جمال القصاص: عفيفي مطر استثناء في الشعرية العربية
قال الشاعر جمال القصاص، إن الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر يعد استثناء في الشعرية العربية، إذ قدمت أشعاره غابة من الصور، كما أن لديه بعدا صوفيا يفيض بشكل طبيعي، وشعره قماشة مفتوحة يضفرها باتقان.
وأضاف أن حداثة عفيفي مطر ليست حداثة علوية مثل أدونيس ولكنها حداثة مرتبطة بالإنسان، فهو يتجاوز الوجود العياني المادي المباشر للأشياء والعناصر لأن ما وراءه يمكن من خلاله صنع عالم جديد.
جاء ذلك خلال ندوة لمناقشة كتاب "نزع الأقنعة.. عن الرجل الذي خاف أن يخاف.. محمد عفيفي مطر" الصادر عن بيت الحكمة، اليوم بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
أوضح "القصاص"، أن الكتاب يسد فجوة كبيرة وخصوصا في إبراز البعد النفسي عند "مطر"؛ فنجح شريف قنديل في نزع الأقنعة عن عفيفي مطر وجعل من إهداءاته لكتبه وسيلة لفهم عالم عفيفي مطر، فكان الشاعر الراحل شخصا بسيطا محبا للحياة، وشعريته تنتمي إلى الأرض وإلى الإنسان.
وقال إنه كان يعجز أحيانا عن فهم بعض قصائده فكان يقول لي أنه ليس غامضًا، وإنما يحتاج القارئ إلى أن يصل إلى المعاني بنفسه، فهو يستدعي شخوصا في شعره ليصنع حوارًا شعريًا يمثل نافذة تطل فيه الشخوص على ذاتها.
وجاء في تقديم شريف قتديل لكتابه "نزع الأقنعة": في كل مرة، كان مطر، يعطيني درسًا أو نظرية في الحياة! وحين يبدأ في الكلام تتغير نبرة صوته فأشعر بالفعل أنني أمام الحكيم!
بحر في العلوم بمختلف أنواعها، ورأي ثاقب وواضح وضوح الشمس خاصة إذا تعلق الأمر بقيمة من قيم الحق والعدل والحرية. صلابة في الموقف المبني على دراسة وتأمل، وتسامح في الأمور الخاصة به!
لقد اكتشفت مع تقدم العمر.. عمره رحمه الله، وعمري أيضًا أن محمد عفيفي مطر لم يكن شاعرًا كبيرًا وفيلسوفًا عميقًا فقط وإنما كان أحد حكماء العصر!.
ويضيف: ولأنني درست الفيلسوف الكِندي أول الفلاسفة المَشَّائِين المسلمين، الذي اشتهر بجهوده في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية القديمة والهلنستية، فقد أدركت كيف كان مطر يشترك معه في نظرته المتفردة للأشياء، وكيف كانا يعبران عنها بما يشبه النظريات القصيرة.. للزراعة والزارعين، وللصناعة والحرفيين.. للسياسة والساسة، وللشعر والشعراء! لبراءة الطفولة وقيمة الرجولة.. ولمعنى الحياة!
