رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الناقد دكتور محمد عمر: مصر الشاعرة من أقدم شعريات الدنيا

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

تحدث الناقد الأكاديمي الدكتور محمد عمر، أستاذ الأدب والنقد بجامعة العريش، خلال إطلاق أحدث سلاسل الهيئة المصرية العامة للكتاب، "ديوان الشعر المصري"، وذلك ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين.

الشعر كائن مكاني بطبيعته

وقال “عمر”: إن الشعر كائن مكاني بطبيعته، فقد ارتبطت نشأته بوادي عبقر، وربات الفنون والجن والشياطين الذين يسكنون الأودية، والأماكن كالشخصيات، لكن سحره وجماله وشخصيته المستقلة تحدد ملامحه ومكانته، ولذا فإن أي قصيدة لا تحسن استخدام المكان وتوظيفه لا توفق في رصد جزء من تطور الزمن في فترة زمنية معينة. 

وتابع محمد عمر: وتباين العلاقة بين عنصر المكان والشعر يمكننا من فهم أوسع وأدق لهذه الشريحة الزمنية، وعلى هذا النحو فإن الإمساك بتلابيب اللحظة المكانية يمكننا من الإمساك بشفرة النص بوجه خاص، ومدى ارتباط العلاقة بين الداخل والخارج.  

مصر الشاعرة من أقدم شعريات الدنيا

وأوضح محمد عمر: من محاسن التوافقات بمصر العظيمة، وهي تستعيد ريادتها تارة أخرى أو تؤكدها، أن يرتبط مشروع إحياء الشعر الوطني بالحركة الوطنية عادة، فقد بدأ في أوائل القرن الماضي بعد ثورة 1919، في محاولة تحديد الهوية المصرية، فظهرت دعوة طه حسين في يناير 1930 بإنشاء كرسي خاص بالأدب المصري، وكان الشيخ أمين الخولي هو أول أستاذ لهذا الكرسي، وظهر ذلك جليا في عتبات قراءة هذه الكتب.

وشدد محمد عمر على: أن وصف مصر بالشاعرة ينسحب على مصر طوال تاريخها إلى ما قبل عهد البطالمة، وما بعد الفاطميين، فالمخيال الشعري، والتمثيلات الشعرية العالمية استوحت العقائد الدينية، وفكرة البعث والخلود، والحساب من موروث الحضارة المصرية والشعر المصري القديم، وقد ألمح عبد العليم القباني إلى أثر شعراء مصر البطلمية على شعراء الإسكندرية في العصور الإسلامية، مما يؤكد أن الشعرية المصرية عابرة للعصور والديانات والحضارات، وإن أثرت وتأثرت.

توصيات لمشروع ديوان الشعر المصري

كما طرح دكتور محمد عمر خلال اللقاء، عدة توصيات لمزيد من إثراء مشروع ديوان الشعر المصري، مشيرا إلي: ضرورة طباعة مكتبة الأدب المصري الواسعة منذ أربعينيات القرن الماضي حتي الآن، ومعظمها نفدت طباعتها منذ جيل علي الأقل، وطباعة الرسائل العلمية المتناثرة في الجامعات المصرية من تحقيقات ودراسات حول الشعر المصري، أحصيت منها 150 رسالة في الشعر المصري.

ولفت محمد عمر، إلى الحرفيين في مصر الذين قرضوا الشعر موضحا: من المفارقات أن يصل الشعراء في مصر وصولا لافتا إلي المناصب السامية، فنري معظم ملوك الأيوبيين من الشعراء، وطلائع بن زريك قبلهم أمير وفارس وملك متوج، وزهير كاتب مجد الدين أمير الصعيد، وصديق الملك الصالح أيوب.

واستدرك محمد عمر: وفي الوقت ذاته نجد الشعراء من أرباب الحرف وهم طبقة كبيرة وشعرها غزير، كتقي الدين السروجي، وابن دانيال الكحال، وظافر الحداد، وأبي الحسين الجزار، والسراج الوراق، والحمامي، ومجاهد الخياط، إبراهيم المعمار، وابن الحائك وصولا إلي محمود صفوت الساعاتي، كما يجمع من الشعر الفصيح الذي يصير حديث الأسمار والمنتديات والصالونات الأدبية، كما نجد في الصالون الذي كان يعقده ابن سناء الملك، أو منتديات زهير وأسماره.

واختتم  محمد عمر: احتفظت مصر بخصوصية شخصيتها عبر تاريخها الأنثروبولوجي الممتد، مع امتصاصها حضارات الوافدين عليها، لذا لم يكن من الإنصاف أن نعتقد أن الشعر المصري بدأ منذ معرفة المصريين، وإنشادهم الشعر بالعربية الفصحي، بل هو ممتد عبر جذوره البعيدة يستقي أخيلته وصوره وموروثه المعنوي والعاطفي من العهد الفرعوني بأسره الكثيرة المتتابعة، فهذا الصوت المصري ليس صوتا صحراويا، يستنسخ غيره وليس تابعا بقلبه وعاطفته وخياله إلي الخلافة في الشام والعراق، بل كان صوتا مصريا خالصا.