رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أكاذيب بنى صهيون

 

قبل أن تُسطر كلمة واحدة فى هذا المقال، وجب علينا توجيه تحية تقدير واحترام لكل أهل غزة الأبطال ولأرواح شهدائهم وجرحاهم، ممن تمسكوا بأرضهم رغم كل ما يلاقونه يوميًا على مدى أكثر من مائة يوم من حرب إبادة ممنهجة مدعومة بأقذر دعم أنجلوأمريكى وتواطؤ دولى وتآمر على شعب أعزل فاقد قدرة الدفاع عن نفسه وأرضه إلا بما منحه الله من قدرة على التحمل والصبر وإيمان ويقين بالنصر.
فلولا تمسك أهل غزة بأرضهم لانتهت القضية، وعلينا تذكر هجرات شعوب الدول التى عانت من ويلات الحروب كان آخرهم ملايين النازحين من الشعب الأوكرانى ممن هربوا من بيوتهم وهجروها للدول المجاورة، ولو فعل ذلك أهل غزة لنجوا من المذابح ولكن على حساب قضيتهم والخسارة ستكون وطنهم.
ومن صمود الشعب الفلسطينى إلى أكاذيب بنى صهيون المعتادة التى دأبوا عليها طوال ما يزيد على 120 عامًا هى عمر المؤامرة على فلسطين، فلا تملك دولة الكيان المحتل إلا اختلاق الأكاذيب وإلقاء التهم على الجميع لتنجو، ملقية الاتهامات فى كل اتجاه.
فيشهد القاصى والدانى على جرائم الإبادة فى حق أهل غزة ومع ذلك تستمر الدعاية الصهيونية فى الإنكار ببجاحة غلبت بجاحة جورج بوش الابن، الرئيس الأمريكى الأسبق، حين أكد امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وشنت أمريكا الحرب على العراق بهذه الحجة، ليعيش الناس آثار هذه الكذبة حتى يومنا هذا، وهى الكذبة التى صنفتها CNN «العربى» بأنها أشهر كذبة رقم واحد ضمن أشهر 10 أكاذيب فى التاريخ.
أكاذيب وفد دولة العدو تجلت خلال ثانى جلسات محكمة العدل الدولية لنظر الدعوى التاريخية التى قدمتها جنوب إفريقيا ضد تل أبيب، بدأت بالادعاء بتحمل مصر المسئولية الكاملة لمعبر رفح، والتنصل من أى دور لها كدولة احتلال فى إدارة المعبر.
لكن الواقع الذى يشهد عليه العالم أجمع يكذب بنى صهيون إلى جانب تصريحات أعضاء عصابة الحكم الصهيونى مثل تصريح «أيلون ليفى»، المتحدث باسم حكومة الاحتلال وما قاله خلال الأسابيع الأولى من عدوان غزة، مؤكدًا أن تل أبيب لن تسمح بدخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، ما لم تفرج الفصائل الفلسطينية عن كل الرهائن الإسرائيليين.
وتصريح وقح آخر لوزير الطاقة الإسرائيلى «إسرائيل كاتس»، فى نهاية أكتوبر الماضى، وقال فيه إن بلاده لن تسمح بدخول الموارد الأساسية أو المساعدات الإنسانية إلى غزة حتى تطلق حماس سراح الرهائن الذين أسرتهم، وأضاف أنه لن يتم تشغيل مفتاح كهربائى ولن يفتح صنبور مياه ولن تدخل شاحنة وقود حتى يعود المختطفون الإسرائيليون إلى ديارهم.
بينما قال «مارك ريجيف»، كبير مستشارى رئيس وزراء دولة الاحتلال، فى تصريحات نشرتها شبكة سى إن إن الأمريكية أكتوبر الماضى: «إن تل أبيب لن تسمح بدخول الوقود إلى قطاع غزة حتى لو أخلى سبيل جميع المحتجزين»، وهى أيضًا تصريحات تؤكد سلطة الاحتلال على الجانب الفلسطينى من المعبر.
وبالقطع كان لابد من دعم أكاذيب دولة الاحتلال بترويج أكاذيب أخرى عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى التى شهدت انتشارًا لفيديوهات مجهولة المصادر عن تلقى مسئولين، مصريين، بمعبر رفح رشاوى بلغت 10 آلاف دولار أى ما يقارب نصف مليون جنيه مقابل مرور كل مواطن فلسطينى، وهى أكاذيب تنفيها السلطة الفلسطينية ذاتها التى ترفض الرحيل وتعلن كل يوم عن تمسكها بالأرض، وتتنافى أيضًا مع المنطق فى قدرة المواطن الفلسطينى المحاصر فى توفير هذه المبالغ إلى جانب استحالة وجود من يملك اتخاذ قرار بعبور مواطن واحد من غزة إلى مصر خلسة تحت رقابة كل أجهزة الدولة المصرية.
فما يحكم الوضع بين مصر وقطاع غزة هو بنود اتفاقات المعابر بين مصر ودولة الاحتلال وبضمانات أممية التى تؤكد مسئولية الجانب «الإسرائيلى» عن الجانب الفلسطينى من القطاع، والتى لولاها واحترام مصر تعهداتها لتغير الوضع على أرض فلسطين فى غمضة عين.