رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر فى المواجهة!

مصر في مواجهة العدوان الصهيوني وفي مرمى نيرانه منذ اليوم الأول للعدوان على غزة ومن قبله أيضا، هذه حقيقية مؤكدة، فليست كل الحروب بالسلاح العسكري، ولكن هناك حروبا أخرى اقتصادية ومخابراتية ونفسية كثيرة لم يتوان العدو في توجيهها لنا منذ أن تم زرعه على أرضنا العربية. 
والمتابع لأزمة العدوان على غزة سيتأكد أن العدو وجه سهام شائعاته تجاه مصر منذ اللحظة الأولي فى محاولة؛ لتحجيم الدور المصري الفاعل في كل أزمة يكون العدو طرفًا.
بدأ الدور المصري في إدارة أزمة العدوان الصهيوني على غزة منذ اللحظة الأولي عندما إتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسي موقفًا حاسمًا مع حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته مترابطة الأطراف على حدود عام 1967، ورفضه لفكرة التهجير إلى سيناء أو لأي مكان آخر.
سعت مصر منذ بداية العدوان على وقف إطلاق النار والإصرار على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ونجحت جهودها وبصمود الشعب الفلسطيني فى فرض وجهة النظر العربية في الصراع الدائر، وتغيرت مواقف العديد من الدول تجاه القضية الفلسطينية والعدوان، وهدأت نبرات العداء الثابته ضد الشعب الفلسطيني بحجة محاربة حركة حماس، وتحركت شوارع أوروبا وأمريكا منددة بالهمجية الصهيونية واستهداف الأطفال والنساء.
مواقف مصر ودورها كان واضحًا منذ البداية، بالحضور الدائم للدولة المصرية ومسئوليها في كافة الفعاليات الدولية، ففي القاهرة استقبلنا وزير الخارجية الأمريكي وممثلون لدول الإتحاد الأوروبي مع بداية العدوان وتحديد المواقف، وعقدنا مؤتمر القاهرة للسلام وشاركنا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستقبلنا رئيسها في مصر ورفح.
تلقي الرئيس عبدالفتاح السيسي عشرات المكالمات من قادة ورؤساء دول العالم، وأجرى عشرات المكالمات الأخري مثلها، وعقد وزير الخارجية عشرات اللقاءات داخل مصر وخارجها، وكل تلك الإتصالات كانت دعمًا للموقف الفلسطيني.
قدمت مصر حوالي 90 % من حجم المساعدات الإنسانية التي وفرها العالم لسكان قطاع غزة، وإصطفت عشرات الشاحنات أمام المعبر لأسابيع حتى بدأت في الدخول للقطاع ومعها وقفت عشرات الشاحنات بسائقيهم ومساعديهم ومئات الشباب المتطوعين ممن تركوا مصالحهم وبيوتهم، وقرروا ألا يعودوا حتى دخول جميع المساعدات. 
خصصت مصر مطار العريش لاستقبال المساعدات، ووفرت له كل إمكانيات الشحن التفريغ حتى يقوم بمهامه في نقل المساعدات على أكمل وجه وبأسرع وقت، وخصصت الدولة المصرية مستشفي ميدانيا وأطقم طبية كاملة من سيارات الإسعاف وأطقم التمريض والأدوية وغرف العمليات الجراحية في رفح والعريش والإسماعيلية والقاهرة جميعها جاهزة لاستقبال الجرحي وتقديم الخدمات الطبية كاملة من عمليات جراحية وأدوية. 
ساهمت مصر باتصالاتها في الإفراج عن بعض الرهائن ومزدوجي الجنسية، ومنهم الرهينتان من كبار السن واللاتي استقبلتهن سيارات الإسعاف ليتلقيا الرعاية الطبية مباشرة فور دخولهن الأراضي المصرية.
نظمت مؤسسات الدولة المصرية حملات جمع التبرعات بمشاركة كبرى الجمعيات الخدمية والخيرية ومؤسسات حياة كريمة والتحالف الوطني للعمل الأهلي الذي يضم 33 جمعية من أكبر المؤسسات الاقتصادية المصرية، ووفرت أكثر من 6 آلاف طن من المساعدات الغذائية والبطاطين والمستلزمات الطبية ومازالت المساعدات تتدفق للأشقاء.
ورغم كل ما سبق وغيره الكثير- وكله معلن ومعروف للجميع- إلا أن الضغوط على مصر بكافة الوسائل لم تتوقف لحظة، فالآلة الإعلامية الإسرائيلية تدرك أهمية الدور المصري وراحت تتهم مصر بغلق معبر رفح لتحميلنا مسئولية تأخر دخول المساعدات وهو خبث صهيوني معروف ومكشوف.
ولم تتوقف الآلة الصهيونية الملعونة عند ذلك، بل راحت تتهم مصر بتهريب السلاح للمقاومة والوقوف وراء دعم حركة حماس، وقال موقع "بحدري حرديم" المحسوب على التيار الديني اليهودي المتشدد في إسرائيل، إن معظم ترسانة "حماس" ضد إسرائيل جاءت من مصر، وهى اتهامات يراد منها إضعاف الموقف المصري ومحاولة لإبعادها عن المشهد الحالي. 
وتتصاعد الاستفزازات تجاه مصر بإتهامها بالوقوف وراء الأنفاق التي تستخدمها حركة حماس في دفاعها عن قطاع غزة 
ويبدو جليًا أن دولة العدو تريد وضع مصر تحت ضغط وإتهامات بتهريب الأسلحة من سيناء إلى حماس، للتغطية على فشلها في تأمين حدودها وتحقيق أي نجاحات ضد قدرات حماس العسكرية.
ولا تزال المحاولات مستميتة لإضعاف الدور المصري وآخرها محاولة نسب النجاح في الوصول للهدنة إلى الدولة القطرية وحدها للتقليل من الدور المصري، لكن كل ذلك كان مكشوفًا ومعروفًا مسبقًا، فإذا خرجت مصر من المعادلة اختلت كل موازين القوى في المنطقة وبالقطع لصالح العدو.