رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت ضد قرار وقف إطلاق النار فى غزة؟

بايدن ونتنياهو
بايدن ونتنياهو

فجر امتناع الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض "الفيتو" أمام مجلس الأمن، لتعطيل قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الخلافات بين تل أبيب وواشنطن، وجاء رد الفعل الإسرائيلي السريع بقرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلغاء رحلة وفد إسرائيلي إلى واشنطن، كان مقررًا أن يذهب للتشاور مع الإدارة الأمريكية حول الحرب الدائرة في القطاع.

وصوتت 14 دولة لصالح القرار، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، الإثنين، ولم تستخدم حق النقض ككل مرة لوقف أي قرار لا يصب في صالح إسرائيل.

مجلس الأمن يمدد ولاية القوة الأممية في الجولان 6 أشهر - بوابة الشروق - نسخة الموبايل
مجلس الأمن

ويمثل امتناع الولايات المتحدة عن التصويت ضد القرار تحولًا كبيرًا في الموقف الأمريكي بعدما وضعت تصرفات جيش الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته بحق المدنيين في قطاع غزة البيت الأبيض في موقف حرج أمام المجتمع الدولي والشعب الأمريكي، فيما تنتظر أمريكا انتخابات الرئاسة المقررة نهاية العام الجاري، حسبما يرى خبراء ومحللون تحدثوا لـ"الدستور".

ليست أول الخلافات

وقال المحلل السياسي الأمريكي، الدكتور عاطف عبدالجواد، إن هناك ثلاثة أسباب وراء الخطوة الأمريكية؛ الأول هو الخلافات المتسعة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والتي تنطوي على تحد إسرائيلي للمطالب الأمريكية بضرورة الالتزام بعدم شن هجوم بري على رفح، وضرورة زيادة حجم المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، فضلًا عن ضرورة قبول حل الدولتين بعد انتهاء الحرب.

عاطف عبد الجواد: العالم هو الرابح الأساسي من لقاء ترامب وجونغ اون - مقابلة
عاطف عبدالجواد

وأوضح عبدالجواد، لـ"الدستور"، أن السبب الثاني هو الضغوط الدولية والداخلية الأمريكية لوقف إطلاق النار. في وقت أدت الحرب في غزة إلى انقسام كبير داخل الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس بايدن. وحديث الأمم المتحدة عن مجاعة وشيكة في غزة.

وأضاف أن السبب الثالث هو مخاوف الرئيس بايدن من الفشل في انتخابات الرئاسة في حال حجب التصويت عنه في بعض الولايات المتأرجحة، مثل ولاية ميشجان الغنية بأصوات الأمريكيين العرب، وولاية مينيسوتا الغنية بأصوات الصوماليين.

واستبعد عبدالجواد أن تلتزم إسرائيل بقرار مجلس الأمن، ليس فقط لأنها تسعى إلى تفكيك والقضاء على حماس، بل لأن الهدف الثاني هو الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين والتي ترفض حماس تحريرهم إلا بشروط مواتية لها.

واستطرد: لكن إسرائيل قد تجد وسيلة ما لتنفيذ جزئي للقرار؛ عن طريق نقل نحو مليون ونصف المليون من أهالي غزة إلى ما يسمى بجزر إنسانية في أواسط القطاع، مع الانصياع للمطالب الأمريكية وتغيير استراتيجية القضاء على حماس، دون الإضرار بالأهالي المدنيين.

وأشار المحلل الأمريكي إلى أن هذه ليست المرة الأولى في تاريخ العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، التي امتنعت فيها واشنطن عن التصويت لإرسال رسالة قوية إلى الحكومة الإسرائيلية، فقد امتنعت من قبل في عهد الرئيس أوباما، والنتيجة كانت توترًا كبيرًا في العلاقات. 

واختتم بالقول: يبدو هذا التوتر واضحًا في إلغاء إسرائيل قرارها إرسال وفد رفيع المستوى كانت قد طلبته واشنطن لبحث الخلافات والخيارات المتاحة من وجهة النظر الأمريكية لمسار الحرب وما بعدها، فضلًا عن دعوة واشنطن نتنياهو إلى إجراء انتخابات جديدة الهدف منها التخلص منه، وقبول دولة فلسطينية مستقلة، كما دعا السيناتور تشك شومر أرفع مشرع أمريكي في مجلس الشيوخ، وهو يهودي مؤيد عادة لإسرائيل.

خلافات على السطح

من ناحيته، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي، محمد الليثي، إن الخلافات بين الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن وبين الحكومة اليمينية، وخصوصًا التيار الأكثر تشددًا فيها الذي يتزعمه الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بدأت تخرج إلى السطح، خصوصًا أن الخطة المقدمة من قبل الإدارة الأمريكية لا تأتي على هوى الجناح المتطرف في حكومة نتنياهو، والذي يصر على استكمال الأهداف المزعومة للحرب الإسرائيلية على غزة باجتياح رفح.

الليثي يكشف تفاصيل حصوله على جائزة الصحافة العربية وملامح عن بسطاويسي - فن - الوطن
محمد الليثي

وأضاف الليثي، لـ"الدستور"، أن الإدارة الأمريكية ترى أن الجناح المتطرف سوف يتسبب في أزمة إنسانية كبيرة، لافتًا إلى أن هذا الأمر من شأنه التأثير على موقف بايدن في الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى نهاية العام، ولذلك لم تتقدم الولايات المتحدة بحق النقض "فيتو" هذه المرة على حساب العلاقات مع إسرائيل. 

وتابع بقوله: لا أعتقد أن واشنطن ستلتزم بالقرار، وبالنظر إلى كل القرارات التي صدرت من مجلس الأمن، والمفترض أن إسرائيل يجب أن تلتزم بها، لم تلتزم بها بالفعل، وعليه، فإنها لن تلتزم هذه المرة أيضًا. 

وأشار إلى أن هناك طريقًا آخر يمكن أن تسلكه الولايات المتحدة أو غيرها في مجلس الأمن، سعيًا لتطبيق هذا القرار، وهو تفعيل بند استخدام القوة، إلا أن أمريكا لن تفعل ذلك لعدم الإضرار الشديد بالعلاقات مع إسرائيل. 

ومضى قائلًا: العلاقات بين الإدارة الأمريكية والحكومة اليمينية الإسرائيلية متوترة، فرئيس الحكومة مقيد بشركائه الأكثر تطرفًا في الحكومة، ويلبي مطالبهم في استمرار الحرب، في وقت تسعى الولايات المتحدة فيه إلى الحل للوصول إلى تهدئة تأتي في الصالح الأمريكي. 

وشدد على أن عدم استخدام الفيتو تسبب في صدمة إسرائيلية من الموقف الأمريكي، خصوصًا في ظل زيارة وفد إسرائيلي للولايات المتحدة لتقريب وجهات النظر لتحقيق وقف إطلاق النار، وما حدث اليوم تجسيد للخلافات بين الطرفين، والتي قد تتعزز في الأيام المقبلة إذا لم تلتزم إسرائيل بقرار مجلس الأمن، وهو الأمر المتوقع لأن التيار المتطرف يعمل ضد التوصل لوقف إطلاق النار، عكس إرادة الولايات المتحدة.

إسرائيل في ورطة

ويرى المحلل السياسي الإماراتي، الدكتور جاسم خلفان، أن الولايات المتحدة كانت تحبط كل قرار ضد إسرائيل في مجلس الأمن، واليوم العالم بحاجة لرؤية تطبيق فعلي لهذا القرار.

جاسم خلفان لـ«الوطن»: آفاق واعدة تنتظر العلاقات الإماراتية المصرية - أخبار العالم - الوطن
جاسم خلفان

وأضاف خلفان، لـ"الدستور"، أن الأمريكان لم يصوتوا ضد القرار ما أدى لموافقة الأغلبية عليه، فباتت إسرائيل في ورطة حين دخلت الحرب وهي أكبر من حجمها، والموقف الآن يقول إن استمرار القتال مرفوض، ومحكمة العدل الدولية قالت كلمتها، والشعوب في أوروبا وأمريكا تطالب بوقف الحرب. 

وأشار إلى أن نتنياهو مهدد في حال وقف الحرب بمحاكمته، وفي حال استمرار الحرب بانفراط العقد الذي يجمعه بالحكومة الحربية، والأمر كله تحول إلى كارثة على رأس إسرائيل وقيادتها الحالية.

وشدد خلفان على أن قادة إسرائيل مختلفون، لذلك كان لا بد أن تأتي الولايات المتحدة ويكون لها موقف شديد مع نتنياهو، في حين لا تفعل ذلك حبًا في إسرائيل ولا حكومتها، لكن لأن الانتخابات الرئاسية على الأبواب، والشعب الأمريكي يطالب بوقف إطلاق النار.

واختتم بالقول إنه من الطبيعي أن تقف الولايات المتحدة موقفًا صعبًا مع إسرائيل، لأن الشعب لا يريد دعم الحروب والإبادة الجماعية من أموال الضرائب.

إبادة جماعية

ومنذ نحو 6 أشهر، تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي هجمات يومية على قطاع غزة مخلفة ما يزيد على 30 ألف شهيد، فضلًا عن عشرات آلاف الجرحى والمصابين والمفقودين، ما دفع جنوب إفريقيا لرفع دعوى تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.