رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرية الاتجاه الواحد.. تصعيد الاحتلال الإسرائيلى فى غزة يفضح كذبة الحياد فى وسائل الإعلام الغربية

غزة
غزة

 

سقطات متعددة للإعلام الغربى أثناء تغطيته أحداث التصعيد الحالى بين إسرائيل والفلسطينيين، بدأت بالتحيز السافر لوجهة النظر الإسرائيلية فى الأزمة الحالية وترويجها بكل السبل، واستمرت عبر تجاهل العدوان الإسرائيلى المستمر وقتل آلاف المدنيين فى قطاع غزة، إلى أن وصلت لمرحلة التحقيق والفصل للإعلاميين من أصحاب الضمائر، الذين حاولوا التعبير عن وجهة نظر مخالفة لإعلام «الصوت الواحد». 

ومع تصاعد الانتقادات الدولية والشعبية للعنف الإسرائيلى المفرط ضد القطاع، كشفت وسائل الإعلام الغربية، التى ادعت طويلًا حياديتها تجاه الأحداث الدولية، وعلى رأسها هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» وشبكة «سى إن إن» الإخبارية الأمريكية، وصحف دولية مثل «الجارديان» و«التليجراف»، عن وجهها الحقيقى وفضحت كذبة الحياد التى روجتها لسنوات طويلة، بعد أن عملت على فرض الرواية الواحدة وتكميم الأفواه، ومعاقبة كل من يحاول إبداء رأيه الخاص حول معاناة المدنيين وسقوط الضحايا، حتى لو كان من بين العاملين بها، وحتى لو اكتفى بإبداء رأيه عبر حسابات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعى. 

The Guardian: تفصل رسام كاريكاتير بتهمة معاداة السامية 

فصلت صحيفة «الجارديان» البريطانية رسام الكاريكاتير ستيف بيل، الذى يعمل معها منذ نحو ٤٠ عامًا.

وقال «بيل» إنه تم فصله بسبب رسومات كاريكاتيرية تظهر بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، وهو يرتدى قفزات ملاكمة ويدعو الفلسطينيين للخروج من غزة لرسم حدود جديدة للقطاع.

وأوضح «بيل» أن الصحيفة البريطانية ذائعة الصيت اعتبرته «معاديًا للسامية»، كما منعته من نشر عدد من رسوماته، رغم أن توظيفه مستمر معهم حتى شهر أبريل المقبل.

يأتى قرار الفصل فى أعقاب رد فعل عنيف ضد «بيل»؛ بسبب الرسومات التى يصور فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى وهو يقوم بتحديد شكل قطاع غزة بآلة حادة، وجاء فى التعليق: «يا سكان غزة، اخرجوا الآن». وفسر البعض الكاريكاتير على أنه إشارة إلى «شيلوك»، المقرض اليهودى فى مسرحية شكسبير الشهيرة «تاجر البندقية»، الذى يطلب «رطلًا من اللحم» من شخص لا يستطيع سداد ديونه.

لكن «بيل» قال إن الصورة تشير إلى رسم كاريكاتيرى لديفيد ليفين من الستينيات، الذى يُظهر الرئيس الأمريكى آنذاك ليندون جونسون، مع ندبة على جسده على شكل خريطة فيتنام، لافتًا إلى أن الإشارة لعمل «شكسبير» ليست فى محلها.

 

 CNN تتعمد التضليل وترويج الرواية الإسرائيلية

 

فى السياق ذاته، حاولت شبكة «CNN» الأمريكية أن تتفوق على الجميع فى انحيازها السافر لوجهة النظر الإسرائيلية، وتغطية الأخبار فى غزة عبر قنواتها المختلفة بازدواجية معايير واضحة، وسط تقارير تستدر العطف لصالح إسرائيل دون الالتفات لآلاف الضحايا من الفلسطينيين. وخلال البث عبر قناة الإنجليزية، وهى القــناة الرئيســـية لـCNN، تعمدت الشبكة الأمريكية أن تعرض مشاهد متنوعة ومطولة تبرز تعرض إسرائيل لصدمة؛ جراء هجوم الحركات الفلسطينية، مع نشر لقاءات وتحليلات تدعم إسرائيل مع تجاهل استهداف المدنيين الفلسطينيين داخل غزة.

وفى الوقت ذاته، اتبعت قناة «CNN عربية» تغطية أقل حدة فى الانحياز لصالح إسرائيل، لكن دون التعرض للمأساة الإنسانية التى يعيشها الفلسطينيون داخل غزة بسبب العدوان الإسرائيلى المستمر ضدهم. واستهدفت الشبكة الأمريكية توجيه الرأى العام الذى يتابعها، حسب لغته، وفقًا لرواية مزيفة وملفقة للأحداث، تروج لرأى واحد يبرز الصوت الإسرائيلى ووجهة نظره فى الأحداث. 

BBCتحقق مع 7 من مراسليها لدعم فلسطين على مواقع التواصل

أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» عن فتح تحقيق عاجل مع مجموعة من مراسليها الذين يعملون فى قناتها الناطقة بالعربية؛ بسبب الإعلان عن دعمهم القضية الفلسطينية على حساباتهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعى.

وبدأت «BBC» التحقيقات بالفعل مع ٧ من مراسليها فى الشرق الأوسط، وهم: الإعلامى البارز محمود شليب، والإذاعية آية حسام، والمراسلة سالى نبيل، والصحفية سلمى خطاب، مقيمة فى القاهرة؛ وسناء الخورى، مراسلة الشئون الدينية المقيمة فى بيروت، وندى عبدالصمد، مسئولة البرامج فى بيروت، وعمرو فكرى المراسل والمحلل الرياضى.

واعتمدت الهيئة البريطانية فى تحقيقها ضد الإعلاميين السبعة على أنهم وصفوا الإسرائيليين بـ«المستوطنين»، كما دعموا الهجمات الفلسطينية ضد إسرائيل، وأظهروا تعاطفهم مع المدنيين الموجودين داخل غزة!

وأصدرت «BBC» بيانًا حاولت خلاله تثبيت ادعاءاتها، قائلة: «نحن نتعامل مع مزاعم انتهاكات إرشاداتنا التحريرية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعى بمنتهى الجدية، وإذا وجدنا انتهاكات فسنتعامل معها، بما فى ذلك اتخاذ إجراءات تأديبية».

وتظهر تلك التحقيقات مدى تحيز «BBC» لإسرائيل، ومنعها صحفييها ومراسليها من مجرد التعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطينى وقضيته عبر حساباتهم الشخصية، كما تم التأكيد على أن أحدًا من هؤلاء المراسلين لن يعودوا للعمل معها مرة أخرى.

ويظهر هذا التحيز الواضح من قبل هيئة الإذاعة البريطانية، تجاه إسرائيل، فى العديد من المواقف، سواء عبر التغطية غير المحايدة، أو تقديم الاعتذارات لتل أبيب.

وسبق أن اعتذرت «BBC» علنًا، فى وقت سابق، عن استخدام إحدى مذيعاتها جملة «القوات الإسرائيلية سعيدة بقتلها الأطفال»، خلال مقابلة للقناة مع نفتالى بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق، بعدما وصفت الهيئة البريطانية تلك الجملة حينها بـ«غير اللائقة»، وقدمت اعتذارًا لإسرائيل على هذا التوصيف الذى استخدمته مذيعتها. 

 

The Telegraph تدافع عن تكميم الأفواه.. وتدين قتل المدنيين فقط إن كانوا إسرائيليين

استمرارًا لسياسة تكميم الأفواه فى الإعلام الغربى، اتبعت صحيفة «التليجراف» البريطانية نهج التضليل فى معظم تغطيتها للتصعيد الحالى فى غزة، مع دعم جريمة زميلتها «BBC» فى التحقيق مع إعلاميين أبدوا رأيهم فى قضية دولية وإنسانية على مواقع التواصل الاجتماعى. وعنونت الصحيفة البريطانية تقريرها عن تحقيق «BBC» مع مراسليها بـ«يبدو أن مراسلى BBC فى الشرق الأوسط يبررون قتل المدنيين على يد حماس».

وتجاهلت «التليجراف» الحديث عن استشهاد مئات الفلسطينيين، ومقتل عدد كبير من الأطفال والنساء بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة والمستمرة ضد المنازل والمستشفيات والمدارس داخل قطاع غزة المحاصر لأكثر من أسبوع. 

وحاولت الصحيفة الدولية الترويج لوجهة النظر الإسرائيلية، التى تزعم بأن أى ضرر تلحقه بالمدنيين الفلسطينيين هو بسبب استغلال حركة «حماس» لهم، مع تحميل الحركة المسئولية عن محاولات إسرائيل تهجير الفلسطينيين من منازلهم.

وقالت، فى تقرير لها بعنوان «الفلسطينيون مستهلكون بالنسبة لحماس»: «تستخدم حماس النساء والأطفال المحاصرين فى القطاع كدروع بشرية.. ومقاتلوها يحفرون فى المناطق المدنية، (المقصود حفر الأنفاق)، ولهذا السبب فإنهم يائسون ويحاولون منع الناس من الفرار من مدينة غزة، كما حثهم الإسرائيليون».

وتعمدت الصحيفة البريطانية عدم تسليط الضوء على المعاناة الإنسانية التى يعيشها الفلسطينيون فى قطاع غزة؛ جراء القصف العنيف للطيران الإسرائيلى، مع تجاهل قرار السلطات الإسرائيلية بقطع إمدادات الماء والكهرباء والوقود عن الأسر والمدنيين داخل القطاع، والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للقانون الدولى، الذى يعطى الأولوية لسلامة المدنيين ولا يبرر قصفهم دون هوادة.