رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المصريون فى الخارج.. سيمفونية فى حب الوطن

فى البداية وقبل أن أتكلم عن الانتخابات وضرورة المشاركة فيها، لابد أن أوجه رسالة شكر وتقدير لأبناء مصر الأوفياء الذين يعيشون خارج الوطن، والذين قدموا أروع نموذج للوطنية والانتماء عندما توجهوا جميعًا الى السفارات والقنصليات المصرية فى جميع بلاد العالم ليدلوا بأصواتهم لاختيار قائد المرحلة الجديدة من تاريخ البلاد فى سيمفونية رائعة شهد لها القاصى والدانى، ولم يأبه أبناء الشعب المصرى الأصيل بالأمطار أو سوء الأحوال الجوية فى أى بقعة من بقاع الأرض ليشاركوا أشقاءهم فى العرس الديمقراطى الذى تشهده البلاد هذه الأيام.
شهدت الساحة السياسية والحزبية نشاطًا غير مسبوق لتهيئة الشارع المصرى بكافة طوائفه وانتماءاته للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية التى بدأت بالفعل فى الخارج ويعقبها فى أيام 12،11،10 من الشهر الحالى فى الداخل، وذلك لاختيار قائد المرحلة القادمة والذى سوف يتولى تلك القيادة فى ظروف بالغة التعقيد والصعوبة على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية وجميعنا يعاصر حاليًا تلك الأحداث التى تمر بها المنطقة العربية بصفة عامة والدول المجاورة لنا بصفة خاصة سواء من ناحية فلسطين أو السودان وليبيا شرقًا وجنوبًا وغربًا.
ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية التى تمر بها البلاد والتى ساهم فى تفاقمها تلك الأحداث والأزمات المتوالية التى شهدها ويشهدها العالم سواء من حيث انتشار فيروس كورونا الذى أثر على العملية الإنتاجية والسياحية ثم الحرب الروسية -الأوكرانية التى أثرت على حركة التجارة العالمية وخطورة تحرك السفن التجارية فى البحار والمحيطات وأخيرًا تلك الحرب الدموية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى والتى جعلت المنطقة فى حالة ارتباك وقلق من تداعيات أو اتساع نطاق تلك الحرب.
تلك المعطيات وغيرها تجعل المشاركة الإيجابية من جميع أبناء الشعب المصرى فى الخارج والداخل فرض عين وضرورة ملحة لاختيار الرجل الذى سوف يتحمل تلك التحديات ويسير بقافلة الدولة المصرية إلى حيث الأمان والاستقرار بقدر الإمكان حتى تهدأ تلك الأزمات وتستقر الأوضاع وهى مهمة لو تعلمون ثقيلة على من يتصدى لها.
إن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية الحالية تعتبر من أهم الحقوق الدستورية للمواطن المصرى لما لها من تأثير كبير فى صنع حاضر ومستقبل البلاد.. ومن هنا فإن أهمية تلك المشاركة تكمن فى شعور الناخب بمدى قيمة وتأثير صوته الانتخابى فى العملية الإنتخابية وسط جو عام من الديمقراطية واحترام حق الأفراد فى إختيار من يمثلهم وليس مجرد الشعور بأن صوته الانتخابى مجرد تحصيل حاصل أو أن النتيجة محسومة سواء أدلى بصوته أم لم يدلى به..
ومن هنا فقد جاءت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى ختام مؤتمر «حكاية وطن» للمصريين بالنزول إلى صناديق الانتخاب بغض النظر عمن سوف يتم اختياره المهم أن نرسل للعالم رسالة صادقة عن اهتمام المواطن المصرى بممارسة حقه الديمقراطى فى تعزيز الديمقراطية والحرص على النهوض بالوطن وذلك من خلال رفع نسبة المشاركة الانتخابية والتى تعنى إدراك الناخب بأهمية صوته لمن يرى فيه القدرة على السير بالوطن إلى الطريق الصحيح.. وهنا أيضًا أشير إلى كلمة الرئيس فى ذات المؤتمر بأن يجعل المصريين تلك الانتخابات بداية حقيقية لحياة سياسية مفعمة بالحيوية وتشهد تعددية وتنوعًا واختلافًا دون تجاوز أو تجريح.
من ناحية أخرى فإن المشاركة الانتخابية لها العديد من الآثار الإيجابية والتى لها انعكاسات على مستوى الأفراد والمجتمع والحياة السياسية العامة فى مصر وكذلك على المستوى العالمى.. فعلى مستوى الأفراد فمن المؤكد أنها تزيد من الوعى وانتماء الوطنى وتنمى الشعور بكرامة الإنسان وقيمته وقدرته على تنبيه الحاكم بواجباته ومسئولياته أمام أبناء وطنه.
وهنا أشير إلى سابقة مشاركتى فى العديد من اللقاءات مع شباب الجامعات والمعاهد حيث تناقشنا عن أهمية دورهم وفاعليته فى المجتمع ومدى قدرتهم على التأثير فى مختلف جوانب الحياة السياسية ثم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وذلك من خلال مشاركتهم فى الانتخابات بصفة عامة سواء كانت رئاسية أو برلمانية.. وقد استشعرت من تلك اللقاءات مدى شغف هؤلاء الشباب بالوقوف على حقائق ما يدور حولهم من أحداث سياسية وكذلك رغبتهم فى معرفة أسباب الأزمات الاقتصادية التى تمر بها البلاد.. وأزعم أننى ومعى العديد من الأساتذة والحزبيين والسياسين المعتدلين قد ساهمنا بقدر كبير فى تغيير العديد من المفاهيم المغلوطة لدى هؤلاء الشباب والتأكيد على أهمية مشاركتهم السياسية لتحقيق العديد من الأهداف.. ولعل من أهم تلك الأهداف معالجة ظاهرة عزوف الشباب عن المشاركة السياسية ودعوتهم إلى المشاركة فيها من منطلق حقهم فى وضع رؤية مستقبلية للبلاد والتى تضمن حقوقهم المشروعة فى كافة مناحى الحياة بالإضافة إلى التأكيد على أن تلك المشاركة سوف تساهم فى صنع القرار الذى يهدف إلى تحقيق آمالهم وطموحاتهم.. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الشباب فى الدولة المصرية حاليًا يمثلون حوالى 60% تقريبًا من قوامها السكانى وبالتالى فإن لديهم القدرة على التأثير فى نتائج العمليات الانتخابية بصفة عامة فى البلاد.
أما على المستوى المجتمعى فإنه من المؤكد أن المشاركة الانتخابية تزيد وتعزز من الوحدة الوطنية والتضامن والتكافل الاجتماعى وتزيد من مستوى الوعى السياسى فى المجتمع وتدفع الحاكم الذى يتم انتخابه إلى الاستجابة لمطالب المواطنين وتجعله دائمًا يدور فى فلك المواطن والوطن وإنه كلما زادت المشاركة الانتخابية فإن هذا سوف يؤدى قطعًا إلى العمل على تحقيق المزيد من العدل الاقتصادى والاجتماعى فى المجتمع...وفيما يتعلق بأهمية المشاركة الانتخابية على المستوى العالمى فمن المؤكد أنه كلما كانت المشاركة كبيرة كانت صورة مصر فى الخارج أكثر إشراقًا ووضوحًا فى إننا دولة ديمقراطية تمارس حقها الدستورى فى اختيار من يتولى إدارة دولته دون أى ضغوط أو إملاءات تمارس عليه وهو ما يعزز احترام العالم لنا ويمكننا من سد الطرق والابواب لمن يحاولون تشويه صورة الدولة فى الخارج أو منح الدول التى تدعى الديمقراطية ذريعة لمهاجمة مصر وإتهامها بأنها دولة غير ديمقراطية وتوظيف ذلك لخدمة أغراضهم الخبيثة ومصالحهم وأجندتهم المغرضة.
تابعنا جميعًا تلك المشاركة الإيجابية فى الانتخابات الرئاسية من خلال أهلنا من المصريين فى الخارج وكيف عكست صورة إيجابية متميزة لعملية إنتخابية ديمقراطية غير مسبوقة.. هنا أود الإشارة إلى حقيقة لمستها بنفسى أثناء عملى فى الخارج فى مثل هذه المناسبة منذ عدة سنوات.. وهى أن المصرى المقيم خارج الوطن ينتهز أى فرصة تربطه بأى حدث يرتبط بوطنه وهو ما نشاهده على سبيل المثال فى مباريات كرة القدم التى تشارك فيها الأندية المصرية حيث يحتشد المصريين لمشاهدة تلك الفرق لأنها تربطهم بالوطن طوال فترة المباراة.. فما بالك بمشاركتهم فى انتخاب رئيس دولتهم القادم حيث رأيتهم وكأنهم فى حالة فرح وعرس مصرى كامل الأركان يشاركون فيه بمحض إرادتهم دون أى ضغوط تمارس عليهم حتى ولو كانوا فى ولايات أو مدن بعيدة عن السفارات والقنصليات المصرية بل إنهم يرونها فرصة مناسبة لمناقشة مشاكلهم ومطالبهم وكذلك استعدادهم لخدمة وطنهم من خلال مبادرات يعلنون عنها لأعضاء السفارات المصرية فهى تمثل مناسبة سياسية واجتماعية لا تتكرر كثيرًا ومن هنا فإنهم يستمتعون بها بالفعل... كما رأيت العديد منهم بل معظمهم يصطحبون أبناءهم وزوجاتهم حتى ولو كن أجنبيات لمشاركتهم فى تلك المناسبة الوطنية المهمة التى تعزز روح الولاء والإنتماء الوطنى لهم ولأبنائهم.
إن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية تمثل ضرورة حتمية لكل مواطن وليست رفاهية فى ظل التحديات العالمية والأزمات الإقليمية المتعددة لأن مصرنا الغالية تستحق منا جميعًا أن تظهر بصورة مشرفة أمام العالم فهى مهد الحضارة وأم التاريخ وهى من علمت ومازالت تعلم العالم كيف يكون حب الأوطان.
وتحيا مصر.