رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ابني كمان وكمان


     تمت إجراءات الانتخابات الرئاسية عام 2014 وأعلنت النتائج بفوز المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، بنسبة أصوات تجاوزت 95 %. بالفعل كانت هذه النسبة منطقية؛ لسبب بسيط جدًا، فقد كان اختيار الناس منحازًا لرجل شجاع تحمل مسئولية الوطن حين استدعاه الشعب، واتخذ قرار المواجهة وفرض الإرادة الشعبية. حين تولى الرجل سدة الحكم كانت أقصى أماني المتفائلين تتلخص في أن ينجح الرئيس الجديد في استعادة الاستقرار إلى البلاد بعد ثلاث سنوات من الانفلات الأمني، وعدم الاستقرار السياسي.
 تحرك الرجل بسرعة غير معتادة من المؤسسة، في ذلك الحين؛ فاستعاد لمصر الثقة الدولية، ونال احترام المجتمع الدولي بسرعة وبثبات وبثقة، غير أن هذا الملف لم يشغله، رغم شدة أهميته، عن النظر لما هو أبعد، فالذي جرى أن تحمل مسئولية 100 مليون مواطن وإدارة شئونهم اليومية، لم يمنعه من الانشغال بملف أهم وأصعب، إذ توجه الرئيس بكل عزيمة نحو البناء؛ فنجح في مدى زمني قصير في توجيه أعين المواطنين نحو البناء كفكرة في حد ذاتها. جيّش الرئيس الشعب نحو مشروعات هامة، من بينها: ازدواج قناة السويس، وشق الطرق الجديدة وتعبيد المتهالك من القائم منها فعلا، وبناء وحدات سكنية آدمية وصحية، وسعى ونجح في القضاء على العشوائيات أو ما اصطلح على تسميته بأدب رئاسي رفيع المناطق غير الآمنة، واهتم برفع كفاءة شبكة الكهرباء، وبذل ويبذل جهودًا حثيثة في إصلاح منظومة التأمين الصحي، وسعى ويسعى للاهتمام بإصلاح التعليم على مستوى الحجر والبشر في حدود الإمكانات المادية المتاحة.
 و لأننا في منطقة ملتهبة سياسيًا، فقد فرضت الأحداث نفسها على كل دول الشرق الأوسط، إذ لا يخفى على أحد تلك الأحداث الدامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي ندعو الله أن تنتهي قريبًا حقنا لدماء الأبرياء من أهلنا الفلسطينيين، ورغم كل هذا الذي يجرى على المستويين الإقليمي والدولي وتأثر اقتصادنا الوطني به، إلا أن السيد الرئيس استمر في فلسفته التي أصبحنا نستوعبها، والتي يمكن إيجازها في كلمة واحدة هي "البناء"، وما أعظمها من كلمة، رغم ثقلها الشديد كمسئولية بما تفرضه من تبعات مالية وإدارية وضرورة متابعة دورية وحاجتها الماسة لفريق عمل يمتلك الكفاءة والإخلاص والإيمان بالمهمة بنفس درجة قناعة المسئول الأول.
  وخلال هذا الأسبوع تابعنا حدثين لهما دلالة سياسية عميقة لا تخفى على أحد، فضلًا عمّا يحملانه من مضامين تنموية لا تقل أهمية عن البعد السياسي لهما. الحدث الأول الذي استرعى انتباهي واهتمامي هو تلك الإضاءة الجديدة التي سلّطها الرئيس على ملف الصناعة، حين تابعنا افتتاح الملتقى والمعرض الدولي السنوي للصناعة في نسخته الثانية، والذي أكد خلاله ضرورة تغطية الصناعة لاحتياجات السوق المصرية.
  شدد السيد الرئيس على أهمية أن تكون النسبة بين حجم الصادرات ومستلزمات الإنتاج الدولارية نسبة منطقية، مشيرًا إلى أهمية الاعتماد على الصناعات الصغيرة والمتوسطة؛ لخفض فاتورة الاستيراد، وتقليل الاعتماد على العملة الصعبة، وفي ذات الوقت فتح آفاق جديدة بتوفير فرص عمل لمواطنينا، وهذا أمر كما تعلمون شديد الأهمية لتلبية احتياجات السوق، ولزيادة نسبة المكون المحلي في كل الصناعات ولتشغيل القوى البشرية المعطلة.  إنها تنمية شاملة تسعى الدولة المصرية لتحقيقها، وتحرص على أن تكون تنمية وطنية، ونحن هنا وفي هذه الحالة نثبّت أحد أهم دعائم الاستقرار ليس فقط الاقتصادي، ولكنه الاستقرار الأمني والسياسي ومن ثم الاستقرار الاجتماعي.
 الحدث الثاني الذي تابعناه باهتمام شديد، وأكد أن الدولة جعلت من التنمية الشاملة في كل المجالات توجهًا استراتيجيًا وليس مجرد شعار، ولا هو بناء مرحلي استجابة لضرورة ما، كان زيارة د. مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الذي آثر العمل الجاد والدءوب، ولكن في صمت، محافظة شمال سيناء، وقيامه بتدشين عملية التنمية الكبرى بالمحافظة الحدودية المجاورة لأكثر مناطق العالم التهابا، في المرحلة الحالية، باستثمارات تجاوز مجموعها 400 مليار جنيه.                                                   

  للأمر دلالة لا تخفى على أحد أوضحتها تصريحات رئيس الحكومة المصرية، والتي قالها واضحة وبكل ثقة: مستعدون للتضحية بملايين الأرواح مقابل ذرة واحدة في رمال سيناء. وتأكيده من جديد على ما أكدته مواقف وكلمات سابقة للقيادة السياسية من أننا لن نسمح بتصفية قضايا إقليمية على حساب مصر، وأن مصر لن تقبل أن يفرض عليها أي وضع، وأن هناك قرارًا استراتيجيًا للرئيس، هو تنمية سيناء على كل الأصعدة، حتى لا تكون مطمعًا لأي أحد.                                          
      ولأنني رجل قد يتهم بشيء من الرومانسية، فقد تذكرت في هذا الموقف تلك الكلمات الرائعة للشاعر عبدالوهاب محمد، والتي شدت بها كوكب الشرق في رائعتها "حق بلادك" بلحن عبقري لرياض السنباطي إذ تقول: كلنا جندي في كل ميدان هنا وهناك وفي أي ميدان.. الزراع ويّا الصنّاع أهل العلم مع الفنان. وهنا تعلو أهمية البيت الأهم الذي يشدني كلما استمعت إليه "زي ما لينا حقوق مشروعة ندي وطننا حقوقه كمان". في اعتقادي أنه ما من مصري واع ومدرك حقيقة الأوضاع المحيطة إلا وسيكون على أهبة الاستعداد للعطاء؛ حفاظًا على هذا الوطن الذي لا نمتلك غيره.                                                                                                      


لنا جندي في كل ميدان
هنا وهناك وفي أي مكان
الزراع ويا الصناع
أهل العلم مع الفنان
الزراع ويا الصناع
أهل العلم مع الفنان
زي ما لينا حقوق مشروعة
ندي وطنا حقوقه كمان.