رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأولمبياد بين حرب غزة وأوكرانيا.. عن الأسد والنعامة ورياضة المصالح

الأولمبياد
الأولمبياد

 أسـد علي وفي الحروب نعامـة.. ربداء تجفل من صفير الصافر

هلا برزت إلى غزالة في الوغى.. بل كان قلبـك فى جناحى طائـر

هكذا تهكم الشاعر عمران بن قحطان، شاعر الخوارج، على الحجاج بن يوسف الثقفي بعدما فشل الأخير في منع فقيهة اسمها غزالة وزوجها شبيب، وهما من الخوارج، من الصلاة داخل مسجد الكوفة لتوفي نذرًا لها أن تصلي ركعتين داخل المسجد تقرأ في الأولى سورة البقرة وفي الثانية آل عمران، وفرّ الحجاج من وجهها ليرسل فيما بعد إلى بن قحطان يتوعده ويهدده ليرد الأخير بالبيت المقصود. 

وقررت اللجنة الأوليمبية الدولية منع لاعبي روسيا وبيلاروسيا من المشاركة في حفل افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية، باريس 2024، وكذلك حرمانهم من تمثيل بلادهم في منافسات البطولة، وذلك للمرة الثانية بعد أوليمبياد طوكيو 2020.

ويشارك لاعبو روسيا وبيلاروسيا في الأولمبياد تحت علم محايد على خلفية استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا والتي اقتربت من العامين ونصف حتى الآن، وصل عدد الضحايا حسبما أكد مسئولون أمريكيون إلى 70 ألف جندي وإصابة 120 ألفًا، بينما شدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينيسكي على أن عدد الضحايا لم يتجاوز الـ31 ألفًا "المصدر سكاي نيوز".

ويأتي قرار الأوليمبية بمشاركة لاعبي روسيا وبيلاروسيا في منافسات البطولة بعلم محايد كتصعيد رياضي جديد ضد روسيا، والذي بدأ بعد أيام من اندلاع الحرب بحرمان روسيا من المشاركة في تصفيات مونديال قطر 2022، ونقل مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا من سان بطرسبرج لباريس، وكذلك نقل كل المباريات الخاصة بالمنتخبات أو الأندية والتي كان مقررًا لها أن تقام في روسيا أو أوكرانيا، إلى ملاعب محايدة، بالإضافة إلى العديد من العقوبات التي وصلت إلى تجميد العضوية الروسية بالاتحاد الأوروبي.

وعلى جانب آخر من العالم، وعلى بعد 2067 كيلو مترًا عن العاصمة الأوكرانية كييف، تواصل قوات الاحتلال عملياتها العسكرية الوحشية واللا آدمية ضد المدنيين في قطاع غزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى بالسابع من أكتوبر والتي هاجمت عددًا من المستوطنات بالإضافة إلى بعض المواقع العسكرية الخاصة بجيش الاحتلال.

وحتى اللحظة التي تقرأ فيها تلك السطور، وصل عدد شهداء قطاع غزة جراء الهجمات الصهيونية إلى 31 ألفًا و923 شهيدًا بحسب آخر الأرقام الرسمية الصادرة من وزارة الصحة الفلسطينية في 166 يومًا من القصف، وهو نفس الرقم الذي يدعي زيلينسكي أنه عدد ضحايا الجيش الأوكراني بعد عامين من الحرب الروسية.

على مدار 76 عامًا، ارتكب جيش الاحتلال العديد من الهجمات الوحشية ضد الشعب الفلسطيني بين دير ياسين والطنطورة ودير البلح وغيرها من المذابح وجرائم الحرب دون أن يحاول أحد إيقافهم عن تلك المجازر.

 

أسد على روسيا وفي غزة نعامة

في العام الذي أعلن فيه عن قيام دولة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، أقيمت دورة الألعاب الأوليمبية في لندن، وهددت الدول العربية المشاركة في البطولة بمقاطعة البطولة حال رفع علم دولة الاحتلال، فيما كانت أولى مشاركاتها بالأوليمبياد في نسخة 1952 والتي استضافتها العاصمة الفنلندية هلسنكي، لتشارك بعدها في كل النسخة الأولمبية فيما عدا نسخة 1980 والتي انسحبت منها احتجاجًا على غزو الاتحاد السوفييتي لأفغانستان.

وانضمت دولة الاحتلال للاتحاد الأوروبي لكرة القدم في 1992 كعضو منتسب قبل أن يقبل عضويتها كعضو عامل في 1994، لتبدأ المشاركة في تصفيات البطولات الأوروبية، والتنافس تحت مظلة الاتحاد الأوروبي.

وعلى عكس ما حدث مع روسيا، بادرت كل الاتحادات الرياضية العالمية بتقديم الدعم لدولة الاحتلال، فمثلًا ألغى الاتحاد الدولي للجودو بطولتين من الأربع الكبرى للعبة في تونس وأبوظبي في عام 2018 لأنه لم يكن يسمح برفع الأعلام الإسرائيلية أو عزف النشيد الوطني آنذاك، بينما هدد الاتحاد الدولي للشطرنج تونس بمنعها من استضافة مسابقة الشطرنج الدولية في 2019 في حال عدم إصدار تأشيرة دخول لمتسابقي دولة الاحتلال.

وفي 18 يناير 2019، دعت دولة الاحتلال اللجنة البارالمبية الدولية لتعديل برنامج بطولة العالم للسباحة لذوي الاحتياجات الخاصة والتي كانت ستقام في ماليزيا بصيف العام نفسه، وذلك بسبب رفض مشاركة لاعبي الاحتلال، لتهدد اللجنة بسحب البطولة من ماليزيا بسبب فشلها في تقديم الضمانات اللازمة لمشاركة لاعبي الاحتلال دون تمييز، وكذلك الامتثال للبروتوكولات المتعلقة بالأناشيد الوطنية والأعلام.

أمثلة كثيرة والمواقف متشابهة، دعم لا محدود لدولة محتلة تقصف بكل قسوة مدنيين عزل، فقط لأنها مدعومة من دول كبرى، وهناك على الجانب الآخر تعاقب روسيا ولاعبيها بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة على حرب تراها - في رؤيتها- حق أصيل، ولكن لأن المصالح انتفت وعلى صوت الصراعات فتتغير المواقف والقرارات وتصبح الرياضة جزءًا من لعبة المصالح والمقامرات السياسية وطريقة للضغط على الخصوم.

الحرب مذمومة ولا يجب أن يقف أحد بجوار دولة جائرة على أخرى، فلا سلطة ولا شرعية لمحتل ولكن لماذا لا يحصل كافة ضحايا الحروب على نفس المعاملة؟ متى يصبح للفلسطينيين نفس حقوق الأوكران؟ من غزة إلى كييف.. عديد من الضحايا والمصابين، خراب ودمار وأسر مشردة، وما زال العالم ينظر إلى مصالحه قبل الإنسانية.