رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تقرير أمريكى: بايدن يراوغ ويعيش حالة تخبط سياسى بسبب حرب غزة

بايدن
بايدن

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن الرئيس جو بايدن وضع نفسه في خضم حرب غزة منذ البداية، فهو من ناحية يواصل تقديم الأسلحة والذخائر لإسرائيل في حربها على القطاع، وفي المقابل اضطر لإرسال بعض المساعدات لسكان غزة، ما يثير التساؤلات حول الدور الذي تلعبه أمريكا في هذه الحرب.

وأوضحت الصحيفة، في تقرير لها، أن سماء غزة تشهد هذه الأيام تساقط قنابل أمريكية على أبنائها وأيضًا شحنات طعام أمريكية، فشحنات تقتل وأخرى تهب الحياة، ما يوضح حجم المراوغة التي يبذلها الرئيس جو بايدن لإيجاد التوازن في حرب غير متوازنة في الشرق الأوسط.

 بايدن يعيش توترات سياسية 

واعتبرت "نيويورك تايمز" أن قرار جو بايدن بالسماح بعمليات الإنزال الجوي وبناء ميناء مؤقت لتقديم المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة، سلط الضوء على التوترات في سياسته في الوقت الذي يواصل فيه دعم توفير الأسلحة الأمريكية للعملية العسكرية الإسرائيلية ضد غزة دون شروط.

وتابعت: "تجد الولايات المتحدة نفسها على جانبي الحرب بطريقة ما، حيث تسلح الإسرائيليين بينما تحاول رعاية الذين أصيبوا نتيجة لذلك الدعم، وقد أصبح بايدن يشعر بالإحباط بشكل متزايد مع تحدي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لمناشدات بذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين في غزة، وذهب إلى أبعد من ذلك في التعبير عن هذا السخط أثناء وبعد خطاب حالة الاتحاد الأسبوع الماضي، لكن بايدن يعارض وقف دعم إسرائيل بالذخائر حتى لا يؤثر على مجريات القتال".

وقال رو خانا، النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، في مقابلة أجريت معه في اليوم التالي للخطاب: "لا يمكن أن تكون لديك سياسة تقديم المساعدات وتزويد إسرائيل بالأسلحة اللازمة لقصف شاحنات الغذاء في نفس الوقت، فهناك تناقض متأصل في ذلك، وأعتقد أن الإدارة بحاجة إلى التوفيق بين التعاطف الحقيقي والاهتمام الأخلاقي الذي ظهر بشأن حياة المدنيين الفلسطينيين مع المساءلة الحقيقية لنتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة".

وأوضحت "نيويورك تايمز" أن الحملة الإنسانية الجوية والبحرية التي بدأتها الولايات المتحدة مؤخرًا تأتي في أعقاب الفشل في إيصال إمدادات كافية إلى غزة عن طريق البر، وتمثل تحولًا حادًا من جانب الإدارة، وحتى الآن، كان المسئولون الأمريكيون يتجنبون مثل هذه الأساليب باعتبارها غير عملية، وخلصوا إلى أنهم لن يقدموا الإمدادات على نفس نطاق الطريق البري الفعال، وأنها ستكون معقدة في العديد من النواحي.

وقالت الصحيفة الأمريكية إن: عمليات الإنزال الجوي خطيرة، كما اتضح يوم الجمعة عندما قُتل خمسة فلسطينيين على الأقل بسبب سقوط طرود المساعدات، ويمكن أن تخلق أوضاعًا فوضوية وخطيرة دون نظام توزيع مستقر على الأرض، فيما سيستغرق بناء رصيف عائم مؤقت من 30 إلى 60 يومًا، إن لم يكن أكثر، وفقًا للمسئولين، وقد ينطوي على مخاطر بالنسبة للمشاركين، على الرغم من أن بايدن اشترط أن يتم بناؤه بعيدًا عن الشاطئ مع عدم وجود أمريكيين على الأرض.

لكن الإدارة الأمريكية، وفقًا لـ"نيويورك تايمز"، غيّرت مسارها بعد مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة مئات آخرين الشهر الماضي، عندما تجمع حشد من الناس حول قافلة من شاحنات المساعدات وفتح الجيش الإسرائيلي النار عليهم، فيما وصف مسئول أمريكي رفيع المستوى أن هذه الكارثة كانت نقطة تحول في إدارة بايدن.

وقال المسئول إن الفيديو الجوي للحادثة أوضح مدى يأس المدنيين في غزة على الرغم من أن المسئولين الإسرائيليين كانوا يأملون أن يؤدي نشر الفيديو إلى تبرئة قواتهم، من خلال إظهار حشد خارج عن السيطرة، إلا أن المسئول قال إنه بدلًا من ذلك كشف عن ظروف رهيبة بما يكفي لجعل الناس يهرعون إلى القافلة في الساعة 4:30 صباحًا.

وقال المنتقدون إن الإمدادات التي يتم إنزالها الآن بالمظلات بالكاد تلبي الاحتياجات وتسلط الضوء فقط على الصراع الأخلاقي في نهج بايدن تجاه الحرب منذ 7 أكتوبر الماضي.

بايدن يحاول تحسين صورته بخطة الإنزال الجوي للمساعدات

قال يوسف منير، رئيس البرنامج الفلسطيني- الإسرائيلي في المركز العربي في واشنطن، إن الإنزال الجوي الأمريكي للمساعدات ليس له أي معنى،  حيث تحاول الإدارة الأمريكية التعامل مع مشكلة سياسية بتحسين صورتها فقط، من خلال هذه الإجراءات التجميلية التي تهدف إلى نزع فتيل غضب بعض الناخبين الأمريكيين.

وقال جون كيربي، مستشار اتصالات الأمن القومي للرئيس، للصحفيين من البيت الأبيض: "كنا واضحين للغاية بشأن مخاوفنا بشأن الوضع الإنساني هناك، ومدى عدم قبول أن يكون هذا العدد الكبير من الناس في حاجة ماسة إلى هذه الدرجة". 

وقد أيد بايدن بقوة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والانتقام من هجوم حماس، وقد تعرض لانتقادات من قبل البعض في حزبه، لعدم تعبيره عن تعاطف متناسب مع المدنيين الفلسطينيين.

ولكن خلال خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه يوم الخميس، ذهب أبعد من ذي قبل وأظهر بعض التعاطف لكن لم يغير سياسته، وإن كانت لهجته وتأكيده بشأن المعاناة يمثلان تطورًا في رسائله العامة.

وقال بايدن: "تسببت هذه الحرب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين الأبرياء مقارنة بجميع الحروب السابقة في غزة مجتمعة، فقد قُتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، معظمهم ليسوا من حماس والآلاف والآلاف من الأبرياء والنساء والأطفال، وما يقرب من مليوني فلسطيني آخرين يتعرضون للقصف أو التهجير، كما أن الأحياء والمدن والبيوت دمرت وأصبحت العائلات بلا طعام أو ماء ودواء، وهذا أمر مفجع".

وقد حذر مسئولو الأمم المتحدة من أن أكثر من 570 ألفًا من سكان غزة يواجهون "مستويات كارثية من الحرمان والجوع"، وأنه إذا لم يتغير شيء، فإن المجاعة أصبحت وشيكة في شمال غزة. 

وقال مسئول أمريكي كبير للصحيفة إن شحنات الغذاء التي يتم إسقاطها جوًا قد تُحدث فرقًا هامشيًا فقط، لكن خطة بايدن لإنشاء رصيف عائم يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الظروف داخل غزة، لذلك، في الأيام الأخيرة، أصر المسئولون الأمريكيون، بما في ذلك نائب الرئيس كامالا هاريس، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، على أن تقوم إسرائيل بتسهيل وصول المزيد من المساعدات إلى المنطقة دون مزيد من التأخير.