رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المطران جورج شيحان يترأس قداس ذكرى "مار مارون"

المطران جورج شيحان
المطران جورج شيحان

احتفلت إيبارشية القاهرة المارونية، بقداس ذكرى "مار مارون" أبو الطائفة المارونية، وشفيع كنيستها، في كنيسة "مار مارون" بحي مصر الجديدة.

 

وترأس الاحتفالية المطران جورج شيحان، مطران الطائفة والرئيس الأعلى للمؤسسات المارونية في مصر، وشارك فيها كل من رئيس الأساقفة نيقولاس هنري، السفير البابوي بمصر، السيد علي الحلبي، سفير لبنان في القاهرة، الأب نبيل رفول، رئيس الرسالة المارونية في مصر، والنائب الأسقفي، الأب نبيل هب الريح، الأب نادر جورج، الأب جورج خطار، بالإضافة إلى عدد من مطارنة الكنيسة الكاثوليكية.

كما شارك بالحضور عدد من كهنة وقساوسة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الإنجيلية، كما شارك بالحضور أيضًا عدد من كبار رجال الدولة والشخصيات العامة، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ.


وقال المطران جورج شيحان، إن النّاسك الرّاهب مارون المُنتمي إلى الكنيسة الأنطاكيّة ومُلهم تأسيس الكنيسة المارونيّة عاش بمنطقة حلب في القرن الرابع الميلادي. كان تقيًا وشجاعًا، عاش حياته النّسكيّة مستلهمًا حياة القدّيس أنطونيوس الكبير ابن صعيد مصر. راسل القدّيس يوحنّا ذّهبي الفم، رئيس أساقفة القسطنطينية وأحد آباء الكنيسة.
 
وأضاف "شيحان"، خلال كلمته التي ألقاها بالقداس الاحتفالي، أنه بعد قرنين على انتقاله إلى الآب السّماويّ لجأ تلاميذه إلى الجبال اللبنانية هربًا من اضطهاد إخوتهم في الدّين، استقرّ هؤلاء في الجبل اللّبنانيّ العصيّ على الأعداء، وبدأوا يفلحون الأرض ويزرعونها، فكانت لهم بمثابة الأرض الكتابيّة الموعودة. عاش الموارنة في أرضهم قيم الإنجيل، فباركهم الرّبّ، وتضاعفت بسرعة أعدادهم. لم ينفصل الشّعب المارونيّ يومًا عن كنيسة روما، وبخلاف الكنائس الشرقيّة الأخرى، لم تنقسم يومًا كنيسة أبناء مارون.
 
 وأشار "شيحان" إلى أن وجود الكنيسة والشعب الماروني في مصر منذ ما يزيد على الخمسمائة سنة إنما هو تأكيد على هذا التلاقي الروحي الذي أطلقه أنطونيوس الكبير أب الرهبان ومارون الناسك.
 
وتابع "شيحان": إذا عدنا إلى نص الإنجيل نرى أن يسوع شبّه نفسه بحبة الحنطة التي ماتت ودفنت وأعطت ثمارًا كثيرة. والقديس مارون أيضًا هو على مثال حبة الحنطة الذي فاح عَرفُ قداسته بعد موته، حيث انتشر تلاميذه في العالم تحت اسم الموارنة. وقد دعوا موارنة لأن عليهم أن يسلكوا نهجه وسيرته، ليبلغوا على مثاله ما بلغه من رقة وقداسة، فيتحدوا بالابن الإلهي الذي عبده مارون وكان له خادمًا أمينًا حكيمًا.

وأكد "شيحان" أن المارونية: إيمان، عقل، ومذهب في الحياة، إيمان وطيد بالعقيدة الكاثوليكية، وواجب السعي الدؤوب في محبة القريب والغريب، عقل عاقل منفتح على مختلف الثقافات في العالم، يأخذ منها ويفعل مخلصًا في سبيل الحق والخير والجمال. مذهب في الحياة، نيّر خَطهُ الإيمان والعقل، شخصية متكاتفة العناصر متراكمة التقاليد.
 
وأشار"شيحان " إلى أن رسالة الموارنة هي علة وجودنا ومُبرّر استمرارنا. رسالتنا هي أرضنا الأولى ووطنا وذاتنا. نحن من دونها عراة في أي أرض ووطن وذات. نحن هنا في هذا الشرق لنبقى، لأن الشرق كما يعترف أشرف أبنائه، لنا، ويحتاج إلينا نحن كمسيحيين وكموارنة وجدنا لنبقى شهادة للشرق، شهادة على التعدّد الإنساني ودعوة مستمرة إلى الحرية، واختبارًا للقاء روحي وإرادة للتجدد والإبداع، لا امتيازات لنا إلا بما نتميز به في مبررات في تجميل الأرض والفكر والروح. وعلينا أن نشكر ربنا يسوع المسيح الذي قدّر لنا نصيب مشابهته في هذا الشرق، وجودُنا فيه نعمة لنا وخدمة للآخرين وشرف للعالم.
 
واختتم المطران جورج شيحان مطران الطائفة والرئيس الأعلى للمؤسسات المارونية في مصر قائلًا: عيد مار مارون، مناسبة مباركة جمعتنا بكم إخوة وأحباء رجال دين ودنيا، ومعكم نصلّي من أجل بلدنا مصر، ونصلي من أجل كنيستنا المارونية بطريركًا وشعبًا، نصلي من أجل مصر ولبنان، رئيسًا وحكومة، وقيادات عسكرية ومدنية.
 
كما نصلي من أجل إخوتنا في فلسطين المحتلة وغزة المنكوبة، سائلين الله بشفاعة مار مارون السلام لهم جميعًا وللعالم.

وتحتفل الكنيسة المارونية بذكرى عيد مار مارون المعترف وهو أبو الكنيسة المارونيّة. ولد في بلاد قورش. دعاه تيودوريطس القورشيّ: "مارون الإلهيّ". رُقّي إلى درجة الكهنوت المقدّسة. ترك الحياة الاجتماعيّة ليتنسّك على إحدى تلال قورش في شمالي سورية، كرَّس معبدًا وثنيٌّا لعبادة اللّه الحقيقيّ، عاش في العراء، أمضى لياليه في الصلاة والسجود والتأمّل، وأيّامه في الصوم والتقشُّف والتجرُّد، ذاع صيته، فتقاطر الناس إليه، للشفاء وسماع إرشاداته والتتلمذ على يديه، فامتلأ الجبل نُسَّاكًا وناسكات، امتاز بالشفاء من الأمراض الجسديّة والنفسيّة والروحيّة، ودواؤه الوحيد هو الصلاة، كتب القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفمّ رسالةً له يطلب فيها الصلاة من أجله، رقد بالربّ سنة 410م. 


وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: "إنّ المرحلة التاريخيّة التي عاش فيها مار مارون في شمال سوريا وقبله القدّيس أنطونيوس الكبير في مصر، والواقعة ما بين القرنين الثالث والخامس، هي مرحلة تحوّلات كبرى في مسار الكنيسة إذ أصبحت المسيحيّة ديانة الأمبراطوريّتين الرومانيّة والبيزنطيّة في الغرب وفي الشرق. يومها، انبلج "تاريخ أصفياء الله"، "وكان مارون أوّل من غرس حديقة النسك في المنطقة" عبر مغامرة روحيّة رياديّة أطلقها القدّيس أنطونيوس وجسّدها القدّيس مارون ومؤدّاها: أنّ نفوسًا مؤمنة وجدت أنّها غير قادرة على إدراك الكمال داخل المجتمع: إمّا لأنّه وثنيّ، وإمّا لأنّه مسيحيّ بالمظهر فقط، ولهذا قرّروا ترك العالم لكي يلاقوا الله مباشرةً وعاموديًّا، وفي العراء. وهذا هو المعنى الحقيقيّ للتجربة النسكيّة والديريّة التي انتشرت آنذاك وشكّلت طوال قرون، النموذج الأهمّ للحياة المكرّسة".