رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشيوخ والصناعة

تتزامن الأحداث الإيجابية التى تشهدها البلاد حاليًا فى ملفات الصناعة والاقتصاد والاستثمار، بما يشير أن طريق العبور من الأزمات الاقتصادية ومخاطرها قد بدأ وأن جميع أجهزة الدولة السير فيه بفكر جديد وتوجيهات رشيدة من الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى طالب الجميع ببذل الجهد والعطاء والخروج بأفكار غير تقليدية تسهم فى تحقيق إنفراجة فى تلك الملفات، وهو ما حدث بالفعل عندما تم الاتفاق على أضخم صفقة استثمار أجنبى مباشر فى تاريخ الدولة المصرية وهو مشروع "رأس الحكمة" الاستثمارى الذى تبلغ عوائده- كما أعلن رئيس مجلس الوزراء- 35 مليار دولار بشكل مباشر لمصلحة الخزانة المصرية، علاوة على عوائد ربحية تبلغ 35% من أرباح المشروع.
وقد تزامن مع الإعلان عن هذا المشروع جلسة مهمة فى مجلس الشيوخ تحدث فيها النائب تيسير مطر وكيل لجنة الصناعة بالمجلس بشكل واضح وجريء عن مشاكل الصناعة فى مصر والمعوقات التى تقف حائلًا أمام زيادة معدلات الإنتاج، وتؤثر على التصدير وعلى الدخل القومى للبلاد بحسبانها تمثل مع الاستثمار الطريق الأمثل للنمو الاقتصادى.. وهنا يجب أن أشير وأشيد بإدارة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ للجلسة، حيث أعطى الفرصة كاملة للنائب مطر لعرض المشاكل والمعوقات وطرح أفكارًا وحلولًا غير تقليدية.. وكذلك الإشادة بالمهندس أحمد سمير وزير الصناعة والتجارة لسعة صدره والاستماع بكل اهتمام لطلب المناقشة الذى تقدم به النائب تيسير لاستيضاح سياسة الحكومة بشأن التحديات التى تواجه الصناعة المصرية، التى تعتبر قاطرة التقدم والتنمية فى الدول ووضع الحلول والمقترحات لتلك التحديات لزيادة الإنتاج والتصدير والاستثمار بوجه عام.. ولعل إشادتى بموقف كل من رئيس المجلس ووزير الصناعة تأتى من منطلق قناعتى أن هناك إرادة حقيقية لدى جميع أجهزة الدولة سواء التشريعية أو التنفيذية على اقتحام الأزمات ومواجهتها، والتعامل الجاد معها للخروج منها إلى مرحلة جديدة تتسم بالشفافية والوضوح والتعاون المثمر للنهوض بالصناعة المصرية فى كافة مجالاتها وأنشطتها.
تميزت كلمة وكيل لجنة الصناعة بالمجلس بالرصانة والموضوعية، والتأكيد على أن رسالة المجلس وأعضاءه تتكامل مع الحكومة المصرية ولا تتعارض معها، ومن هنا جاءت الكلمة واضحة وهادئة وموثقة وبعيدة تمامًا عن الإنفعالات المصطنعة التى نشاهدها أحيانًا من البعض فى مثل هذه الجلسات.
أكد النائب مطر أن الإقتصاد المصرى من أكثر اقتصاديات الشرق الأوسط تنوعًا، حيث إنه يعتمد على عدة قطاعات كالزراعة والصناعة والسياحة والخدمات وأن قطاع الصناعة بمفهومه الشامل من أهم القطاعات فى الاقتصاد المصرى؛ نظرًا لقدرته على دفع عجلة الإنتاج وزيادة معدل النمو، بالإضافة إلى أنه من القطاعات الأساسية التى توفر فرص عمل للملايين من المصريين بمختلف تخصصاتهم كما أنه يسهم فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى مما يسهم فى توفير موارد النقد الأجنبى وعلاج مشاكل عجز ميزان المدفوعات.
كان من أبرز التحديات التى تم عرضها خلال الجلسة غياب الاهتمام بالبحث العلمى والتكنولوجيا وهنا يجب الربط بين الأبحاث العلمية وبين متطلبات وإحتياجات الصناعة.. ومن التحديات أيضًا غياب الربط بين مخرجات التعليم الفنى واحتياجات سوق العمل حيث لا توجد أعداد كافية من العمالة الفنية الماهرة لتجهيزها لسوق العمل المهنية، بالإضافة الى ارتفاع تكلفة الطاقة وغياب السياسة المالية التى تتضمن التأمينات والضرائب والتسهيلات البنكية لما لها من دورها المهم فى دعم الصناعة.. هذا بالإضافة إلى ضرورة وضع حزمة حوافز مالية ودعم فنى وتقنى مجانًا للصناعات الصغيرة والمتوسطة ذات المكون المحلى لتوطين الصناعة، وتشجيع ضم الاقتصاد غير الرسمى ووضع محفزات لتشجيعه للانضمام إلى الاقتصاد الرسمى.. كما تضمنت الكلمة المطالبة بالنظر فى المصانع التى أغلقت أبوابها؛ نظرًا لعدم قدرتها على مواصلة عملها وإنتاجها لأسباب مختلفة، والعمل على دراسة موقفها والتفاوض مع أصحابها لإعادة نشاطها طبقًا لكل حالة بشرط أن يكون هناك رغبة حقيقية لديهم لذلك.
كما تحدث العديد من النواب عن المشاكل التى تواجه أصحاب المصانع ورجال الأعمال، مطالبين الحكومة بالعمل على إيجاد حلول لها كى تحقق الدولة أهدافها فى التنمية المستدامة والنهضة الصناعية المنشودة.
فى أعقاب ذلك تحدث المهندس أحمد سمير وزير الصناعة والتجارة، حيث أكد أن هناك خطوات ملموسة تقوم بها الدولة حاليًا لمساندة القطاع الصناعى بهدف جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية وكذا العمل على تحقيق مستهدفات الدولة الرامية إلى زيادة معدلات الصادرات المصرية للأسواق الخارجية،، مشيرًا إلى أن العمل يتم حاليًا لتحقيق عدة أهداف رئيسية تشمل زيادة معدلات النمو الصناعى وزيادة نصيب الصناعة من الناتج المحلى الإجمالى، وزيادة معدلات نمو الصادرات الصناعية والتوسع فى التحول نحو الصناعات الخضراء وتفعيل دور التجمعات الصناعية القائمة وكذلك برنامج رد الأعباء التصديرية.. وقد أشار الوزير أيضًا إلى حرص الوزارة على تحقيق المستهدفات التصديرية مع الدول الإفريقية حيث ترتبط مصر مع عدد كبير منها باتفاقات تجارة حرة تسمح للصادرات بالتمتع بالعديد من المزايا داخل الأسواق الإفريقية التى تمثل إمتدادًا جغرافيًا واستراتيجيًا للدولة المصرية.... وقام الوزير بطرح بعض الأرقام التى سجلتها صادرات مصر السلعية، موضحًا إنها حققت نتائج إيجابية مع بداية العام الحالى، وذلك نتيجة تزايد الطلب العالمى على المنتجات المصرية فى مختلف القطاعات الإنتاجية والحفاظ على الأسواق التصديرية وفتح أسواق جديدة، فضلًا عن الاستفادة من جميع الفرص المتاحة لتصدير المنتجات المصرية المطلوبة للخارج.
جاءت كلمة الوزير لتؤكد أن الاقتصاد المصرى يسير بمنهجية مدروسة ومتفائلة إلا أنها لم تتضمن الإجابة عن بعض التساؤلات التى أثارها نواب المجلس، والتى كان من أبرزها دور الوزارة تجاه المصانع المغلقة وما هى الحلول التى سيتم طرحها من قبل الوزارة لإعادة تشغيل تلك المصانع.. وما هو دور الوزارة تجاه المعوقات الموجودة بالفعل على أرض الواقع والتى تؤثر على قطاع الصناعة الذى هو عصب التنمية الإقتصادية فى مصر بوصفه أكثر القطاعات قدرة على تحقيق معدلات نمو مرتفعة، بالإضافة إلى دوره المهم فى دعم الناتج الوطنى فى ظل ما يواجهه هذا القطاع من تحديات نتيجة الأزمات العالمية الحالية.
أكدت المداخلات والمناقشات والتوصيات من قبل أعضاء مجلس الشيوخ أن الجميع يهدف إلى تحقيق مصلحة الوطن فى كافة المجالات وعلى رأسها الصناعة، حيث طالب المجلس بضرورة تدشين استراتيجية وطنية محددة للنهوض بالصناعة المصرية تحكمها تشريعات واضحة لكل صناعة من الصناعات على حدة.. كذلك ضرورة تضافر الجهود داخل الحكومة للعبور بالدولة الى مرحلة الاستقرار الاقتصادى الذى سينعكس فى المقام الأول على المواطن المصرى الذى أثبت جدارته وحقه فى أن ينعم بالاستقرار بعد تلك السنوات التى عانى فيها من صعوبة الأحوال المعيشية، وهو ما كان محل تقدير الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أكد هذا الحق وأن الدولة بكل أجهزتها تعمل لتحقيقه.. وتحيا مصر...