رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملفات تنتظر الرئيس

تبدأ فى أوائل شهر ديسمبر المقبل انتخابات الرئاسة المصرية، والتى بموجبها يجلس رئيس مصرى على سدة الحكم. وبالتأكيد ستكون أمام الرئيس القادم عدة ملفات هامة لا تقبل الانتظار.
أول هذه الملفات هو الملف المفتوح على مصراعيه الآن، وهو ملف غزة.
بدأت الأزمة تتفاقم مع إسرائيل فى الضفة الغربية بالاعتداء على المسجد الأقصى والتنكيل بالفلسطينيين، ثم تدهورت الأمور بأحداث غزة الحالية.
ثم تطورت الأمور إلى اعتداء سافر من جانب إسرائيل على غزة. والذي مورست فيها ضغوط عنيفة على مصر، كى تفتح حدودها للاجئين الفلسطينيين هربًا من نيران العدو الإسرائيلى الكثيفة والغاشمة، المتعمدة، بقصد تهجيرهم مرة ثانية بعد تهجيرهم الأول منذ عام 1946. والحقيقة أن موقف مصر القوى والواضح، بقيادة الرئيس عبدالفتاح، كان له دور كبير فى منع إسرائيل من تحقيق هدفها. 
الموقف المصرى من القضية الفلسطينية ومن الأزمة الراهنة موقف مبدئى وأساسى، وتم إعلانه مبكرًا. مصر مهتمة بالحفاظ على الشعب الفلسطينى وحمايته داخل أرضه وأثناء ممارسته حقه فى تحرير أرضه وتقرير مصيره. ولا إدارة إسرائيلية لغزة بعد انتهاء الحرب، هو موقف مبدئى من مصر، لأن طرح مثل هذا السيناريو يعيد القضية الفلسطينية 30 عامًا للوراء، ولما قبل توقيع اتفاق أوسلو. وأن إسرائيل هى التي تتحمل مسئولية إفساد صيغة الحكم الذاتى فى غزة والضفة الغربية التى تم التوصل إليها فى أوسلو.
ومما لا شك فيه أن الدولة المصرية، قيادة وحكومة وشعبًا، تقف مع أهالى قطاع غزة، وأن التحدى الكبير الذى يواجه غزة فى ظل المعايير العالمية المزدوجة وفقًا للتعامل مع الأزمات. لا بد أن ندرك أبعاد القضية العالمية وكيفية التعامل العالمى مع هذه المشكلة، وهناك رسائل مهمة جدًا، أن الدولة المصرية رغم ظروفها الاقتصادية قادرة على تقديم الدعم على المستوى المحلى، وعلى المستوى الإقليمى أيضًا.
الملف الثانى هو ملف الغلاء، حيث اكتوى المصريون فى الأيام الأخيرة بنيران الغلاء، وهو وإن كان أمرًا طبيعيًا للظروف الاقتصادية والمتغيرات الدولية، ولكنه، أى الغلاء، كان نتيجة لتطبيق النظام الرأسمالي الغربى بكل وحشيته، وهو ما يحد من دور الحكومة، ويترك السلع خاضعة لسياسة العرض والطلب، وهو ما تحمله الاقتصاد المصرى صاغرًا، ولكن للنظام الرأسمالى ضوابط تحمى الناس من غلواء الرأسمالية وتحكمها عن طريق أمرين فى غاية الأهمية. 
الأمر الأول هو أن الدولة تقوم بمراقبة السوق، وتمنع أى ممارسات احتكارية تنشأ فيها.
الأمر الثانى أن تقوم الدولة بمراقبة جودة المنتج وتتأكد من إعلان السعر للجمهور عن طريق كتابته وإعلانه على أغلفة السلع.
وتسببت مواصلة ارتفاع الدولار فى ارتفاع أسعار المطروح من البضائع فى الأسواق بنسب تزيد على 100% من قيمتها السوقية، ومن أهم السلع المتأثرة بتراجع الدولار هى السكر والزيت والزبد الطبيعي والدواجن واللحوم. 
فقد ارتفعت أسعار اللحوم المذبوحة بكل أنواعها، وقبلها بشهور ارتفعت أسعار المواشى بكل أنواعها فى أسواق الماشية، وظل الارتفاع فى الأسواق فترة طويلة، وبعد فترة تحركت أسعار اللحوم لدى الجزارين، ولكن ليس بمقدار ارتفاع أسعار الماشية، ولكن بأسعار مغالى فيها، مما صب فى مصلحتهم، وما زالت الأسعار ترتفع.
الملف الثالث هو تراجع دور الحكومة فى مصر فى مواجهة الاحتكار والغلاء، خلال الأيام الماضية، حيث شهدت أسعار السلع الغذائية وغير الغذائية والاستهلاكية ارتفاعات حادة ما زالت مستمرة حتى الآن، فلا يزال تباين الأسعار في الأسواق للسلع يثير جدلًا واسعًا بين المواطنين، كما أن الأسعار تتحرك سواء للسلع الغذائية أو المنتجات كل ساعة تقريبًا، وسط غياب واضح لدور الدولة فى الرقابة على الأسواق والسيطرة عليها، بل قامت الحكومة نفسها برفع أسعار العديد من السلع التموينية كالمكرونة والدقيق والصلصة ومساحيق الغسيل، فأصبح الجميع يعانى من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، كما توقع العديد من المسئولين بالغرف التجارية أن ارتفاع أسعار الدولار، فضلًا عن ارتفاع تكاليف النقل والشحن، سيؤدى إلى موجات جديدة من زيادة الأسعار بنسبة لا تقل عن 20%.

تساؤلات عديدة تطرحها أزمة غلاء الأسعار منها: من المسئول عن الأزمة ومن الذى يضع آليات السوق؟ وأين الأجهزة الرقابية؟ وهل هناك آليات رقابية تمتلكها الحكومة ولم تقم بتفعيلها حتى الآن؟! وأين اللجنة العليا التى أعلن وزير التموين عن تشكيلها لتحديد السعر العادل لـ15 سلعة استراتيجية؟ وهو الأمر الذى طالب به العديد من خبراء الاقتصاد من أجل ضبط الأسواق ووضع نهاية لفوضى الأسعار.