رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سكر وكهرباء وأشياء أخرى

يعاني المواطن المصري من غلاء الأسعار، وهي ظاهرة غير مسبوقة؛ شملت أسعار كل السلع، سواء الضرورية أو العادية أو الكمالية، في الوقت الذي انعدمت فيه الرقابة على الأسواق.

نتيجة لذلك، ارتفعت أسعار السكر والأرز واللحوم ومنتجات الألبان إلى أرقام قياسية، ومع ذلك لم يتضرر الشعب علنًا، وإن تضرر من داخله، وهو ما يستنفد رصيد الحكومة من احترام لدى الجمهور. 

مع أن السكر تنتجه مصانعنا، ولا نستورد إلا كميات قليلة في حدود 10%، كان يجب أن تعمل الحكومة حسابها.. ويتهم التجار الشعب بأنه سبب المشكلة؛ لقيامه بتخزين السكر بعد أن هدد أحدهم بأنه سيختفي حتى رمضان المقبل. 

والواقع أن الناس لا تفعل هذا، ولكن كان يجب على وزير التموين القيام بتوزيع كميات من السكر على بطاقات التموين لكسر حدة احتكار التجار تلك الأصناف. 

ونعود إلى الكهرباء وتخفيف الأحمال.

ظهر هذا المصطلح اللطيف، لأول مرة، في منتصف يوليو 2023؛ أثناء كلمة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بعد أن اشتكى عدد كبير من المواطنين، على مواقع التواصل الاجتماعي، من انقطاعات متكررة وطويلة للتيار الكهربائي، فيما يعرف بنظام تخفيف الأحمال على المشتركين من قبل وزارة الكهرباء والطاقة. 

مجرد تخفيف الأحمال وليس قطعًا كليًا للتيار الكهربائي، وتعطيل مصالح الناس ساعة كل يوم.

ظهر المصطلح بعد أن بدأت الكهرباء تنقطع عن الناس لمدة ست سعات كاملة على ثلاث فترات، كل فترة ساعتان، وذلك اعتبارًا من منتصف يوليو 2023، وبعد أن اشتكى الناس في وسائل التواصل الاجتماعي بأن انقطاع التيار الكهربائى حتى الآن يعطل حياتنا ويضر بأعمالنا ومصالحنا، كما أنه لا يتم في كل المناطق على قدم المساواة.

وفي 30 يوليو، بعد أسبوعين من بدء انقطاع التيار، ظهر رئيس الوزراء ليعلن أنها مشكلة وقود!

ارتفاع درجات الحرارة كان مفاجئًا للحكومة، ولا تعلم به، ووزارة الكهرباء بعيدة عن هيئة الأرصاد المصرية لتخبرها بارتفاع درجات الحرارة لتحتاط له. 

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، إن هناك أرقامًا للتواصل في حال وجود مشاكل في انقطاع الكهرباء في ظل تخفيف الأحمال، لافتًا إلى أنه يمكن التواصل من خلال مبادرة صوتك مسموع، وقال أيضًا: إنه في حال انقطاع الكهرباء أرسل للحكومة على واتس آب رقم 01150606783، و15330 رقم الخط الساخن لتلقي شكاوى انقطاع الكهرباء.  

وأعترف بأنني قضيت أكثر من ساعتين لأتواصل مع الرقم الذي خصصته وزارة الكهرباء، دون أن يرد، وعندما رد عليَّ، انتظرت أكثر من نصف الساعة ليخبرني بأنه لا يمتلك إجابة، وبأنه سيبلغ شكواي للمسئولين، ولكن دون جدوى، وقتها كنا نعاني من انقطاع التيار كل ساعتين. 

ولكن لا ننكر أن بيان رئيس الوزراء وضع النقاط فوق الحروف، وقال إنها ساعة واحدة، وأراحنا من عبث العاملين في الكهرباء بالتسلية بلعبة قطع التيار عن الناس على فترات متقاربة.

في الأيام الأخيرة، تحديدا في 26 أكتوبر 2023، زادت فترة انقطاع الأحمال من ساعة إلى ساعتين، مع أن السيد رئيس الوزراء قال إنها ساعة ونصف. 

وقال بيان الحكومة إن الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة عن مثيلاتها في نفس الفترة من العام السابق، هو الذي أدى بدوره إلى زيادة استهلاك الكهرباء بصورة مرتفعة، مع انخفاض الطاقة المولدة من المصادر الجديدة والمتجددة (الرياح – الشمسية – المائية) في نفس الفترة عن العام السابق، الأمر الذي نتج عنه التحميل على استهلاك الغاز بكميات فاقت معدلات الاستهلاك الطبيعي، بالمقارنة بالاستهلاك الذي شهدته نفس الفترة من العام السابق، ما أدى إلى اتخاذ قرار خطة تخفيف الأحمال، وانقطاع الكهرباء في ساعات معينة.

إلا أن بيان الحكومة لم يحدد الموعد الذي تنتهي عنده خطة تخفيف الأحمال، وتركها للصدفة البحتة.. "مع انخفاض درجات الحرارة تنتهي خطة الأحمال، وترجع الأمور لطبيعتها، وأن خطة التحميل مؤقتة للغاية، وستحل في وقت وجيز". 

وكأنه ليست لدينا هيئة للأرصاد الجوية تقدم مشورتها لكل هيئات الدولة، للاستفادة منها، ومنها خريطة كاملة قدمتها هيئة الأرصاد عن السيول لكي تتجنبها الهيئات المعنية، لكن الكهرباء لا تعرف هيئة الأرصاد، مع أنها هيئة مصرية، ونسمع منها كل صباح تنبؤات الأحوال الجوية في معظم القنوات الفضائية. 

الواقع يقول إنه في كل مدينة أكثر من حي لا تنقطع الكهرباء عنه. 

هذا الجزء أكبر بكثير من نصف الحي لا تنقطع عنه الكهرباء، وأن هذا الجزء لا توجد فيه منشآت صحية أو صناعية أو سياحية، مع أن المنشآت الأمنية توجد بها أجهزة لتوليد الكهرباء أتوماتيك فور انقطاع التيار لتعمل أجهزة الاتصال بها بكفاءة في حالة انقطاع التيار، ولا مشكلة أبدًا للمنشآت الأمنية في حالة انقطاع التيار. 

وأعتقد أن المنشآت الصحية والمستشفيات لديها نفس الإمكانات، لأنها لا تسمح بترف انقطاع التيار أثناء العمليات الجراحية وراحة المرضى. 

إذن فلا مبرر أبدًا للتمييز.. فكلنا مصريون ويجب أن نتقاسم هموم الوطن. 

ولا ينسى بيان الحكومة أن يذكرنا "إن الدولة تتحمل 75% من فرق التكلفة الفعلية للطاقة التي يدفعها المواطن"، موضحًا أنه لا توجد دولة في العالم تواجه تحديات ومخاطر على الحدود مثل مصر.

الأمر الغريب أن درجات الحرارة في يوليو وأغسطس وسبتمبر، كانت درجات الحرارة في البلاد في أعلى معدلاتها، ولكن في أكتوبر بدأت درجات الحرارة تنخفض بطريقة ملموسة وصريحة، وفي نوفمبر بدأنا نشعر بالبرد، ومع ذلك زادت فترة تخفيف الأحمال إلى الضعف دون مبرر؛ سوى ما ألقاه علينا المتحدث الرسمي للحكومة، ولا نملك إلا أن نقول: تعبنا من الكهرباء.