رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مقامات الغضب.. المغامرة

- المحيط الهادر قد يكون حوضًا زجاجيًا، وأنا سمكة ملونة صغيرة أتقافز داخله. 

- أنهى طبقًا أكبر من احتياجى، ويظل خوائى يتمدد داخلى حتى يبتلعنى. 

- من السهل أن تقوم بملء كوب فارغ.. لكن كيف تضيف المزيد إلى كوب ممتلئ بالفعل؟ 

- المسألة هى اللعب.. ليس المرح أو التهريج أو المزاح، لكنه اللعب فحسب.. كأنه يتيح لها/ لك، الهروب من المسئولية، الخروج على القواعد، ليس القواعد، فلكل لعبة قوانينها التى يجب أن يعرفها اللاعبون قبل أن يبدأوا اللعبة، لكن ماذا عن تغيير القوانين، ماذا عن الألعاب الارتجالية، عن مهارة اختراع ألعاب جديدة، تحوير القواعد المتفق عليها، طمسها، تشويشها؟ 

- يشعر البدين بأنه يشغل أكثر من الحيز المسموح به، أنه يستولى على مساحات الآخرين، فيشعر بالخجل منهم، هو متهم بالشره، إنه يأكل ما لا يأكله الآخرون، النظرة المخجلة، «خد الساندوتش ده»، ينظر الآخرون له على أنه لا يشبع، وأنه يستطيع أن يبتلع العالم فى بطنه، يستطيع أن يبتلع بقاياهم وحتى فضلاتهم، وأن يبتلع سخافتهم، سماجتهم، إهانتهم، حتى بصاقهم، والأدهى أنهم يعتقدون أن معدة البدين تهضم كل هذا وتمتصه أمعاؤه، ويتوقعون فضلات من خفة الدم، والنكت، واللطافة، والحنان، والتسامح، والتفاهم؛ دون أصوات التجشؤ ورائحة الفساء. 

- فى صغرى ضقت بالزى الأزهرى، لكنى اكتشفت منافعه.. المعرفة بالقرآن والأحاديث النبوية تكسبك سلطة، حجة، قوة، أحاديث وحواديت كثيرة، تجعل الآخرين، الجيران والأقارب، يصغون إلىّ. 

- أتوق للشمس لمكان فيه ضوء، اختنقت من العتمة والرطوبة، من الجحر الذى عشت فيه؛ التلافيف والسراديب، أتوق للصف الأول؛ أن يكون لنا بيت على الطريق الرئيسى، أشعر بمعاناة رفاقى عندما يصلون لبيتى.. فكثيرًا ما ينسوننى فى اللعب، علىّ أن أراقب دائمًا كى لا تفوتنى أى متعة. 

- من خطواتها المضطربة البطيئة تعلمت الصبر، الطريق الذى يأخذه زملائى فى نصف ساعة نقطعه فى ساعتين.. أن تتعلم الصبر، أن تتصبر، ومن ضغطة أصابعها المتشنجة على ذراعى تعلمت إدراك ما لا يقال. 

- كلما لمحتها وأنا عائد للبيت وهى مستندة على الشباك بعينين ملونتين بين العسلى والرمادى وبشرة بيضاء، وشعر بنى مقصوص «ألا جارسون »، وفك بارز قوى، لا تستطيع التحكم فى غلقه. 

- يملؤنى الحزن والغضب، فكها ضخم بارز، فكها قوى، خاصة العلوى، بنية عظمية قوية، هذه العظام هى مأساتها، حافظت عليها من الموت، وأعطتها حياة ممسوخة. 

- السعى لهذه النظرة، والبحث عن هذا الأمان، يفسد حياتى ويخربنى أنا أكثر مما أنا خربة. 

- جلست تحت أكبر شجرة، فى مواجهتى تجسمت الواجهة الخلفية، بناء ستينى من الجص الأبيض، التصميم معتاد ومنتشر يشى بانضباط وتقشف روحى، والوحدات الزخرفية، مجرد تكرارات تشغل الفراغ ولا تملأه، يكفى أن تتأمل وحدة واحدة لتعرف شفرة بقية الوحدات، وحدة واحدة تكفى، ضعف وفقر فى الخيال، حتى تنفيذها بمجرد قليل من الانتباه تدرك أنها مصبوبة فى قوالب، فلا دفء أصابع مستها، ولا روح نفخت فيها، فظلت جمادًا يؤكد الفراغ. 

- يسقط النظام، الشعب يريد إسقاط النظام، هذا التعبير لم أحبه، ولم أؤمن به، لا بد وأن يوجد نظام، كيف يسير العالم دون نظام؟ أريد إسقاط الفساد، لا بد أن يوجد نظام، سواء كان صالحًا أو فاسدًا، ليس كل نظام يجب إسقاطه. 

- هذا الفقد ظل هوة سحيقة شكلت روحى وجعلت لدىّ احتياجًا دائمًا للحب.. أعترف، أحببت كل الرجال الذين قابلتهم، انجذبت إليهم كما تنجذب الفراشات للضوء، كما تنجذب الحياة للموت، فى الرجال سحر لا أستطيع الفكاك منه، فجوة سوداء تمتصنى، فأذوب وأتلاشى ولا يبقى من كينونتى شىء، تتبعثر خلاياى، أفقد السيطرة عليها، أصبح كليًا فى منطقة الأفعال اللا إرادية، أصاب بحالة بله أو صرع، حيث تفقد الأجزاء الأمامية من مخى السيطرة على جسدى وروحى وأتوه، منوّمة أنا مغناطيسيًا فى حضرة الرجال، أمنحهم هالات من نور، وأجنحة ملائكة، أقدم لهم قرابين من روحى، من دمى، لا أمارس إغواء أو ابتذالًا، بل توهانًا، ليس ذلك لرجل معين أو محدد، ولكن لكل الرجال. عفوًا، ليس كل الرجال فى اللحظة ذاتها، ولكن كل الرجال حتى أقع فى شرك أحدهم، وأتوه منه فى دوامة اندهاشى.