رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالمحبة.. معًا سنتجاوزها

زار الرئيس عبدالفتاح السيسي كنيسة السيد المسيح بالعاصمة الإدارية لتقديم التهنئة للمسيحيين الأرثوذكس بمناسبة عيد الميلاد المجيد. لم تكن تلك هى زيارة سيادته الأولى للكنيسة في مثل هكذا مناسبة، كما لم تكن هى الزيارة الأولى للكاتدرائية الجديدة في العاصمة الإدارية. ذلك المبنى العملاق الذي يحتضن آلاف المؤمنين في صلواتهم وعند الاحتفال بأعيادهم، وبنفس الدفء تتسع الكاتدرائية لرموز الوطن وممثليه من المسلمين عند تهنئة شركاء الوطن بأفراحهم وسعيهم لمشاركتهم مناسباتهم. 
مبادرة رئاسية انتهجها الرئيس منذ تولى المسئولية ويحرص عليها في كل عيد طالما كان داخل البلاد. ولم يسجل التاريخ حرصًا من رأس الدولة المصرية على هذا التقليد من قبل، ففي يقيني أنه تقليد استنّه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي دون غيره من رؤساء مصر في العهد الجمهوري أو حتى ملوكها خلال العهد الملكي. ولعل المتابع للصورة يستطيع بسهولة ملاحظة أن تلك الزيارات فوق أنها ليست بروتوكولًا رئاسيًا، إنما هى نابعة من محبة خالصة وحرص شخصي من السيد الرئيس، بل إنها مصدر سعادة شخصية لسيادته ومرافقيه.

وقديمًا قالوا لنا:"إن هؤلاء الذين يمنحون الحب لا يحصدون إلا الحب". ذلك بالفعل هو ما نراه بأعيننا من مدى سعادة الإخوة المسيحيين باللقاء السنوي الذي صاروا ينتظرونه من رئيس الجمهورية في عيدي الميلاد والقيامة. إن لهفتهم التي نلاحظها على مصافحة الرئيس– رغم شدة الزحام وكثرة الأعداد وحرص بعضهم على تسليمه أوراقًا ربما بثوا فيها محبتهم، وربما شكاواهم– هى دليل محبة واحترام لرمز الدولة. بينما يحتفظ هو بابتسامته، ويحرص جاهدًا على أن لا تأخذ إجراءات التأمين من سعادة المصلين، ولا تقلل من فرحتهم بزيارته لهم.
وتأتي كلمة الرئيس في كل لقاء أكثر من مجرد تقديم التهنئة للإخوة في الوطن، إنها كلمات تمثل سياسة العمل ووقود المحبة وبروتوكول التعاون الوطني المشترك من عام إلى آخر. شُكر الرئيس لقداسة البابا في هذا العام كان يحمل تقديرًا صادقًا لمواقف البطريرك الوطنية فيما مضى من أحداث وتحديات. في هذا العام قال الرئيس لمسيحيي مصر– بكل طوائفهم– كلمات موجزة لم تتطرق بالتفصيل لكثير من التحديات التي تواجه الوطن والمواطن، وإن كان قد أشار بوضوح إلى أزمة الإخوة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. 
 جاءت رسائل الرئيس موجزة تلمح للمخاطر في الخارج والتحديات في الداخل، ولكنني  توقفت– مع غيري من المتابعين- في نهاية كلمته عند رسالته الختامية لعموم المصريين وليس فقط للمسيحيين حين قال بوضوح وإيجاز:"أي أزمة أو مشاكل أو ظروف صعبة بفضل الله طول ما إحنا مع بعض الأمور بفضل الله هتعدي والظروف الصعبة هتنتهي، والمهم تفضل بلدنا وشعبها بخير". وتلك هى الرسالة الختامية التي حملتها زيارة الرئيس للكاتدرائية في ليلة عيد الميلاد، أننا بوحدتنا وبفضل الله نستطيع اجتياز كل العقبات والتغلب على كل الأزمات. فلنكن ملايين الأيادي متحدة جميعها في يد واحدة تدفع عن بلادنا كل ما يهددها وتبني لها كل خير ورخاء ونماء. عيد ميلاد سعيد، ووطن متحد ومستقر دائمًا أبدًا إن شاء الله خالقنا وإلهنا أجمعين.