رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وتستمر مسيرة العطاء

جاءت النهاية السعيدة لماراثون الإنتخابات الرئاسية؛ لتعلن عن فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى بولاية جديدة يتولى فيها قيادة البلاد؛ بناء على اختيار حر من الشعب المصرى الذى خرج منه 39 مليونًا وسبعمائهة ألف مواطن؛ ليطالبوه بالاستمرار فى المسيرة التى بدأها منذ عشر سنوات عندما تسلم البلاد، وهى فى حالة غير مسبوقة من التفكك والانقسام والخوف من المجهول، الذى حاولت جماعات الضلال أن تغرق فيه الدولة المصرية؛ محاولة إشعال نيران الفتن والصراعات التى كادت تصل بالبلاد إلى الحرب الأهلية بين أبناء الشعب الواحد؛ حتى تسلمها الرئيس وهى تكاد تكون شبه دولة لا يعلم أحد كيف هو حاضرها، وماذا سوف يكون مستقبلها.
خرج المصريون فى مشهد حضارى واصطفاف وطنى يعبرون فيه، بكل صدق ووعى، عن تقديرهم الدور البطولى الذى قام به الرئيس عندما تصدى للإرهاب، وقاد ملحمة بطولية شارك فيها مع أبنائه من رجال القوات المسلحة والشرطة، وتحمل الكثير فى سبيل أن يصل بالبلاد الى بر الأمان.. ولن أنسى أبدًا ذلك المشهد الإنسانى عندما كان الرئيس فى مقدمة مستقبلى شهداء إحدى العمليات الإرهابية، عندما احتضن والد أحد الشهداء قائلًا «ياريتنى كنت أنا لأنول الشهادة».
لقد تحمل الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية البلاد فى ظروف بالغة القسوة على الصعيد الداخلى، واليوم تتجدد ولايته فى ظروف بالغة التعقيد على الصعيد الخارجى، وهو ما عبر عنه الرئيس فى كلمته عندما أشار الى تلك المعارك غير الإنسانية التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى على حدودنا الشرقية.. ومن المؤكد أن ثقة الناخب المصرى فى قائده هى التى دفعت تلك الملايين الى الخروج فى مشهد حضارى لم تشهده البلاد من قبل؛ لدعم النظام السياسى للدولة ضد تلك الضغوط الخارجية، وأيضًا ضد مؤامرات صريحة تريد استتباع مصر استغلالًا لظروف الأزمة الاقتصادية، واقتطاع قطعة من أرضها، الأمر الذى رفضه الرئيس رفضًا قاطعًا متصديًا لكل تلك الضغوط، وأيضًا لمحاولات أصوات الانشقاق والخيانة التى لم تكف عن إطلاق دعايتها المسمومة التى كانت تستهدف إعادة إنتاج مشهد فوضى يناير 2011، الأمر الذى تصدى له أيضًا الشعب المصرى عندما تمسك بسلاح صندوق الانتخابات معلنًا عن أنه قد أصبح أكثر نضجًا مما يظن الكثيرون، وأن إنتماءه الوطنى وتمسكه بالاستقرار والأمن والرؤية المستقبلية أهم بكثير من تلك الأزمات الاقتصادية العارضة، التى من الممكن أن تتعرض لها أى دولة فى العالم.. ومن هنا فإن اختياره الرئيس عبدالفتاح السيسى جاء نتيجة قناعات موضوعية ومعطيات حقيقية نعيشها جميعًا منذ عدة سنوات، عندما شاهدنا الإنجاز تلو الآخر يتحقق فى جميع مجالات الحياة، سواء من شبكات عالمية للطرق أو إنشاءات المدن الجديدة والاهتمام بالمشروعات الاستراتيجية واستصلاح ملايين من الأراضى الصحراوية لتصبح صالحة للزراعة والنماء ناهيك عن المبادرات الإنسانية، مثل حياة كريمة والمبادرات الصحية مثل 100 مليون صحة والقضاء على فيروس C... إلخ.. والحقيقة أنه من الصعب أن أحدد أو أعدد تلك الإنجازات التى تحققت خلال السنوات التى تولى فيها الرئيس إدارة شئون البلاد، والتى كان من بينها أيضًا، بل من أهمها- من وجهه نظرى - القضاء على العشوائيات وجميعنا بلا شك يعرف أن نسبة كبيرة من ساكنى العشوائيات كانت تمثل خطورة أمنية كبيرة، علاوة على تعرض ساكنيها للأمراض، بالإضافة إلى البطالة والفقر الذى كان يعانى منه أهل تلك المناطق.. وفوق كل هذا فقد أعاد لمصر مكانتها العربية والدولية ولعل الموقف المصرى الأخير من العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى قد جعل مصر ملجأ لجميع قادة دول العالم، وذلك إما للتدخل للإفراج عن رعاياهم المحتجزين داخل الأراضى الفلسطينية، أو لإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى، أو لتبنى مبادرات إنسانية تهدف إلى وقف العدوان الإسرائيلى الغاشم على أبناء الشعب الفلسطينى.
الحقيقة أن هناك الكثير والكثير من الأسباب التى دفعتنا إلى اختيار الرئيس عبدالفتاح السيسى ليتولى المسئولية من جديد.. وهى مسئولية كبيرة لا يتحملها إلا الرجال فما زال هذا الرجل يمثل طوق النجاة الموجود فى وقت الشدائد والقائد الجسور القادر على مواجهة واقتحام مناطق الخطر واتخاذ القرارات المصيرية وهو يقود مسيرة البناء والتعمير ويصون وطن يتهدده أعداء فى الداخل، محاولين العودة الى المشهد بكل أساليب الخديعة والفتنة.. وأعداء فى الخارج يرابضون على الحدود ويحاصرون مصر من كل اتجاه.
من حقنا جميعًا أن نحتفل بهذا الاختيار الصائب للرئيس عبدالفتاح السيسى وأن نحتفل أيضًا بانتصار إرادة الشعب المصرى فى اختياره لقائد الجمهورية الجديدة.. هذا الاختيار الذى جاء عن قناعة واقتناع دون أى ضغوط مورست عليه، وذلك لما رآه رؤيا العين من إنجازات لا ينكرها أحد.. إنجازات أسهمت بلا شك فى دفع عجلة التنمية وتنشيط الاقتصاد وتحديث عتاد الشرطة والجيش الذى يمثل القوة الرادعة لحماية مقدرات وأمن الوطن.
اليوم ونحن على مشارف مرحلة جديدة من تاريخ الوطن لا بد أن تتزايد طموحاتنا وأحلامنا التى نأمل أن تتحقق مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، خاصة أن السنوات الماضية شهدت صمودًا كبيرًا فى مواجهة الأزمات الإقتصادية التى تعرضت لها البلاد، بالإضافة إلى العديد من التحديات الأخرى، ومن هذا المنطلق فإننى أعتقد أن وضع استراتيجية اقتصادية بفكر جديد غير تقليدى والاستعانة بخبراء الاقتصاد أصبح يمثل أهمية كبيرة لتجاوز تلك الأزمات، خاصة أن مصر تزخر بمن هم مشهود لهم بالرؤية الثاقبة والفكر الاقتصادى المتجدد الذى يساير المستجدات الاقتصادية العالمية، وذلك للقضاء على التضخم وتذبذب الأسعار، هذا بالإضافة الى ضرورة تكثيف نشاط الأجهزة الرقابية على الأسواق لمواجهة زيادة السعار وجشع التجار والعمل على إصدار تشريعات بتغليظ عقوبات المتاجرة فى أقوات الشعب، فلا بد أن تسهم تلك الأجهزة فى ضبط إيقاع ارتفاع الأسعار، وأيضًا لا بد أن تكون هناك رقابة شعبية على هذه التجاوزات كى نحقق حياة أكثر قبولًا للمواطن المصرى البسيط، الأمر الذى كان وما زال يمثل الاهتمام الأكبر للرئيس عبدالفتاح السيسى.
جاءت كلمة الرئيس فى أعقاب الإعلان عن نتيجة الانتخابات كى تعطى لكل ذى حق حقه؛ بدءًا من الشعب الذى خرج ليقول كلمته ويعلن تمسكه بقائده فى مشهد حضارى راقٍ تضافرت فيه جهود الدولة حكومة وشعبًا؛ ليخرج بهذا المظهر المشرف الذى كان محل احترام العالم وتقديره.
كان البطل فى تلك الانتخابات- كما جاء فى كلمة الرئيس- هو الشعب المصرى العظيم الذى تصدى للإرهاب وتحمل الإصلاحات الاقتصادية وواجه الأزمات بثبات ووعى وحكمه.. كما أعطى الرئيس لرجال الشرطة والقوات المسلحة والقضاء حقهم فى المجهود الكبير المبذول منهم للخروج بالعملية الانتخابية بهذا الشكل الرائع، الذى لم يشهد أى خروقات أو تجاوزات وهو الأمر الذى يستدعى الفخر والاعتزاز بهؤلاء الرجال.
إن اختيار الشعب الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال تلك المرحلة الصعبة يلقى عليه بلا شك مسئوليات جسام وتبعات كبيرة، وأيضًا آمالًا وأحلامًا وطموحات لا يستهان بها.. جميعنا نطمع فى تحقيقها فى عهده بإذن الله.. ومن المؤكد أنه قادر على تحمل تلك المسئولية وعلى تحقيق هذه الآمال، وهو ما رأيناه خلال السنوات السابقة، فهو قادر بإذن الله على حمل الأمانة لنصل به ومعه إلى مرحلة جديدة من تاريخ دولتنا المصرية العظيمة؛ لتستمر مسيرة العطاء والفداء والرخاء.. ولتحيا مصر دائمًا عزيزة كريمة قوية بإذن الله.