رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

استرداد طابا.. ملحمة دبلوماسية قضت على المطامع الإسرائيلية في سيناء

طابا
طابا

في ملحمة دبلوماسية قضت على المطامع الإسرائيلية في سيناء، نجحت الدولة المصرية، في استرداد آر نقطة من تراب أرض الفيروز في مثل هذا اليوم من عام 1989، بعد أن قام المفاوض المصري بجهود مضنية وشاقة، وتحكيم دولي ليثبت أحقية مصر في طابا مقدمًا البراهين والأدلة التي تؤكد ملكيتها، وأنها مدينة مصرية 100%، وليست إسرائيلية كما أشاع العسكريون والسياسيون الإسرائيليون.

واستعرضت القناة الأولى، تقريرًا عن “استرداد طابا.. ملحمة دبلوماسية قضت على المطامع الإسرائيلية في سيناء”، والتي تقع على رأس خليج العقبة بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة، ومياه خليج العقبة من جهة أخرى، وتبعد عن مدينة شرم الشيخ حوالى 240 كيلومترا باتجاه الشمال، وتجاورها مدينة إيلات الإسرائيلية، وتمثل المنطقة الواقعة بين طابا شمالًا وشرم الشيخ جنوبًا أهم مناطق الجذب والتنمية السياحية بجنوب شبه جزيرة سيناء.

معركة دبلوماسية بشأن مواقع 14 علامة حدودية

بدأت معركة الدبلوماسية المصرية لاسترداد طابا عقب توقيع معاهده السلام بين مصر وإسرائيل في 1979، التي نصت على سحب إسرائيل كامل قواتها من شبه جزيرة سيناء في موعد غايته 25 أبريل 1982، وتصاعدت حدة الخلافات بين مصر وإسرائيل بشأن مواقع 14 علامة حدودية، كان أهمها موقع العلامة 91 التي توجد على حدود الشريط الأخير في طابا.

ادعاءات إسرائيلية باطلة

أدعت إسرائيل في ديسمبر 1981، معلومات غير صحيحة عن العلامة 91، فى محاولة منها لضم منطقة طابا إلى إقليمها، ومن هنا بدأت الدبلوماسية المصرية فى البحث عن حل مقبول يسمح بإنجاز الانسحاب الإسرائيلي في الموعد المحدد، مع البحث عن وسيلة مقبولة لحل الخلافات القائمة حول العلامات المعلقة دون حسم.

 واستمرت إسرائيل في تزييف الحقائق والتاريخ، ومن هنا قررت مصر ألا تفرط في شبر من أرضها، وبعد مفاوضات استمرت كثيرا دون جدوى، وهو ما دفعها للتحكيم الدولي لاسترداد طابا.

وبناء عليه طبقت مصر المادة السابعة من معاهدة السلام التي تم تطبيقها مع إسرائيل، والخاصة بأي خلاف حول الحدود، التي تنص خلاصتها بأن يتم الحل عن طريق المفاوضات، وفى حالة فشلها يتم اللجوء إلى التوفيق أو التحكيم، وكثيرا ما رفضت إسرائيل ذلك حتى اضطرت للرضوخ إليه، تم توقيع مشارطة للتحكيم بين مصر وإسرائيل فى 11 سبتمبر 1986، وبناء عليه أحيل النزاع إلى هيئة تحكيم دولية تشكلت من خمسة محكمين.

سنوات من المفاوضات

على مدار 7 سنوات من المفاوضات، خاضت الدبلوماسية المصرية حربا شرسة من أجل استرداد آخر كيلومتر من أراضي سيناء، ومنذ تشكيل هيئة التحكيم فى سبتمبر عام 1986 وحتى 29 سبتمبر 1988، قدمت مصر أسانيد ووثائق تمتد من عام 1274 تؤكد حقها التاريخي في طابا.

 كما قدمت وثائق تاريخية من المندوب السامي البريطاني إلى وزارة الخارجية المصرية والمخابرات المصرية يعود تاريخها لعام 1914، هذا بخلاف تقارير مصلحة الحدود في عام 1931، كما قدمت وزارة الخارجية 29 خريطة بأحجام مختلفة تثبت الملكية المصرية لطابا، وتمكنت من جمع خرائط ووثائق من الأرشيف المصري والبريطاني والتركي وقدمت 10 خرائط من الأرشيف الإسرائيلي نفسه تثبت تبعية طابا للأراضي المصرية.

وكان قد تم تشكيل لجنة لاسترداد طابا ضمت ما يقرب من 20 شخصية ما بين أساتذة قانون وجغرافيا وتاريخ وخبراء من شتى المجالات، مؤكدا أن حدودنا معمولة من سنة 1906، لما كانت مصر جزءا من الإمبراطورية العثمانية ثم حصلت مصر على الاستقلال الذاتي وأصبح لها حاكم خاص بها، وتم عمل خريطة سنة 1906 لحدود مصر.

حكم تاريخي

أصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها التاريخي في 29 سبتمبر 1988، ليسدل الستار بإنهاء ذلك النزاع وحسمه لصالح مصر، في جلسة علنية عُقدت في قاعة المجلس الكبير بالمقر الرسمي لحكومة مقاطعة جنيف فى حضور وكيلي الحكومتين، وأعضاء هيئة الدفاع لكلا الجانبين معلنة عودة طابا إلى مصر، وذلك بعد إثبات 10 علامات حدودية لصالح مصر من مجموع 14 علامة بأغلبية 4 أصوات ضد صوت واحد، وإثبات 4 علامات لصالح مصر بإجماع الأصوات الخمسة، وامتد عمل هيئة الدفاع المصرية بعد صدور الحكم ومراوغات إسرائيل في التنفيذ إلى عقد جولات أخرى من الاجتماعات لتنفيذ حكم التحكيم وتسليم طابا بمنشآتها إلى مصر حتى وصلت إلى المرحلة الأخيرة بتسليم طابا فى 15 مارس،1989 ورفع العلم المصري عليها في 19 مارس من نفس العام.