رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وقف الحرب في غزة قبل فوات الآوان.. كلمة قوية لمندوب مصر بالأمم المتحدة

السفير أسامة عبد
السفير أسامة عبد الخالق

ألقى السفير أسامة عبد الخالق مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الجمعة، بيان مصر أمام الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة تحت عنوان "الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة".

وجاء نص كلمة مندوب مصر لدى الأمم المتحدة كالتالي:

"السيد/ دينيس فرانسيس رئيس الجمعية العامة

السادة الحضور..

أتقدم لكم بالشكر للدعوة لعقد هذا الاجتماع للدورة الطارئة العاشرة للجمعية العامة لبحث الأوضاع المأساوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة بعد تعثر مختلف الجهود المتكررة الرامية لإصدار قرار من مجلس الأمن بشأنها ولأسباب لا تخفى على أحد.

السيد الرئيس، ما أيسر أن ندلى ببيان نمطي متضمنًا التحذير من المخاطر الجسيمة للنزاع الدائر، نشجب فيه العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة ونستعرض وحشية هذا العدوان وانتهاكه لكافة القوانين الدولية والقيم الإنسانية ونكرر الدعوة لحماية الشعب الفلسطيني وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

السيد الرئيس، ما أصعب أن نضطر إلى تكرار كل ما تقدم أمام كافة المحافل التي ناقشت الأزمة، وفي مقدمتها قمة القاهرة للسلام التي استضاف خلالها السيد رئيس الجمهورية الكثير من قادة العالم في محاولة للخروج من هذه الأزمة، وبعدها النقاش المفتوح في مجلس الأمن حول الشرق الأوسط أول أمس، وثنائيًا مع كافة الأطراف الدولية المؤثرة التي تواصلت مع مصر.. رغم اقتناعنا أن الحق بين وجلى، ولا يحتاج لشرح متكرر، أو استفاضة لو استخدمنا جميعًا مكيالًا واحد لا مكيالين هو مكيال واحد نعرفه جميعًا.

4 أسئلة مصرية قوية للأمم المتحدة حول غزة

لا لاستهداف المدنيين.. لا للإرهاب.. لا لخرق القانون الدولي الإنساني.. لا لقصف المستشفيات والمراكز الطبية.. لا لقتل الأطفال.. ولا للحصار وقطع الاحتياجات الضرورية للحياة عن البشر.. ولا للتهجير القسري وتصفية حقوق البشر.. كل البشر متساوون.

لقد اخترنا الخيار الأصعب أن نكرس جهدنا، وعملنا للخروج بموقف واضح من الجمعية العامة بشأن ما تشهده الأراضي الفلسطينية من انتهاكات وجرائم، حتى لا نكون شيطانًا أخرس سكت عن الحق بحسب المثل العربي البليغ.. في وقت تتعامى فيه العديد من الأصوات عن قول الحق.

ولم يعد الصمت خيارا.. فقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى على ما يجري لأهل فلسطين.. الموقف المطلوب واضح ومباشر.. ولا يتجاوز التأكيد على أبسط القيم الإنسانية، وأبسط مبادئ القانون الدولي، وأبسط الأعراف السياسية والدبلوماسية في حالات النزاع المسلح، وهنا نؤكد على النقاط التالية:

أولًا: من البديهي عند تفجر التوتر وجولات التصعيد، أن تعمل المنظومة الأممية على وقف إطلاق النار.. ذلك ليس بانحياز لطرف، أو دعمًا للإرهاب، بل هو لحقن الدماء البريئة، والحيلولة دون المزيد من التصعيد وتأكيد على قدرة الأمم المتحدة على الاضطلاع بدورها في صيانة أبسط حق في ميثاق حقوق الإنسان، ألا وهو الحق في الحياة.. هذا الحق الذي نسيه المتشدقون بحقوق الإنسان، الذين باتوا مع التبريرات التي سمعناها لاستمرار هذه الحرب، متواطئين مباشرة في التجاوزات التي نشهدها.

وقف إطلاق النار... هل ذلك بصعب؟

ثانيًا: إن سياسات الحصار، والتجويع، والحرمان من الاحتياجات الأساسية غذاء ودواء، بما في ذلك الماء.. الماء أيها السادة الحضور.. لا مكان لها في القرن الواحد وعشرين.. فهي تذكرنا بممارسات العصور الوسطى.. ومن ثم يتعين أن تصدر الجمعية العامة رسالة واضحة لا لبس فيها بضرورة نفاذ هذه الضروريات إلى قطاع غزة، دون قيد أو شرط، إذ أن الحرمان من المساعدات الإنسانية، تحت هذه الظروف، ما هو إلا حكم بالموت على أهل غزة.

مساعدات إنسانية بآلية منظمة ومحكمة تشرف عليها الأمم المتحدة.. هل ذلك بصعب؟

لا لتهجير الفلسطينيين

ثالثًا: إن أية محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني داخل أراضيه أو لدول الجوار، لثالث مرة في تاريخه بدعوى حمايته، أو بأي دعاوى أخرى.. يتعين مجابهتها بالحزم كل الحزم، والتأكيد على رفضنا القاطع لها. ولا يسعنا هنا إلا أن نشير إلى ما تناوله بعض الساسة هنا في نفس القاعة في دورة طارئة مماثلة متباكين على حقوق ستضيع، بينما نلمس منهم تفهمًا، بل تماشيًا مع التهجير القسري للفلسطينيين لدول المنطقة، ولم لا، فقد اعتادوا تجاهل هذا الشعب والتغاضي عن قضيته لعقود، والاستهتار بحقوقه وحقوق شعوب المنطقة، حتى وصلنا إلى الحضيض.

لا للتهجير القسري.. هل ذلك بصعب؟

رابعًا: لقد ألحت القيادة الفلسطينية مرارًا وتكرارًا على توفير الحماية الدولية لشعبها القابع تحت الاحتلال، خاصة في ظل تكرار تجاوزات ميليشيات المستوطنين المسلحين، ولكن لا حياة لمن تنادي.. ولا يسعنا هنا وأمامكم جميعًا إلا أن نطالب بضرورة تفعيل هذه الحماية.. عسى أن يستيقظ ضمير من يتباكون على حقوق الإنسان.. كل إنسان، إلا حقوق الإنسان الفلسطيني.. يتجاهلونها ويديرون ظهرهم لها.

السيد الرئيس والسادة الحضور.. على عكس ما يدعيه مؤيدو قتل النساء والأطفال، وضرب الحصار وفرض التهجير، وغيرهم من أنصار الحرب، بأنها تهدف لمكافحة الإرهاب واجتثاثه، فالواقع هو أن الفشل في اتخاذ إجراءات ناجعة وفورية لوقف هذه الحرب، سيؤدي لا محالة إلى إذكاء نار الإرهاب، والدفع بأجيال يافعة بأكملها في أحضان الفكر المتطرف.

كما أن الحقيقة هي أن عدم وقف هذه الحرب.. الآن وقبل فوات الأوان.. المنطقة إلى حرب إقليمية مدمرة، تتأثر بها مصالح الدول التي تتلكأ في المطالبة بوقفها أكثر من مصالح غيرها. 

والحقيقة أيضًا أن عدم الانطلاق من أتون هذه الأزمة بتصور واضح لإعادة إحياء عملية سلام جادة تعالج جذور الأزمة الحالية، وتفضي إلى حل الدولتين، سيكون خطأ جسيمًا ومزمنًا تحاسبنا عليه الأجيال، على تقصيرنا وعلى قصر نظرنا.

جهود مصر لوقف إطلاق النار

السادة الحضور،

ستستمر مصر - الدولة الرائدة في إرساء السلام في المنطقة - في جهودها الحثيثة لوقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، ونفاذ المساعدات الإنسانية، والتوسط لإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين والعمل على تهيئة المجال لاستئناف وإعادة إحياء العملية السلمية التي تعد السبيل الوحيد لإرساء السلام والاستقرار.

لكل ما تقدم أدعوكم لدعم مشروع القرار قيد النظر في اجتماعنا اليوم والتصويت لصالحه إعمالًا لمبدأ العدالة والكيل بمكيال ومعيار واحد دافعه وقف القتل وحفظ السلم والأمن الدوليين وحماية المدنيين، على أمل أن يمثل موقفكم هذا نواة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

السادة الحضور،

أوقفوا هذا العبث.. أوقفوا هذه الحرب فورًا.

ساندوا الحق.. صوتوا لصالح القرار.. أنقذوا السلام.

هل ذلك بصعب؟

شكرًا".