقيقة هو كان متحمسًا جدًا لتقديم حكاية «جودر»، وتواصل بنفسه مع أحد المسئولين بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التى رحبت بالفكرة وتقديمها بشكل كبير، ومن ثم تم التواصل مع المنتج تامر مرتضى، و«سعدى- جوهر» وبفضل الله وجدنا ترحابًا كبيرًا، وكان لا بد من الشراكة، لأن العمل تكلفته الإنتاجية ضخمة للغاية، ومن ثم هاتفنى «ياسر» وطلب منى أن أعود إلى القاهرة، كى نبدأ التحضيرات والتجهيزات لهذا العمل، الذى أعتبره الأهم والأغلى والأقرب إلى قلبى، فلا يمكن أن أنسى كلمات المنتج تامر مرتضى، مالك «أروما»، الذى قال لى فى أول لقاء: «أنا عايز ولادى يتفرجوا على ألف ليلة وليلة، ومستعد لمغامرة إنتاج هذا العمل»، والرجل دخل التجربة وتحمل مشقتها، وتحمست أيضًا شركة «سعدى- جوهر»، التى يديرها أستاذان كبيران أعينهما على الفن، ويسعيان لإدخال المنتج الفنى المصرى السوق العالمية.

كل هذا الإبداع كان تحت إشراف الشركة الأم «المتحدة »، التى كانت سندًا وداعمًا كبيرًا، ليس لهذا العمل فحسب، ولكن لكل الأعمال الكبيرة هذا الموسم، والمواسم السابقة، ولا يفوتنى هنا أن أقدم التحية والتقدير لكل الكوادر الفنية التى شاركت فى العمل، بمجهودها الفنى الملموس من موسيقى تصويرية للمبدع شادى مؤنس، ورجال التصوير تحت إدارة العالمى تيمور تيمور، والإضاءة والديكور والملابس والماكياج والإكسسوارات، وكل العاملين خلف الكاميرات.

■ ماذا عن مغامرات «جودر» فى الحلقات المقبلة؟

- رحلة جودر بن عمر المصرى وفاطمة، استثنائية، والأحداث مليئة بالإثارة والتشويق، لذا أعِد الجمهور بمفاجآت كثيرة وسرد للأحداث بطريقة لم يتوقعها أحد، وتثير لديه الشغف لانتظار الجزء الثانى من الحكاية، الذى سيضم ١٥ حلقة أيضًا.

■ كيف وجدت التعاون مع المخرج إسلام خيرى؟

- إسلام خيرى مخرج كبير واعٍ و«شاطر وفاهم» وصاحب رؤية وعينين خبيرتين، كما أنه امتلك الصبر على مشقة هذه التجربة، ولم يكن الأمر سهلًا بالمرة، فالمسلسل يحتاج لمخرج يمتلك رؤية بصرية عالمية، وله تكنيك وأسلوب مميز للغاية ويهتم بكل تفصيلة، كل هذه المواصفات يمتلكها «إسلام»، وجعلته يكوّن فى اللوكيشن حالة من التعاون والحب، وهو أمر لا يحدث إلا فى الأعمال المحترمة، ولديه طاقة جميلة جدًا، كما أن شركتى الإنتاج وفرتا كل الإمكانات، لذا فإن هذه التجربة من أرقى التجارب التى مررت بها على المستويين الفنى والإنسانى.

وأنا سعيد جدًا بخروج العمل الملحمى إلى النور بهذه الصورة الإبداعية، فلم نعهد هذا اللون من الإنتاج السخى الفاهم منذ سنوات طويلة، وأكرر كل الشكر والتقدير والاحترام لشركتى «أروما» و«ميديا هب»، والمسئولين بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، فقد وفروا إمكانات هائلة ومعدات عالمية، لخروج العمل بهذه الصورة والتقنيات المبهرة، بشكل يمثل نقلة فى تكنولوجيا الجرافيك.

■ ما رؤيتك لسوق الدراما بشكل عام؟

- أنا منبهر بحال الدراما والتطور المستمر ونوعية الأعمال الدرامية المقدمة، ومشاركة نخبة من المؤلفين والمخرجين العباقرة، إضافة إلى الورش التأليفية، بجانب التنوع الدرامى الهائل بين الاجتماعى والأكشن والدرامى والكوميدى والشعبى، وهذا التميز والإبهار يعود للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التى تسهم فى تطوير سوق الدراما وتطوير الدراما المصرية ونقلها إلى السوق العالمية.

■ حدثنا عن طقوسك فى كتابة السيناريو أو المعالجة الدرامية لأعمالك؟

- ليست لدىّ طقوس معينة للكتابة، أنا رجل على باب الله، «بحب أكتب زى ما بعيش»، فلم أستوعب حتى الآن ما يزعمه أو يدعيه بعض الكتّاب من أنهم عندما يرغبون فى الكتابة، يدخلون فى سياق غريب عجيب من الممارسات والطقوس، التى أتصور أن كثيرًا منها متكلف وطارئ على العملية الكتابية.