رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التصعيد الإسرائيلى

كشفت الحرب الأخيرة على غزة عن ظهور هدف يريد العدو الإسرائيلي تنفيذه بكل قوة. لأجل هذا الهدف صمت آذانها، عن محاولات فرض هدنة أو وقف الحرب لفترة إنسانية لإخلاء الجرحى، وتقديم معونات إنسانية للمدنيين الذين تضرروا من تلك الحرب. 
الهدف الذي تتبناه القيادة اليمينية المتطرفة في إسرائيل، هو ضم ما أمكن من الأراضي الفلسطينية. هناك إرادة سياسية وقوة لتحقيق ذلك، ولا توجد آليات تقيد تلك الطموحات من جانب المجتمع الدولي. لذلك، ستوسع إسرائيل، قدر الإمكان، سيادتها على أراضي فلسطين.
كما تسعى إسرائيل إلى تحقيق هدف آخر، هو تثبيت فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967.. أو بعبارة أوضح فإن هدف إسرائيل إبقاء الانفصال بين الضفة والقطاع لمواصلة التهامها الأرض الفلسطينية.
وإزاء هذا التصعيد والتعنت الإسرائيلي أصدرت القمة العربية الإسلامية التي استضافتها السعودية بيانها الختامي بإدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والدعوة لكسر الحصار ودعوة مجلس الأمن لضمان احترام القانون الدولي.
قبل هذا بأيام نظم المجلس العربي قمة افتراضية للشعوب لبحث سبل التنسيق بين مختلف القوى السياسية والمدنية داخل البلدان العربية والمهجر من أجل دعم الفلسطينيين في غزة.
قمة الشعوب مقابل قمة الأنظمة من بإمكانه أن يساهم بطريقة ناجعة في إيقاف القصف الإسرائيلي وحقن دماء الفلسطينيين.
ولعل أهم النتائج المترتبة على التصعيد الإسرائيلي والتطورات اليومية في قطاع غزة، احتجاج دول عديدة على القصف الإسرائيلي للقطاع. بوليفيا قطعت علاقتها مع إسرائيل، ودول أخرى في أمريكيا اللاتينية مثل تشيلي وكولومبيا قررت استدعاء سفرائها.
أما الدول العربية التي قامت بالتطبيع مع إسرائيل الإمارات والبحرين والمغرب والسودان قد طبعت علاقاتها مع إسرائيل في 2020، وهو ما أشاد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية للأمم المتحدة في وقت سابق، معتبرًا أن العملية أطلقت "عهدا جديدا من السلام". لكن التطورات الأخيرة، وإعلان أن إسرائيل في حالة "حرب" حمل صورة جديدة عن الأجواء المشحونة والخطيرة التي تنتظر المنطقة، والتي قد تعطل "قطار التطبيع"، على الأقل مؤقتًا، في وقت كانت فيه السعودية على أهبة لركوبه بدورها. 
والمملكة الهاشمية استعادت هي الأخرى سفيرها، موضحة أنه لن يعود إلا بعد أن تتوقف الحرب في القطاع. هذه التطورات زادت من التساؤلات عن موقف الدول التي خطت خطوة التطبيع مع إسرائيل. هل ستصمد أمام ضغط الرأي العام العربي والإسلامي المتضامن مع الفلسطينيين.
من المؤكد أن تصعيد الحرب على غزة من جانب إسرائيل، سيكون تأثيره كبيرًا على مسار التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، خاصة وأن غالبية شعوبها غير راضية على تلك الاتفاقات، خاصة مع المملكة العربية السعودية، لاسيما وأن منظمة التعاون الإسلامي، التي تترأسها الرياض حاليا، جددت إدانتها لما وصفته "العدوان العسكري الإسرائيلي الذي أدى إلى سقوط مئات الشهداء والجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني".
مع الساعات الأولى من العدوان على غزة في 7 أكتوبر الماضي، خرجت الخارجية المصرية في بيان لها، تدعو خلاله الأطراف الدولية للتدخل الفوري ووقف التصعيد في القطاع، وحثت إسرائيل على وقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني، والالتزام بقواعد القانون الدولي.
وخلال الأيام التالية، بدا دور مصر واضحًا تجاه القضية، سواء بتصريحات من مسؤوليها وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأنّ القضية الفلسطينية قضية ذات أهمية كبرى لمصر ولن يتم التخلي عنها، واستمرت مصر في دعمها الواضح والصريح عن طريق الإعلان عن إرسال واستقبال مساعدات إنسانية وإغاثية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إضافة إلى إعلانها بشكل رسمي عدم إغلاق معبر رفح.
كانت لدي مصر رؤية مستقبلية، تجاه التصعيد، وأطلقت تحذيرات بما سيحل بالمنطقة من ويلات الحرب، واتساع رقعة الصراع، في حال استمر تصعيد العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وتنبأت بأن احتدام النزاع سيقود لاشتعال جبهات أخرى ولا سيما اللبنانية والسورية، والعراقية، وهو الأمر الذي تحقق بالفعل، مع تعدد العمليات التي استهدفت قواعد أمريكية بالمنطقة، منذ انطلاق عمليات طوفان الأقصى في أكتوبر.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد حذر في السابق من انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية، يكون تأثيرها مدمرا، وذلك خلال لقائه برئيس الوزراء البريطاني سوناك، مؤكدا "أنه يجب منع انزلاق المنطقة في حرب على مستوى الإقليم بالكامل يكون تأثيرها على السلام في المنطقة، لذلك نحتاج إلى إحياء السلام مرة أخرى وإعطاء أمل للفلسطينيين في إقامة دولتهم على حدود يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية.