رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إصلاح شامل.. جهود "المركزي" لتحقيق الإصلاح النقدي

أرشيفية
أرشيفية

تقوم مصر بجهود كبيرة على مدار السنوات الماضية لتقدم الاقتصاد في كافة مناحي الحياة، لكي يشعر المواطن بالتغيير، فعلى مستوى الإصلاح النقدي اتخذ البنك المركزي المصري قرارًا ببداية الإصلاح الاقتصادي بتحرير سعر الصرف في مطلع نوفمبر 2016، ليتم تسعيره وفقًا لقوى العرض والطلب.

واستهدف البنك المركزي من تلك السياسات إصلاح التشوه السعري بسوق الصرف والقضاء على السوق الموازية، وتمكين الدولة من توفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع الأساسية والوفاء بالتزاماتها نحو الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصرية.

كما استهدف البنك المركزي بناء الاحتياطي الأجنبي لمستويات ما قبل أحداث يناير ليغطي الواردات لمدة 6 أشهر على الأقل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والسيطرة على الموجة التضخمية الناتجة عن تحرير سعر الصرف، وتحقيق مستهدفات السياسة النقدية في استقرار الأسعار على الأجل المتوسط، وفي سبيل تحقيق تلك الأهداف السابقة اتخذ البنك المركزي مجموعة من القرارات التي تتمثل في التالي:

  • تخفيف القيود الرقابية التي سبق فرضها على عمليات النقد الأجنبي ومن أهمها حدود السحب والإيداع، والتي أسهمت في القضاء على السوق الموازية للنقد الأجنبي.
     
  • توفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع الأساسية وكذلك سداد مستحقات الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصرية.
     
  • بناء الاحتياطيات الأجنبية والتي وصلت لمستويات تاريخية بالرغم المخاطر التي تعرضت لها الأسواق الناشئة في منتصف عام 2018.
     
  • اتباع سياسة نقدية تقييدية من أجل السيطرة على معدلات التضخم والتي تضمنت استخدام مزيج من أدوات السياسة النقدية منها سعر الفائدة، نسبة الاحتياطي الإلزامي وعمليات السوق المفتوح للسيطرة على مستويات السيولة بالسوق المصرفية.
     
  • إعلان مستهدفات التضخم في البيانات الصحفية للجنة السياسة النقدية لأول مرة في تاريخ البنك المركزي مما يزيد من مستويات ثقة المستثمرين والمستهلكين في الاقتصاد المصري وقدرة المركزي على الإبقاء على معدلات التضخم ضمن مستوياتها المستهدفة.

انكس كل هذا إيجابيًا على الاقتصاد المصري في العديد من المؤشرات، من بينها مؤشرات ميزان المدفوعات والذي تطور فيها عجز الميزان التجاري، ليتقلص من 39.1 و38.7 مليار دولار لعامي 2014/2015 و2015/2016 على التوالي لتصل إلى 36.4 مليار دولار بحلول عام 2019/2020، ليرتفع عقب ذلك إلى 43.96 مليار دولار بحلول عام 2022/2021، وذلك بفعل تأثيرات الأزمات العالمية كجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية على أداء الصادرات والواردات المصرية.

غير أن الأمر الإيجابي أن الاقتصاد المصري حقق فائضًا في ميزان المعاملات البترولية إذ بلغت الصادرات البترولية نحو 17.9 مليار دولار في العام 2021/2022 مقابل الواردات البترولية البالغة 13.5 مليار فقط خلال نفس العام، يرجع هذا إلى ارتفاع معدلات إنتاج المواد البترولية وخصوصًا الغاز الطبيعي في ظل الاكتشافات الحديثة.

في الوقت نفسه وعلى صعيد الميزان الخدمي، تضاعف فائض الميزان الخدمي مدعومًا بزيادة ملحوظة في إيرادات السياحة وحصيلة قناة السويس، إذ أسهم تحرير سعر الصرف الذي ساعد على تحسن مستوى مصر في مؤشرات تنافسية السياحة وهو ما انعكس بدوره على إيرادات السياحة والتي شهدت تزايدًا ملحوظا في أعقاب تحرير سعر الصرف حيث بلغت 10.3 مليارات دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالي الماضي 2022 وهو ضمن مستويات الأداء المرتفعة حتى بالمقارنة مع ما قبل ثورة يناير ومقابل 3.8 مليارات دولار خلال عام 2015/2016 أي بنسبة زيادة قدرها 36.9%.

وبالنسبة لإيرادات قناة السويس، فقد أنعشت خزينة الدولة بحجم إيرادات بلغ 9.4 مليارات دولار خلال العام المالي /2022/2023 لتتجاوز تلك القيمة ما تحقق من قبل بالرغم من الأزمات العالمية المتتالية.

إذ بلغت إيرادات قناة السويس 5.2 مليارات دولار عام 2015 وخلال السنوات اللاحقة كانت الحصيلة أعلى قليلًا أو أقل قليلا عن تلك النسبة حتى بدأت في الارتفاع منذ عام 2021 لتحقق 6.3 مليارات دولار ثم نحو 8 مليارات دولار عام 2022، لتصل أخيرًا إلى 9.4 مليارات دولار خلال العام المالي 2023/2022.

وفي التدفقات الاستثمارية، يعد التحسن الأبرز الذي تبع تحرير سعر الصرف هو تدفقات استثمارات المحافظ الأجنبية، حيث تخطت 30 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف، وهو ما يؤكد على جاذبية الاستثمارات المالية المصرية للمستثمرين الأجانب.

كما أن الميزان المالي قد حقق تدفقات قدرها 4.2 مليارات دولار خلال عام 2018/2019 مقابل 12.1 مليار دولار خلال عام 2017/2018 ليصل إلى 7.3 مليار دولار عام 2019/2020، وهو ما يتوافق مع الأحداث العالمية، فالحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد أثرت سلبيًا على تدفقات استثمارات الحافظة بجانب جائحة فيروس كورونا المستجد، إلا أنه معتحسن الأوضاع عادت لتحقق 18.7 مليار دولار خلال عام 2020/2021.

وبشكل عام، ارتفعت التدفقات الاستثمارية خلال العام الحالي 2023 بنسبة 72% بفضل التسهيلات التي قدمتها الدولة للمستثمرين على خلفية 22 قرارًا صادرًا من المجلس الأعلى للاستثمار.

وجاء ارتفاع التدفقات الاستثمارية مدعومًا بارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال عام 2022 إلى 8.9 مليارات دولار مقابل 5.2 مليارات دولار في 2021، وخلال الربع الأول من العام الحالي 2023، ارتفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر ليصل إلى حوالي 3.3 مليارات دولار، لتحقق مصر المركز الأول على مستوى دول شمال إفريقيا في مؤشر التدفقات الواردة من الاستثمار الأجنبي، والأولى عربيًا من حيث نمو الاستثمارات الأجنبية.

كل تلك التطورات، أسهمت في تحقيق فائض في ميزان المدفوعات يتخطى 26 مليار دولار خلال عامي 2016/2017 و2017/2018، في الوقت الذي شهد فيه عام 2018/2019 تباينًا في آداء الموازين الثانوية وهو ما انعكس على ميزان المدفوعات سلبًا ليحقق عجزًا بمقدار 0.1 مليار دولار، إلا أن ميزان المدفوعات حقق فائضا قدره 1.86 مليار دولار في العام 2020/2021.

وبنهاية سبتمبر من العام الماضي 2022، حقق ميزان المدفوعات المصري فائضا كليا بلغ 523.5 مليون دولار، مدعومًا بارتفاع الإيرادات السياحية وحصيلة الصادرات السلمية البترولية وغير البترولية، إلى جانب تصاعد إيرادات قناة السويس وارتفاع صافي التدفق الداخل للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر.